فَضْلُ الكِلاب على كَثير مِمَّن لَبِسَ الثِّيَاب .!

خميس, 2016-10-27 17:11

“يحتوي التاريخ على أمثلة عن إخلاص الكلاب أكثر مما فيه من أمثلة عن إخلاص الأصدقاء” .. ألكسندر بوب ..!
حَصلتْ مقدمة البرامج الأمريكية الشهيرة (أوبرا وينفري) – التي تمتلك خمسة كلاب – على لقب أفضل مقتنية للكلاب بين المشاهير، وذلك حسبما جاء في التصويت الذي أجرته مجلتان مختصَّتان في العناية بالكلاب..!
وتعتبر كلاب (وينفري) المدلَّلة تلك من كبار المستفيدين من تركتها بعد وفاتها، فقد أوصت لها أوبرا بـخمسة ملايين دولار سنوياً لكي تضمن استمرارية عيشها بنفس مستوى الحياة السابقة من رفاهية ودلال، فهي ستعيش بقية حياتها في مربى حيوانات خمس نجوم ..!
هذا التقدير العميق للكلاب في أمريكا وأوروبا وغيرهما لا يقتصر على المشاهير وحدهم، بل هو ثقافة عامة وعرف اجتماعي مُتَمكِّن – ففي قلب لندن مثلاً يوجد مركز تجاري ضخم يرفع شعار الكلب المدلل يصل فيه سعر الرباط الجلدي الذي يطوق عنق الكلب إلى (190) جنيها إسترلينيا..!
ولأن رزق الهبل على المجانين أو لعل رزق اللصوص على الهبل – لا أدري بالضبط- فقد استغلت الشركات المختصَّة بإنتاج الأغذية الصحية للحيوانات الأليفة حجم الطلب الكبير على تلك المنتجات لتنتقل إلى مجالات العناية بالبشرة والثياب الأنيقة وحتى أدوات الزينة، ولأن هذه المنتجات تحتاج إلى دعاية وتسويق في أوساط هؤلاء الهبل أو المجانين أولئك، اشتهرت بعض الكلاب السوبر ستارز بعرض الأزياء والظهور في الإعلانات التلفزيونية ..!
كما وأن الكلاب تحظى بتقدير واحترام كبيرين في أوساط الساسة من رؤساء ووزراء، فعلى سبيل المثال عندما قيل للرئيس الأمريكي السابق (جورج بوش) بأن الناس يلقِّبون رئيس الوزراء البريطاني السابق (توني بلير) بكلب بوش، قال في هدوء: (هو أفضل من ذلك) .. وكما ترون فقد أجاب الرئيس الأمريكي على هذا السؤال المبطَّن الملغوم بحذر وتحفظ كبيرين .. والرجل معذور في تلك الجملة الحذرة لأنه مكبَّل بالخوف من أن تقوم عليه قيامة جمعيات المحافظة على حقوق الكلاب، ثم أنَّه لا يستطيع أن يلوِّن رده باستنكار واضح معوِّلاً على شعبية توني بلير لأن شعبية الكلاب في أمريكا وأوروبا أكبر ..!
ولكن رُبَّما -أقول ربما!- كانت هذه النزعة في تفضيل الكلاب (ملطوشة) تاريخياً من بعض العرب أيام ازدهار الحضارة الإسلامية، فقد جاء قديماً في كتاب (فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب) للعلامة (أبي بكر محمد بن خلف المرزبان) حديث عن قصص مبكية عن وفاء الكلاب وغدر البشر وجحودهم، وفي الكتاب كلام رومانسي كثير عن فضل الكلاب يجعلك تشعر بالخزي والعار لأنك بشر – كلام كثير على غرار- :
(..واعلم أعزك الله، أن الكلب لمن يقتنيه أشفق من الوالد على ولده والأخ الشقيق على أخيه، ذلك أنه يحرس ربه ويحمي حريمه شاهداً وغائباً ونائماً ويقظان، لا يُقصِّر عن ذلك وإن جفوه، ولا يخذلهم وإن خذلوه..) .. لعلك الآن تبتسم وأنت تفكر ببعض البشر الذين وصلتهم فجفوك، وأخلصت لهم فخذلوك، وأكرمتهم فجحدوا فضلك، وبذلت لأجلهم فبخلوا عليك .. فلا هم اتصفوا بأخلاق البشر، ولا هم بلغوا فضل الكلاب ..!

هناك فرق – منى أبو زيد
صحيفة آخر لحظة

اقرأ أيضا