حراك "لمعلمين" يصدر وثيقة جديدة (نص الوثيقة)

خميس, 2014-07-17 11:08

إن حراك أية مجموعة بشرية مكتوية بنار الظلم والتهميش والإقصاء والازدراء أمر حتمي وقدر لا مناص منه، متى ما توافرت له الشروط الموضوعية، كأن تخبو في النفوس جذوة الأمل بغد أفضل، أو حين لا يرى الناس أيَّ ضوء في نهاية نفق معاناتهم... حينئذٍ تزف ساعة الحقيقة ولحظة المكاشفة ليعبّر الضحايا عن نفاد صبرهم وعن حجم معاناتهم، معلنين عن تطلعاتهم المشروعة التي كفلها لهم الدين الحنيف ونص عليها الدستور وأقرّتها حقوق المواطنة. إن ثورات المستضعفين المهمشين على واقعهم المرير وتَوقهم الدءُوب إلى العدالة والمساواة أمر تمليه الفطرة البشرية السليمة وتعضّده الشرائع السماوية وتدعم بلوغ غاياته ومآلاته؛

قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾، وبهذا المعنى يصبح دفاع المستضعفين عن أعراضهم ومطالبتهم بحقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية في وطنهم وضمن مجتمعهم، أمرا مشروعا إن لم نقل واجبا، طالما تقيّد دعاةُ هذه الحقوق بالضوابط الشرعية واتّسم حراكهم بالسلمية ونأى بنفسه عن الدعوات العنصرية وسَلِم من أي شكل من أشكال العنف سواءً كان عنفاً مادياً أو معنوياً أو لفظياً...

لقد اتّسم "حراك لـمْعَلْمِينْ" طيلة مسيرته النضالية بكل هذه الصفات الحميدة وأعلى من شأن هذه المعاني النبيلة، حيث كان ولا يزال وسيظل متّسماً بسلمية حراكه واعتدال خطابه...

وسيبقى كذلك محافظا على الوحدة الوطنية باعتبارها مُقدّساً لا يمكن المساس به وخطّاً أحمر لا مساومة عليه.

إن "حراك لـمْعَلْمِينْ" وُلد من رحم معاناة شريحة بأكملها عانت طيلة عقود من الزمن أبشع المعاناة ونُعتت بأسوإ النعوت وهمّشت طيلة نصف قرن من الزمن هي عمر الدولة الموريتانية الحديثة، رغم عظيم تضحيات الأجداد وجليل فضلهم على المجتمع الموريتاني الذي ظل إلى عهد قريب يتوكَّـأُ على نفائس ابتكاراتهم، ويعتمد على غزير إنتاجهم الذي وفّر جميع الحاجيات وزاد عليـها ليلبِّـيَ الكثير من الكماليات، فاستحقوا لقب "خير الناس" لكونهم أنفع الناس، كانوا ومازالوا، لكن جزاءهم لم يكن يوما من جنس عملهم. لقد ارتأى "حـراك لـمْعَلْمِينْ" أن يخرج من الإطار النظري البحت إلى الإطار العملي، ليجيب من خلال هذه الوثيقة المطلبيّة على سؤال طالما تردد على الشفاه مفاده لماذا حراك لـمْعَلْمِينْ؟ وماذا يريد لـمْعَلْمِينْ؟

ليضع أمام المجتمع الموريتاني ا لكريم وصانعي القرار الوطني هذا التصور ليشكل خارطة طريق لرد الاعتبار لهذه الشريحة الكريمة وإعطائها حقوقها على كافة الصُّعُد وفي جميع المجالات لتحسين صورتها ولتَتَـبَوَّأ المكانة التي تستحقها تقديراً لدورها الريادي في خدمة المجتمع الموريتاني القديم، وتقديراً كذلك لتضحياتها التاريخية في محاربة الاستعمار ونشر دين الله، وتثميناً أيضا لمنتوجها التراثي والارتقاء به والقائمين عليه، لينال التقدير والتكريم الذي يستحقه باعتباره ركناً ركيناً في هُوية الأمة الموريتانية ورافداً أساسياً من روافد ثقافتها.

لقد تم تقسيم هذه الوثيقة المطلبية إلى عدة محاور حسب المظالم التي وقعت على هذه الشريحة، فنهاك مظالم ذات أبعاد دينية واجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية، سنتناولها بإيجاز مع تقديم تصورات وحلول لتجاوزها، هذا بالإضافة إلى محور يشخص حالة الصناعة التقليدية الوطنية ويقدم مقترحات وحلول لمشاكلها البنيوية. المحور الاجتماعـي:

يجدر بنا هنا أولا قبل البحث في الحلول والمقترحات الكفيلة بتحقيق الحد الادنى من العدالة والإنصاف لمكون شريحة لـمْعَلْمِينْ، أن لا نتجاهل الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ذلك التمييز باعتبار أن معرفة الأسباب معينة على تقديم المقترحات والحلول، من هنا سنتناول أهم الاسباب التي لعبت دورا حاسما في بلورة تلك الصور النمطية في الذاكرة الجمعية للمجتمع الموريتاني.

