بعيدا عن السياسة.. مساء هادئ وجميل على نهر السنغال

سبت, 2017-01-21 00:13

​فيما يتساءل الناس هنا وهناك وهنالك عن مصير الرئيس الغامبي المنتهية ولايته يحي جامي، وفي خضم الوساطات الافريقية بالشأن الغامبي وما يقوم به صال من ضغط عسكري، وما يقوم ولد عبد العزيز من وساطات، وفي وقت تبقى مجموعة من الموريتانيين العائدين من غامبيا عالقين عند مدينة روصو، كانت الصورة على الحدود السنغالية الموريتانية مختلفة ..  كان مساء من مساءات روصو الهادئة.. قرص الشمس ينحني  فتطفو صورته الوردية على مياه النهر ليعكس أشعة لازوردية تتبدد في الأفق على أشجار شمامه الملاصقة لمياه النهر..

ودعتنا الشمس أصيلالا في زورق خشبي متهالك وسط نسيم يحمل معه عبق هذا النبات تهب رائحة البحر والأعشاب على المكان تحكي لي تاريخا طويلا من قصة البيظان والفولان مع هذا النهر، تاريخ سطره الأدباء والكتاب من مختلف لغات الضفة فكانت كلماتهم تخلد تعلقهم الشديد بتلك المياه..

تتراءى الضفة الأخرى وتطفو أبراجها في المياه أسائل المساء الهادئ عن تاريخ الضفتين ولا يجيب.. وتنطلق الزوارق الخشبية يمنة ويسرة تجري بما يشتهيه النسيم.. وكأن الرياح دليل لهذه الزوارق تهتدي بها على مرافئ الضفتين فترس هنا وهناك حاملة معها بضائع لا يستغني الإنسان الموريتاني ولا السنغالي عنها..

جنحت الشمس للغروب و بدأت الأفواج تتزايد من وإلى السنغال في فُلك خشبية أصيلة يقودها أبناء نهر السنغال، الركاب يحملون حقائبهم وأمتعتهم المختلفة هذه سيدة تحمل معها أكياس طماطم إلى روصو السنغال وتلك سيدة أخرى في الاتجاه الأخر تحمل أكياسا من البرتقال إلى روصو موريتانيا، سباق وقت الأصيل مع ظلمة الليل وظلمة البحر.

في ذلك الجو الهادئ كانت عبارة روصو تخرق المياه خرقا من جهة السنغال إلى مدينة روصو، تحمل مئات السيارات والأطنان على ظهرها تتراقص للموج تكاد تصفع أبناءها الصغار من الزوارق ولكن الرواد تعلموا كيف يتعاملون مع البحر ومع رجال البحر ومع عبارات البحر..

رجال البحر هم الرجال ورجال نهر السنغال هم رجال شمامه يتعانق فيهم حب الأرض ونباتها مع عشق البحر وفلكه التي تجري بكرة وأصيلا بين "الرّوصوين"..

لا يتنكر البحر لرجالاته ولا تخون الأرض أصحابها ولا هم يحزنون ما دام النهر موجودا وما دامت وديانها تنتج آلاف الأطنان من الحبوب والخضروات.. كنا هناك ذات مساء من مساءات روصو.

 

مختار بابتاح

اقرأ أيضا