مسلمو إفريقيا الوسطى.. قصة شعب يبحث عن الحياة

اثنين, 2016-05-09 18:39

الشروق ميديا ـ جنب تشاد| وجوه غابرة عابسة تحت شموس تشاد الحارقة، يلتحفون السماء ويفترشون العراء، مسافرون من ملاعب صباهم في رحلة تيه استمرت شهورا متتالية من وطنهم الأم، ولولا أن المتطرفين المسيحيين أخرجوهم وأحرقوهم وأجهزوا عليهم ما خرجوا من ذلك الوطن العزيز عليهم كما يرددون ويكررون .

ولكنها الحياة ـ  كما تقول اللاجئة عائشة ـ تتقلب بما لا يخطر على بال بشر، هرب ذلك الشعب من جمهورية إفريقيا الوسطى ذات أيام مشؤومة من صيف العام 2013 يتخفون في غابات شجر "المانجو" الذي لم يجدوا نصيرا سواه في رحلة الجحيم، فكان الواحد منهم يتحدث إلينا عن أيام قضاها وهو يأكل لحوم البقر قبل طبخها حتى لا يوقد نارا تنبه على مكانه، ويحدثنا آخر عن لجوئه لأكل ورق الشجر في طريقه الطويل الشاق، وتحدثنا أخرى كيف هربت عن أهليها وأبويها وفقدتهم إلى الأبد .

تحاول عائشة أن تخفي في وجهها بعض قصتها الحزينة التي كان أقل ما فيها هو فقد أبويها وبنتها، فتكملها بدموعها التي سالت وهي تتحدث عن تلك الليلة الليلاء التي اقتحم فيها متطرفون مسيحيون بيوت جيرانها وانتهكوا الأعراض وقتلوا كل من لم يهرب من ذلك الجحيم، حتى الأطفال الذين لا ذنب لهم لم يكن المتطرفون ليتركوهم يعيشون، ذنب هؤلاء الهاربون بدينهم وعرضهم وحياتهم ـ كما يقولون ـ هو أنهم اختاروا دين الله الإسلام وآمنوا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، اختاروا دينا يقبل الآخر ويريد التعايش مع الديانات الأخرى، لكن المتطرفين صادروا منهم الحياة.

                                   

الميخمات والموت البطيء ...

ثم تنتهي رحلة الطويلة من جمهورية إفريقيا الوسطى مات من مات حرقا بالنار أو رميا بالرصاص أو قضى نحبه بين الغابات، وبقي من وصل إلى جنوب تشاد يتحدث عن أرض طيبة حباها الله بكثير من الأشجار نزلوا فيها وأمنتهم الدولة، ولكنهم يواجهون الموت بطريقة أخرى هي الجوع المتواصل، فلا عمل المنظمات الإغاثية يخفف من المجاعة المستمرة ثلاث سنوات متتالية، ولا أحد في هذا العالم يلتفت إلى مأساة أكثر من 100 ألف لاجئ في تشاد وحدها.

يتحدث نور عمر رئيس مخيم "دنماجا" جنوبي تشاد قائلا: نحن نموت في وضح النهار .. نحن من يغتالنا الجوع .. نحن نقتات على ورق الشجر الذي لولاه لمات هذا الشعب كله مند زمان .. نحن الذين ينسانا ما يسمى المنظمات الإنسانية ويتركنا نواجه موتنا البطيء.. فأين هي منظمات اللاجئين؟ وأين الإغاثات العالمية العاجلة؟ وأين هم المسلمون الذين يأمرهم دينهم أن يكونوا كالجسد الواحد إذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟.

كل هذا واللاجؤون ينتظرون شهر رمضان المبارك في عز الحر بالنسبة لدولة تشاد ولا يتذكرهم أحد في هذه الدنيا وخاصة المسلمون الذين يأمرهم دينهم بالإنفاق في سبيل الله في الشهر الكريم، ترى هل سيكون إفطار عائشة ونور من أوراق الأشجار المخضرة؟ أم أنهم سيكونون في مواكب شهداء اللاجئين التي تعد بالآلاف.

 

 

اقرأ أيضا