أولا : دور الأسطــورة إن المتأمل في تاريخ المجتمع الموريتاني القديم خاصة خلال حقبة ما كان يعرف بالسيبة، سيدرك بشكل واضح ودون كبير عناء أنه لم يكن لديه ما يملأ به ساعات فراغه الطويلة، لذا سرعان ما وجد في شريحة لـمْعَلْمِينْ دون سواها من الشرائح والطبقات الأخرى مادة خصبة تسمح لمخياله أن ينسج ما يشاء من قصص وحكايات وأساطير تطلق العنان للتندّر واختلاق القصص المفبركة دون رقيب أو أي وازع ديني أو أخلاقي.

ولم تكن شريحة لـمْعَلْمِينْ تملك وسائل الدفاع عن نفسها إذ ذاك، بل كانت مجرد أسر لا تجمعها حميّة، هذا إلى جانب الدور السلبي الذي لعبته الأسطورة في تكوين الشخصية، لاسيما خلال مرحلة الطفولة، حيث يجد الطفل نفسه ضحية لمجتمع لا يؤهله لأي فضيلة ولا ينتظرها منه.

ثانيا: الارتباط بالحرف اليديوية رغم مشروعية الحرف اليدوية، بل أفضليتها على ما سواها من طرق الكسب الأخرى بالنظر الى أن الأنبياء والرسل عليهم السلام قد امتهنوها، إلا أن ثقافة المجتمع الصنهاجي - وهي المسيطرة خلال تلك الفترة - تكره العمل اليدوي وترى فيه منقصة لا تليق بالمنحدرين من المراتب العليا في السلم الاجتماعي.

من هنا كانت المهنة نفسها منبوذة من طرف المجتمع، مع إكراهاتها التي تفرض سلوكا غير مرضي عنه تمليه طبيعة المهنة، مما جعل الفئات المنحدرة من أعلى الهرم الاجتماعي ترى حرجا في مخالطة أبناء هذه الشريحة وفق تصور مخالف لمقاصد الشرع الذي يمنع رؤية الفضل على الغير، وتُعلي من شأن العمل اليدوي. ثالثا: فقدان العصبية هناك سبب آخر لا يقل شأنا عن السببين السابقين، ألا وهو فقدان العصبية، إذ بالعصبية يكون المرء في منَعَةٍ من قومه ويتعزز مركزه الاجتماعي، وبهذا كان نبي الله شعيب في منعة من قومه حين قالوا له ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ﴾، وهذا أيضا ما ورد على لسان ثمالة بن أوثال وهو يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا:

"إن تمنن تمنن على كريم وإن تقتل تقتل ذا دم" فكلمة "ذا دم" تجعل للعصبية دورا هاما في صنع المركز الاجتماعى. لقد لعبت هذه الادوار مجتمعة - وغيرها - الدور الأبرز لفرض طوق من العزلة على هذه الشريحة التي لم يشفع لها عطاؤها الغزير وسعيها الحثيث لطرق أبواب الريادة في ميادين العلم والدعوة الى الله ونشر رسالة الإسلام وكف أذاها عن الناس.

على من تقع مسؤولية التغيير ؟

أولا: مسؤولية الدولة يجب على الدولة باعتبارها الإطار الجامع لكافة مكونات الشعب والمسؤولة عن أمنه واستقراره أن تلعب دور الأم الحنون التي لا تفرق بين أبنائها ولا تقبل بتغوُّل بعضهم على بعض..

كما يجب على الدولة بلورة مشروع مجتمعي يراعي خصوصية هذه الفئة، وذلك بفتح فرص متعددة وخاصة تلك التي تستهدف إدماج هذه الشريحة في الحياة الاجتماعية والدورة الاقتصادية، ومن جملة الاقتراحات العملية الهادفة إلى تطوير ودمج هذه الفئة نورد ما يلي :

* الجانب الاجتماعي :

- تجنيد الوسائل الإعلامية والمنابر الدينية لتصحيح الصورة النمطية التي بنى المخيال الجمعي عن الشريحة من خلال الخرافات المغلفة بغلاف الدين.

[-]  إقامة منتدى وطني للحوار حول كيفية دمج هذه الفئة ومسايرتها للحياة الاجتماعية والنشاط الاقتصادي. - تشجيع المبادرات الهادفة إلى زيادة الحوار والنقاش حول ضرورة التجانس بين مكونات المجتمع.

* الجانب الاقتصادي:

- وضع الآليات القانونية المناسبة لتنظيم مهنة الصناعة التقليدية من أجل أن تكون منتجاتها قابلة للتنافس ومدرة للدخل، ويتعلق ذلك أساسا بمجالات التسويق والمقاييس النوعية والملكية الفكرية ومنح الصناع التقليديين أحقّية تسيير المشاريع الخاصة بهم.

[-]  إقامة مراكز تدريب مهنية من أجل تأطير الصناع التقليديين لتطوير خبراتهم وجعلها منفتحة على التقنيات العصرية دون أن يؤثر ذلك على الطابع التراثي والقيمة الفنية للصناعة التقليدية.

[-]  العمل على فتح قرض للصناعة التقليدية على غرار القرض الزراعي والبحري واعتماد الشفافية والتسيير التشاركي في تسييره.

