جاليــــــــتنا في آنغـــولا.. حقائق جديدة

أحد, 2014-09-14 21:11

في السنوات الاخيرة شكلت الهجرة إلى آنغولا واحدة من أهم أحلام وطموحات الموريتانيين .

ومما لاشك فيه أن انتهاء الحرب الاهلية وما 

تلاها من إعادة الإعمار وتشجيع الاستثمارات الاجنبية في بلد يضاف إلى قائمة أغنى بلدان القارة .

مكّن من حدوث طفرة مالية نوعية وازدهار تجاري هائل ، استفاد منه عدد من أبناء بلدنا الذين أسّسو الشركات التجارية ذات الشّهرة الواسعة . لكن الآونة الاخيرة شهدت تراجعاً لم يسبق له مثيل في قطاع التجارة لعوامل منها: - كثرة وانتشارالمحلاّت التجارية في جميع أنحاء البلد وتضارب الاسعار من جراء المنافسة. - وعي أهل البلد بأهمية التجارة والدخول إليها بقوّة والتّضييق على الاجانب . - التكاليف الهائلة الناجمة عن الضرائب والإجارات والعمال مع ضعف الرّواج وتدنّي الاسعار . - الازمة الاقتصادية العالمية التي مسّت قطاع التجارة بأضرار جسيمة . ومع ذلك فإن الوصول إلى البلد "السعيــــــــــــــد" مازال حلماً يراود أذهان غالبية شبابنا على ما يبدو جهلا بحقائق وخفايا الوضع هنا. وفي هذه الإطلالة السريعة أردت أن ألقي بقعة من الضوء الكاشف على جزء من واقع الحياة المزريّة التي يعيشها أولائك الذين أوصلتهم الاقدار إلى بلد الاحلام (آنغولا) .

وأجد من المناسب أن لا أتوقّف كثيراً عند بعض القضايا المعروفة للجميع تقريبا كالتبذير في إنفاق الاموال الطائلة على تأشيرات الدخول وغالباً ما تكون مزوّرة وتذاكر السفر والرشاوى الباهظة لضبّاط المطار، ومع ذلك قد يعود المهاجر من حيث أتى فيعود في أول رحلة بعد أن خسر كل شيء ، بلها اللجوء إلى المهربين عبر الادغال أو قوارب الموت التي لا تصل دائما بسلام غيرأن الاخطر من ذلك كله في نظري أن ترمي بعض العائلات العريقة بثروتها الحقيقية في مهب الخيال والسراب وأعني بذلك ثمرات قلوبنا وفلذات أكبادنا الاطفال.فأي هوّة سحيقة من التردي اللاّ أخلاقي والتكالب على الدنيا الفانية وصل إليه مجتمعنا اليوم؟ أهو الطمع والجهل إذن عندما يصبح ثقافة؟ أين القناعة والطموح الشنقيطي العريق؟.

هل تصدقون إن حدثتكم أن العديد من أطفالنا في سنِّ الخامسة عشر وصلو إلى هذه الارض بحثاً عن المال ومن حالفهم الحظّ في الحصول على العمل ينتشرون في المحلات والاسواق .

ما يجعل الجالية كلها عرضة للإتهام والاسئلة الساخرة من جانب أهل الارض وغيرهم ومن الاسئلة على سبيل المثال: عندكم في موريتانيا لا توجد مدارس تستوعب هؤلاء الاطفال ؟ أم أنكم تريدون نهب ثروة بلدنا ؟ وأيّا تكن الاتجاهات التي تسلكها الاجابة على نوع هذه الاسئلة وغيرها فإنها تكشف عمق المأزق الإجتماعي والظلم الذي خلّفته بعض الممارسات السياسية بتكريس الفساد والفشل في مقاربة التنمية ماجعل الهروب الخيار الوحيد المتاح للجميع.

إن المجتمع وخاصة أولياء الامور مطالبون اليوم أكثر من أي وقت مضى بالكفّ عن الزّج بأبنائنا الابرياء في هاوية المجهول، والتفكيرجديّاً في البدائل الايجابيّة لحياة هؤلاء الاطفال ومستقبلهم.أما إذا لم يتم تدارك الامر بالحدِّ من هذا الوضع الكارثي فإن ذلك لايعني سوى أن تجارنا الصغار لن يحصدو من هذا السعي المبكر سوى الامراض الناجمة عن الإنحراف والملاريا والضغوط النفسية جراء الغربة والتهديد بالسلاح والخوف الدائم الذي لاينجو منه من يعيش هنا. 

 

البو  ولد المعلوم

اقرأ أيضا