[-]  خلق طبقة رجال أعمال من فئة لـمْعَلْمينْ بتوفير فرص استثمار من خلال منح رخص الصيد ورخص المعادن.

[-]  تنظيم معارض وطنية للصناعة التقليدية وتشجيع مشاركتها في المعارض الدولية مع مراعاة أحقيتهم في التمثيل أكثر من غيرهم.

ثانيا : مسؤولية العلماء والمثقفين

إن تفعيل كل الآراء والمقترحات التي أوردناها سابقاً سيكون بدون جدوى ما لم يتبنَّ من قبل القوى الحية في بلادنا، ويعول في هذا المجال كثيراً على دور علمائنا الأجلاء في الحثِّ على التقيُّد بالتعاليم الإسلامية الصحيحة، لما لها من دور في الحدِّ من النظرة الدونية المتجنيّة على بعض فئات مجتمعنا، وكذا معالجة الأمراض الاجتماعية التي ظهرت نتيجة لذلك لدى هذه الفئات، فتبيين نظرة الإسلام الصحيحة في بنيان وتشكل المجتمع على أساس من الإخاء والتراحم والتسامح في ظل العدل والمساواة كفيل بمحو كثير من الدعاوَى الباطلة ذاتِ الطبيعة الجاهلية.

كما يعول كذلك على الدور الهامِّ الذي يجب أن يلعبه المثقفون في توجيه المجتمع حول ضرورة نبذِ المفاهيم والعقليات البائدة والمُعيقة للتنمية، والعمل على إيجاد مساحة للحوار والنقاش حول واقع الفئات المغلقة، وكيفية معالجته، والوعي بأهمية إشراك الجميع كل من موقعه في بناء الوطن.

وتبرز الحاجة هنا ملحّة إلى تبني قادة الرأي العام الوطني لهذه المهمة وبصفة خاصة المؤسسات الرسمية والفعاليات السياسية وهيئات المجتمع المدني والصحافة والمنظمات والهيئات الحقوقية والشخصيات الاعتبارية. المحور السياسي والاقتصادي حين استقلت البلاد وأصبحت الدولة الوليدة بمنزلة الخيط الناظم للمجتمع، تفاءل المستضعفون خيراً وظنوا بأن رواسب عقود السيبة وما صاحبها من ظلم وهمجيّة ولَّتْ إلى غير رجعة، وعلقوا آمالاً عريضة على دولة الاستقلال وعلى النخب الشابة التي تلقت تعليمها في الجامعات الغربية وفي كنف مجتمعات تُعلي من شأن قيم المساواة وحقوق الإنسان.

ولقد كان باستطاعة تلك النخب - التي تولت حديثا مقاليد الحكم في بلد حديث النشأة- إحداث ثورة مجتمعية حقيقيّة تستهدف البنى الاجتماعية القديمة لجعلها أكثر اتِّساقاً وانسجاماً مع تعاليم ديننا الحنيف وأكثر مواءمةً للكيان الجديد، من خلال إحداث قطيعة تامّة مع مفاهيم واعتبارات حقبة السيبة وما سادها من توحُّش، بيد أن تلك النخب أظهرت مع مرور الزمن قدرة خارقة على التنكُّر للتك المبادئ و القيم الدينية والحضارية التي تعتبر حجر الزاوية في إقامة أي مجتمع مدني تذوب فيه الفوارق الاجتماعية الشكلية وتنمحي فيه رواسب الجاهلية وعنتريات القرون الوسطى. لقد اكتشفت النخبة المتعلمة من شريحة "لـمْعَلْمِينْ" بعد مرور أكثر من نصف قرن على الاستقلال أن الآمال التى علقتها على الدولة الموريتانية ما هي إلا محض سراب..

وأدركت أيضا أن رهانها على النخب والمؤسسة الدينية لم يكن سوى أحلام وردية سرعان ما كذبتها الأيام وفندتها معطيات الواقع المرير والمخيب للآمال، فقد بقيت الأمور على ما كانت عليه، بل ازدادت سوءاً، فقد استقوى القويُّ بالدولة ومؤسساتها ليس بهدف تكريس الواقع فحسب، بل من خلال إعطائه بُعداً رسميا يقوم على مبدإ أن هناك مواطنين حقيقيون وهناك آخرون من الدرجة الثانية أو الثالثة وهو ما دفعت أثمانه أجيال من أبناء هذه الشريحة وانعكس سلباً على حياتهم وطبيعة نشاطهم...

فقد أُقصوا إلا في حالة أو حالتين من جميع الوظائف السامية والتنفيذية واستبعدوا من قبة البرلمان ودوائر صنع القرار...

لأجل ذلك حمل أبناء هذه الشريحة الكريمة على عواتقهم مهمة تغيير واقعهم المرير ومستقبل أبنائهم وأحفادهم، مُستأنسين بعدالة قضيتهم ومتشبّثين بسلمية نضالهم، بحثاً عن حقوق حُرموها طيلة نصف قرن من الزمن، فهل من ضوء في نهاية النفق ؟

رؤية في أفق التغييــر :

تقدم وثيقة "حراك لـمْعَلْمِينْ" ما تراه حزمة مقترحات إلى الجهات الرسمية وأخرى إلى الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني.

لقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحنيفية السمحة من ربه جل جلاله ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ولينتصر للمظلومين والمضطهدين قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾، بيد أن بعض التطبيقات الخاطئة للدين خلال فترة حساسة من تاريخ موريتانيا عملت على تحريف مفاهيم الدين عن مقاصدها الحقيقية من دين شعاره ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ ومخلص ومنصف للضعفاء إلى سيف مسلط على رقابهم، حيث وُضعت أحاديث مكذوبة ونظمت أراجيز وأنظام تروج وتؤصل لدونية مكذوبة على دين العدل والرحمة. لقد نال لـمْعَلْمِينْ نصيب الأسد من هذا الظلم ولا يزالون حتى اليوم يناضلون للخلاص منه.

أولا: محورية دور الدولة في عملية رد الاعتبار لشريحة لـمْعَلْمِينْ

لا شك أن بوسع الدولة - التي تملك جميع أوراق اللعبة السياسية - إحداث تمييز إيجابي لشريحة مَّا أو مكون مَّا متى ما ملكت الإدارة.

ولهذا نضع بين يدي صانعي القرار الوطني جملة من المقترحات نحسبها في حالة التعامل معها إيجابيا كافية لإصلاح الخلل وإحداث التمييز الإيجابي المطلوب نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

1. الأخذ بمنطق الدولة الحديثة التى تشرك جميع أبنائها في الوظائف السامية وفق معايير منطقية.

2. تشجيع ولوج أبناء شريحة لـمْعَلْمِينْ لجميع الوظائف السامية والسيادية بما فيها رئاسة الحكومة .

4. إشراك المناضلين السياسيين من فئة لمعلمين في عضوية الهيئات القيادية للأحزاب، لضمان ولوجهم لقبة البرلمان والمجالس البلدية.

5. استحداث وزارة خاصة بالصناعة التقليدية تعمل على ترقية القطاع والنهوض به، بُغية تحويله إلى قطب اقتصادي أُسوةً بالجارة المملكة المغربية التي نجحت في إحداث ثورة حقيقية في قطاع الصناعة التقليدية حتى حولته الى وجهة سياحية ومفخرة للشعب المغربي لا مصدر سُبّةٍ ومعاناة.

6. اشراك المرأة "لمْعَلْمَه" في (كوتا):

المرأة الموريتانية البالغة 20% بنسبة 20% من هذه الكوتا الخاصة بالمرأة، التي لم تستفد منها أية امرأة من بنات هذه الشريحة. 7. إشراك نخب الشريحة في القرارات المصيرية والمتنتديات والأيام التشاورية.

8. إشراك لـمْعَلْمِينْ في إدارة المؤسسات الإعلامية وفي برامجها السياسية والدينية وتعيين صحفيين من أبناء الشريحة.

9. الإيعاز للعلماء والفقهاء والمثقفين بتناول إشكالية لـمْعَلْمِينْ وتبيين حكم شرع الله في من ينال من أعراضهم.

10. اشراك لـمْعَلْمِينْ في إدارة بعض المجالس كالمجلس الدستوري والمجلس الأعلى للقضاء والمجلس الاقتصادي والاجتماعي...

ثانيا: دور الاحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني يعتبر دور الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني دوراً أساسياُ ومكملاُ لدور الدولة في أية عملية تهدف إلى إشراك مكوّن مَّا في العملية السياسية من خلال انتهاج سياسات ومقاربات غير إقصائية.

و لقد رأينا خلال الانتخابات التشريعية والبلدية الماضية كيف أن الأحزاب الوطنية عزفت جميعُها عن ترشيح مواطنين ينتمون إلى شريحة "لـمْعَلْمِينْ" على رأس لوائحها الانتخابية، ما شكل لنا خيبة أمل حقيقية، وتناقضاً صارخاً بين الخطاب السياسي لتلك الأحزاب وممارستها الفعلية.

ولتلافي تكرار ذلك مستقبلا وتثميناً لدور أحزابنا السياسية نقدم التصورات والمقترحات التالية :

1. تبنّي قضية تهميش أبناء شريحة لـمْعَلْمِينْ ضمن برامج الأحزاب الانتخابية وخطاباتها السياسية.

2. ترقية بعض المناضلين في صفوف الأحزاب والمنتمين لشريحة لـمْعَلْمِينْ إلى مراكز قيادية في أحزابهم.

3. ترشيح بعض المناضلين الحزبيين المنتمين للشريحة على رأس بعض اللوائح الانتخابية وفي دوائر تتمتع فيها أحزابهم بثقل ديموغرافي مما يضمن لهم الفوز وبالتالي ولوج أبناء هذه الشريحة الكريمة للبرلمان والمجالس البلدية.

4. دعم نضال شريحة لـمْعَلْمِينْ في معركتها السلمية لنيل حقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ...

نحو مجتمع يزن بميزان دين الله : تقع مسؤولية تنقية شرع الله مما علق به من مزاعم على عاتق علمائنا الأجلاء وبمؤازرة وتوجيه من الدولة الموريتانية من خلال :

1. استصدار فتاوى صريحة وواضحة من المجلس الإسلامي الأعلى ترد على تلك الأكاذيب المسيئة لمجموعة من المسلمين انتصاراً لدين الله وللمستضعفين في الأرض.

2. فتح المنابر الإعلامية للعلماء للتطرق لهذه لمسائل وتناولها دون خجل والرد عليها وتبيين حكم الشرع فيمن يفتي بها.

3. منح عناية خاصة لعلماء لـمْعَلْمِينْ بشكل خاص ومنحهم فرصة الظهور على وسائل الإعلام الوطنية.

4. تعيين إمام من شريحة لـمْعَلْمِينْ يتصف بالعلم والورع والكفاءة إماما وخطيبا للمسجد الكبير الجاري بناؤه في المطار القديم.

المحــور الثقافـي

لا يختلف اثنان على الدور المحوري الذي لعبه لـمْعَلْمِينْ في صناعة تاريخ موريتانيا وتأصيل هويتها العربية والإسلامية من خلال أعمالهم الفنية الرائعة التي صممها باقتدار الصانع التقليدي الموريتاني وخطتها أنامل شقيقته الصانعة التقليدية الموريتانية في لوحات تراثية تسلب الألباب، وشّحت الخيمة الموريتانية القديمة وما حوت من أثاث وأدوات ظلت تتفيّؤُ بهدوء ظلال تلك الخيمة في تناغم بديع يعكس ما تمتع به أجدادنا المبدعون من رهافة حس وذوق رفيع لا تخطئه عين زائر صالة العرض الرئيسية للمتحف الوطني.

إن إسهامات أجدادنا في محتويات المتحف الوطني الذي يشكل ذاكرة الأمة الموريتانية لا تدع ركنا أو زاوية إلا ولهم فيها حضورهم البارز، فتجدهم في قسم الأسلحة القديمة، وفي ركن الخيمة التقليدية، وإن زرت قسم المخطوطات تجدهم مؤلفين ومسفّرين للكتب ثم تصادفهم صناعا لآلات الموسيقى الموريتانية الأصيلة.. .

لدرجة أنك لو سحبت مساهمة "لـمْعَلْمِينْ" من رفوف متحفنا الوطني لأصبح خاوياً على عروشه، بيد أن هذه الغزارة في الإنتاج يقابلها شحٌّ عجيب في كتب تاريخ موريتانيا، إذ لا تكاد تجد لهؤلاء القوم أي ذكر يثمّن دورهم الحضاري أو ينسب لهم أي فضل. ولقد سار واضعو المنهاج التربوية الوطنية على نفس الخطى، في مفارقة عجيبة عصية على الفهم والتفهُّم.

مقترحات لتلافي الغبن الثقافــي: يقترح "حراك لـمْعَلْمِينْ" العام هنا عدة مقترحات ويقدم جملة من التصورات لتلافي ما يعتبره غبناً ثقافيا :

1. يجب الإيعاز لوزارة الثقافة بتلافي هذا الغبن الخطير وتصحيحه من خلال انتهاج مقاربة فعالة ومنصفة.

2. يجب الإيعاز لوزارة التهذيب الوطني ووزارة التعليم العالي والبحث العملي وجامعة نواكشوط والمعهد التربوي الوطني بأهمية تلافي هذا الغبن الخطير والعمل على تصحيحه من خلال انتهاج مقاربة حازمة وفعالة.

3. يجب إلزام الباحثين والمؤلفين الموريتانيين بإعادة النظر في مسألة الغبن الثقافي لشريحة لـمْعَلْمِينْ في حالة إعادة طبع أعمالهم.

4. يجب استحداث يوم وطني لتثمين وتمجيد دور الصانع التقليدي الموريتاني في صناعة تاريخ موريتانيا وصيانة تراثها. 5. إبراز دور الصانع التقليدي الموريتاني في مقاومة المستعمر من خلال إنتاجه نماذج فعالة من الأسلحة والذخيرة.

المحور المهني

يقصد بالصناعة التقليدية كل أنشطة الإنتاج أو التحويل أو الإصلاح التي تعتمد أساساً على العمل اليدوي وتُلبّي حاجيات تقنية أو وظيفية أو خدمية وتحمل طابعا فنياً مستوحى من الهوية والتراث الوطني. فللصناعة التقليدية دور كبير في نشأة المجتمع الموريتاني منذ القدم، فقد ساهمت في إبراز هويته الحضارية وصناعة وصيانة تراثه الجميل بفضل ما كانت تزخر به منتوجاتها من أشكال ورموز وإشارات تجسد بحق مختلف التخصصات والإبداعات التي لبت حاجيات ومتطلبات المجتمع في شتى ميادين الحياة.

كما شكلت في مجموعها جزءاً هاماً من تاريخ البلد وثقافاته المتنوعة وتراثه الشامل، هذا فضلا عن دورها البارز في ترسيخ قيمتها الأخلاقية والحضارية.

ومن الناحية الفكرية البحتة يعتبر قطاع الصناعة التقليدية قطبا من أقطاب النهوض بالبلد من النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما يحتوي على طاقات جبارة بإمكانها أن تشكل رافداً للنهوض به إن حظيت بقدر من التأطير والعناية.

هذا إذا أدركنا دور الخلفية الثقافية في النهوض بالأمة حيث نجد هذه الخلفية حاضرة في ثقافات كل الأمم والشعوب ويتم أخذها بالاعتبار في المناهج والسياسات العامة للدولة.

الخصائص الرئيسية للقطاع:

يندرج قطاع الصناعة التقليدية ضمن القطاع غير المصنف ويتميز بتوفير سلع وخدمات تستجيب لمتطلبات الفئات الاجتماعية ذات الدخل المحدود أساسا، كما يوفر فرص تشغيل في الوسطين الريفي والحضري لفئات الشباب والنساء عديمة المؤهلات العلمية.

ويتميز بتعدد فروعه وتشعب تخصصاته حيث أن مجمل الدراسات المتكررة عن هذا القطاع وصلت إلى تصنيف نشاطاته وتحديد فروعه لتشمل:

[-]  صناعة الحلي والمجوهرات.

[-]  أعمال الصناعة المعدنية والآلات والأدوات.

[-]  خدمات مختلفة وصيانة وإصلاح.

- صناعة النسيج والملابس والجلود.

- صناعة المواد الغذائية والمشروبات.

- الأعمال الخشبية والمواد النباتية.

[-]  أعمال البناء والتأثيث.

- صناعة الأحجار والطين والمواد المعدنية الغير حديدية.

- صناعة المواد الكيميائية.

- نشاطات أخرى.

المكاسب الرئيسية للقطاع:

يتسم قطاع الصناعة التقليدية بالانتشار الواسع والحضور في الأوساط الحضرية والريفية على حد سواء حيث يوفر الصانع التقليدي الأدوات المنزلية والزراعية والكمالية الأخرى في الأوساط الريفية بينما يوفر الخدمات كالصيانة والتصليح والترصيع في الأوساط الحضرية.

إن مثل هذه الخدمات من شأنها خلق فرص كبيرة للعمل الدائم والمؤقت في ظل النمو الديمغرافي المرتفع وعمليات التحضر المتسارعة خاصة في مجتمع يشهد تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية هامة في إطار التنمية المستديمة.

لقد ظل نشاط الصناعة التقليدية في بلادنا ركيزة أساسية للتنمية فهو يخدم قطاع التنمية الريفية بتوفير الآلات الزراعية وإصلاحها كما يفر المقاعد والطاولات والأواح لقطاع التهذيب الوطني ناهيك عن ما يقدمه للمتحف الوطني من قطع وأوان وحلي ومجوهرات والأدوات ذات الدلالة الحضارية العميقة التي ساهمت في تحديد الهوية الحضارية والثقافية للبلد...

ولا تقتصر أهمية الصناعة التقليدية على ما ذكر أعلاه وإنما تتجاوزه إلى حد أنها تعتبر الآن الدعامة الأساسية للقطاع السياحي وذلك لكون المنتجات التقليدية تعد أهم مثيرات رغبة السياح، مما أدى إلى أن تكون إبداعات الصانع التقليدي الموريتاني جانبا هاما من جوانب الرحلة السياحية، لذا فالقطاع يعتبر من أهم عناصر جلب العملة الصعبة لهذا البلد. نقاط الضعف:

يعتمد الصانع التقليدي بصفة أساسية على الآلات البدائية البسيطة لإنجاز عمله ويتأثر مستوى إنتاجه كمّاً ونوعاً بمدى توفير هذه الآلات. وفي هذا أثبتت دراسة ميدانية لبعض الورشات في العاصمة نواكشوط أن حوالي نسبة 1/5 فقط من تلك الورشات تتوفر على معظم هذه الآلات البسيطة أما نسبة 4/5 الباقية فإنها تعاني من نقص حاد لهذه الآلات الضرورية للعمل اليدوي.

المقومات الأساسية:

بإمعان النظر والتأمل فيما ذكر آنفاً يتضح أن هذا القطاع يعاني من مشاكل جمة يمكن ترتيبها حسب درجة الإلحاح إلى:

أ- مشاكل متعلقة بالتنظيم وتتمثل في:

[-]  اعتماد مخطط تنظيمي غاية في الضبابية والغموض ولا يلبي أبسط حاجيات القائمين على القطاع وذلك بشهادتهم أنفسهم.

[-]  عجز سلطة الوصاية عن طرح استراتيجية واضحة المعالم لهذا القطاع يكون من شأنها الرفع من أدائه وتطويره وعصرنته وبالتالي استفادة القائمين عليه.

- إدماج الصناعة التقليدية التراثية بصناعات أخرى لا علاقة لها بالتراث الملموس للمجتمع الموريتاني، مما أثار حفيظة الصناع المؤسسين الأُول له منذ نشأته إلى يومنا هذا وجعلهم يفكرون في العزوف عنه.

ب- مشاكل متعلقة بالتمويل وتتمثل في:

- إهمال القطاع من البرامج والمخططات التنموية التي تعدها وتقدمها الوزارات المختصة.

- فتح الوزارة الوصية الباب واسعا أمام الحرف العصرية وغلقه تماما عن الصناعات التراثية المرتبطة بشريحة لـمْعَلْمِينْ الممارسة لها تقليديا.

- النقص في تقديم الدعم اللازم للقطاع من طرف الشركاء والممولين بل وعجز السلطات الوصية عن توجيههم إليه.

[-]  امتناع الاستثمارات الخصوصية عن التوجه نحو القطاع لارتباطه اجتماعيا بفئة بعينها.

- عدم ملاءمة إجراءات وأساليب التمويل المطبقة من طرف البنوك وصناديق القرض والادخار مع ظروف ومتطلبات الصناع التقليديين.

ج- مشاكل متعلقة بالتجهيز والتموين ، وتتمثل في:

[-]  النقص الحاد في وسائل الإنتاج.

[-]  عدم توفر الورشات النموذجية المجهزة بالآلات العصرية لتسريع وتطوير الإنتاج.

[-]  عدم وجود قرى للصناعة التقليدية مجهزة بالمستلزمات الضرورية للعمل.

- ندرة غالبية المواد الأولية محليا وصعوبة استيرادها وارتفاع أسعارها.

د- مشاكل متعلقة بالتسويق، وتتمثل في:

- عدم وجود علامات للجودة تفرض على الصانع التقليدي أن لا يطرح في الأسواق إلا منتوجات من النوع القادر على المنافسة.

- ضيق السوق المحلية وضعف القوة الشرائية للزبناء.

[-]  غياب عنصر الترويج عبر وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية.

[-]  قلة المعارض الوطنية خلال السنة وضعف المشاركة في المعارض الإقليمية والدولية.

[-]  فوضوية الأسعار.

ه – مشاكل متعلقة بالتكوين والتأطير، وتتمثل في:

- عدم إدراج تخصصات الصناعة التقليدية الأصلية في البرامج التكوينية لمراكز التكوين المهني القائمة بسبب غياب معهد متخصص في تدريسها.

- فقدان إطار قانوني ينظم تعلم الصناعات التقليدية الأصلية والحرفية.

[-]  عدم تنظيم دورات تكوينية في مجال التسيير الإداري والمالي لصالح مسيري الورشات.

و- مشاكل متعلقة بالجانب الأمني والصحي، ويتمثل في:

[-]  لا مبالاة الصانع التقليدي بحوادث العمل التي قد يتعرض لها داخل ورشته.

- إهماله لنظافة مكان عمله الذي يكون في الغالب ضيقا ومليئا ببقايا ونفايات العمل.

[-]  ضعف الوعي بضرورة استخدام الوسائل الواقية من مسببات الأمراض المهنية.

[-]  عدم استفادة العاملين في هذا القطاع من خدمات مؤسسات الضمان الاجتماعي نظرا لكونه قطاعا غير مصنف.

الحلول المقترحة:

تتطلب تنمية قطاع الصناعة التقليدية والرفع من مستوى أداء القائمين عليه وضع خطة عمل متكاملة تعتمد على عدة محاور يدعم بعضها البعض وتستجيب لمتطلبات المستفيدين (الصناع التقليديين) وإخراجهم من الوضعية المزرية التي يعيشونها اليوم.

وعلى كل محور من هذه المحاور أن يحدد المستفيدين ويوضح الأهداف وكذا الإجراءات والتدابير الأساسية لبلوغه بطريقة تمكن من إيجاد مخطط تنموي للصناعة التقليدية يكمل الاستراتيجيات متعددة القطاعات للتنمية الوطنية.

محاور الخطة:

إن هذا العمل يعتمد من وجهة نظرنا على عدة محاور أساسية تتكامل فيما بينها بغية تحقيق الأهداف التي تم وضعها.

* يهدف المحور الأول إلى خلق إطار تنظيمي مؤسسي وقانوني يضمن للصناع التقليديين ومؤسساتهم المشاركة الفعلية في تسيير وتنظيم قطاعهم بشكل مستقل ودائم.

* يرمي المحور الثاني إلى تنمية المصادر البشرية بالتكوين المهني والفني الذي يعتبر شرطا أساسيا لتنمية بشرية مستديمة.

وكل نقص في التكوين وتنمية الخبرات والمهارات لدى الصانع التقليدي يقلل من احتمال قيامه بأنشطة مدرة للدخل وبالتالي يعرقل تطور القطاع بشكل عام. إن هذا المحور سيكون له الأثر البالغ على المدى البعيد في التغيير الإيجابي لنمط وسلوك الإنتاج لدى الصانع التقليدي وكذلك تحسين ظروفه المادية والمعنوية.

* يتجه المحور الثالث نحو خلق ظروف ملائمة للصانع التقليدي باختزال الزمن الإنتاجي عن طريق توفير التجهيزات واللوازم الضرورية التي تمكنه من الاستفادة بشكل موضوعي من تحسين إنتاجه، كمّاً وكيفاً، وذلك بغية مسايرة الركب الحضاري والمساهمة في الحد من الفقر.

* يتعلق المحور الرابع بخلق نمو متسارع للإنتاج من خلال توفير فرص تمويلية جديدة لأنشطة الصناعة التقليدية وترقية وتطوير الهيئات والمؤسسات التمويلية القائمة حاليا.

* يسعى المحور الخامس إلى توفير المواد الأولية لمتوجات الصناعة التقليدية واكتشاف أسواق وآليات جديدة لتسويق هذه المنتوجات باعتبار ذلك هو الضمان الأساسي لترقية وتطوير هذا القطاع والدفع به إلى المساهمة بشكل فعلي في عملية التنمية الوطنية الشاملة .

* أما المحور السادس فيلتمس خلق محيط أمني وصحي ملائم يقلل من احتمال تعرض الصانع التقليدي للأخطار المهنية أثناء ممارسة نشاطه.

وخلاصة القول؛ أن إهمال قطاع الصناعة التقليدية (بمفهومها التراثي) من الخطط والبرامج التنموية في البلد وامتناع الممولين الخصوصيين عن الاستثمار فيه، وكذا مزاحمته من قبل الحرف العصرية والمهن غير المصنفة هي عوامل تجعل هذا الجزء الهام من هوية البلد وتراثه الحضاري عرضة للتلاشي.

وما لم توجد إرادة صادقة وجهود جبارة لانتشال الصناعة التقليدية والواقع المزري الذي آلت إليه فان ذلك التلاشي سيكون حتيما. دعم الصناعة التقليدية الوطنية يجب أن يمر فقط من بوابة دعم الصناع التقليديين أنفسهم عبر تحسين ظروف عملهم ومدهم بالوسائل والآليات الحديثة بغية النهوض بهذا القطاع وتحويله إلى قطب اقتصادي جاذب للسياحة والاستثمار، مع إقامة معاهد متخصصة تخرج شبابا ينحدرون من مختلف الشرائح الاجتماعية، على أن يتم تشجيعهم على العمل في نفس القطاع عبر تقديم حوافز وامتيازات مغرية لهم، ما سيؤدي في النهاية إلى نفي الصبغة الفئوية عن هذا القطاع وتخليصه بالتالي من الحمولة السلبية اللصيقة به، على غرار تجربة المملكة المغربية الشقيقة التى تعتبر بحق مثلا يحتذى في هذا المجال.

الخاتمـة:

هذه هي الوثيقة المطلبيّة التي يضعها "حراك لمعلمين" اليوم بين يدي صانعي القرار الوطني والنخبة الوطنية المثقفة ومنظمات المجتمع المدني والمهتمين بالحقل الحقوقي إجمالا...

ولقد أردنا من وراء إنجازها أن تحمل بين دفتيها أجوبة شافية لأسئلة كثيرا ما وردت على الشفاه من قبيل : لماذا حراك لـمْعَلْمِينْ ؟وما هي دوافعـــه الحقيقية ؟وماذا الذي يريد لـمْعَلْمِينْ على وجه التحديد ؟

لقد حاولنا أن نقدم إجابات مبسطة لهذه التساؤلات التي نراها وجيهة ، وإن كان لسان حال وواقع شريحة لـمْعَلْمِينْ يجيب عنها بنفسه. فكما أن لا دخان من دون نار، فكذلك لا يوجد حراك إلا وله أسبابه الموضوعية، والحقيقة التي لا يختلف عليها اثنان أن شريحة لـمْعَلْمِينْ تعتبر من أكثر الشرائح الموريتانية تهميشاً وإقصاءً على كافة الصُّعُد وفي جميع المجالات.

والحقيقة أنما اتخذ من خطوات في سبيل تصحيحها لا يزال دون المبتغى الذي تصبو إليه الشريحة. ليس عيبا أن تعترف أمة ما بأخطائها وتسعى لتصحيحها، وإنما العيب كل العيب أن تظل سائرة على نهج النعامة التي تعمد إلى دفن رأسها في التراب حتى لا ترى المخاطر المحدقة بها. إن ثمة دولا وأمما غربية سجل لها التاريخ شجاعة اعترافها بأخطاء جسيمة ارتكبتها هي الآن في مأمن من صولات ضحايا السياسات الخاطئة.

إن إشاعة روح المحبة والعدالة والمساواة بين أبناء الشعب الواحد لهي خير عاصم من غوائل ثورات الشعوب وارتداداتها المجهولة العواقب، وحين تتنكب أمة ما طريق القسط والعدالة تكون بذلك قد فرطت في أغلى ما تملك ألا وهو استقرارها وسلمها الأهلي وقواعد التعايش المشترك.

إن لـمْعَلْمِينْ هم أكثرُ الموريتانيين سلميةً، وأشدُّهم ارتباطاً بالأرض، وأحرصُـهم على الوحدة الوطنية وقيم العيش المشترك، لكنهم سئموا العيش في كنف الذل والتهميش والإقصاء وقد قبضوا على الجمر لعقود من الزمن على أمل أن تحدث معجزة أو يصحوَ ضمير حتى نفد صبرهم واستبد بهم اليأس وطال انتظارهم لدخان أبيض تنفثه مداخن واقع مجتمع استمرأ غض الطرف عن معاناة جزء أصيل منه كل ما تيريده هو أن يعيش في بيئة تنصفه وتقدره ولا تقصيه.. تعطيه ما له وتأخذ منه ما عليه.

إن الأمل في الله جلت قدرته كبير ثم في الخيِّرين من أبناء أمتنا - وهم كثر والحمد لله - بأن يصلح حال ومآل البلاد والعباد وفق ما يرضي الله، وما ذلك على الله بعزيز ، والحمد لله رب العالمين.

 

مواقع

اقرأ أيضا