الخليل.. سيذكره قومه إذا جد جدهم..

ثلاثاء, 2017-06-20 19:32

تعرفت على الفتى الخليل على مقاعد الدرس في مدرج الامام الحضرمي بكلية القانون نهاية سنة 1995 وكان كما هو الان متواضعا مثابرا كريما محبا للآخرين مجدا نصوحا لبقا وانيقا..
ولان معدن خليلي ذهب خالص فان الايام لم تزده الا نقاءا وصفاءا وقيمة مضافة..
فما زال الخليل هو الخليل..
... ..... .....
ولأنه جليس صالح وخليل ناصح امين فقد ترك بصمات خير على سيرتي الذاتية لن أنساها ما حييت..
فقد شكل الخليل الظهير الوفي والمصدر الامين لمراجع ومحاضرات ما لم أتمكن من حضوره من مواد القانون عندما قررت الجمع بين القانون والأدب الانكليزي..فكان وجود الخليل عاملا أساسيا في تحقيق نجاحي في المجالين..
وشكلت مع خليلي وخليل اخر Mohamed Vall Maawiya ثلاثيا ناجحا متفوقا في سنوات الجامعة..حتى اذا وصلنا السنة الرابعة فرقتنا الشعب فاتجهت الى القانون الدولي والعلاقات الدولية وولى الخليل وجهه شطر الادارة المحلية ولن انسى فرحتنا عندما حصلت على الرتبة الاولى في قسم القانون العام وحاز الخليل الرتبة الثانية (كان الاول في شعبة الادارة المحلية) وانتظرنا الحصول على منح للخارج لم تتحقق أبدا، فبعد المماطلة لأشهر أخبرونا انه لأسباب تعرفها الوزارة والجامعة (غير موضوعية طبعا) فقد منحت المنحة لصديق عزيز علينا قريب لوزير التعليم حينها متجاوز في دورة اكتوبر !!.
تبخر الحلم وأصبنا بالإحباط وودعت خليلي في نوفمبر نفس العام 1999 بعد ان قررت التوجه الى بلاد العم سام بحثا عن مراغم وسعة.
في فترة قبل محاولة انقلاب 2003 عدت الى ارض الوطن ووجدت الخليل في سنته الاولى من المدرسة الوطنية للادارة في دفعة متميزة من القضاة الشباب سيكون لها الأثر الطيب في تغيير مسار وأداء القضاء.
..
كانت المحطة الاولى لعمل الخليل منتصف سنة 2004 مقاطعة إمبان..
وبعد الإطاحة بولد الطائع أعطى الوزير الاستاذ ولد بتاح عناية للقضاة الشباب فادخل كوكبة من الشباب المتميزين الى نواكشوط وكان الخليل نجما ساطعا في كوكبة نواب وكيل الجمهورية.
في شهر سبتمبر 2006 زارني الخليل في احدى زياراته الروتينية وطلب مني المشاركة في مسابقة لاكتتاب القضاة..ترددت كثيراً في البداية وبعد نقاش طويل استجبت لطلبه بعد ان اخبرني ان الدولة في مرحلة انتقالية وتتجه لتجسيد دولة قانون سيلعب فيها القضاء الدور الأساسي كركن من أركانها !!.
وهكذا..ابتليت بالقضا بعد شباب مر عني وانقضى!!
... ... ....
لعب الخليل الوفي دور الاخ المقرب فكان وما زال مصدرا ينير الدرب لي في كثير من المسائل .
وما زلت اجد المتعة في نقاشه في قراءته لبعض مواد القانون خاصة تلك الترتيبات في النصوص التي لا توجد لها آليات في الواقع..فللفتى فهم ثاقب للنصوص ورأي صائب في الاجتهاد.
.... ..... .....
سيحفظ التاريخ للخليل (أمد الله في عمره وزاده نجاحا وتوفيقا) بصمات معروفة في القضاء والتشريع الموريتانيين، من ذلك على سبيل المثال تفعيله للمادة 665 من قانون الاجراءات الجنائية اثناء خوضه تجربته القصيرة المتميزة في القضاء الجالس في الغرفة الجزائية حيث تحيل المادة التنفيذ الى النيابة العامة في تحصيل الادانات (التعويضات) المحكوم بها للأطراف المدنية عن طريق الإكراه البدني، وقد احدث قراره تفعيل تلك المادة جدلا قانونيا بين القضاة وفي أروقة الوزارة انتهى بإقرار المفتشية العامة لرأي الخليل.
كما انه شارك في صياغة نصوص بعض القوانين منها قانون مكافحة الفساد..
هذا بالاضافة الى إدارته الناجحة لعديد الملفات الحساسة والخطيرة ومتابعته آلاف المتهمين خلال مسيرته في النيابة العامة..
ولن يضره التحويل عن وظيفة او البقاء فيها لان كفاءته كفيلة بإذن الله تعالى بزرع قاعدة للنجاح أينما حل.
... .....
لا ضير..انما هي وظيفة مرحلية وسيحصل ان شاء الله على وظائف وفرص لتحقيق نجاحات اخرى..المهم ان الرجل زرع ذكرا طيبا وسمعة حسنة..
.... .... ...
والكفاءة والتميز الشخصي أمور لا تنقضي بالعزل من الوظائف او التحويل عنها..وهنا اتذكر البيتين:

عِلْمِي مَعِي حَيْثُمَا يَمَّمْتُ يَنفَعُنِي.. قَلْبِي وِعَاءٌ لَّهُ لا بَطْنُ صُندُوقِ
إِن كُنتُ في البَيْتِ كَانَ الْعِلْمُ فِيهِ مَعِي..أَوْ كُنْتُ في السُّوقِ كَانَ الْعِلْمُ في السُّوقِ.
.... ......
اسأل الله تعالى ان يوفق الخليل في مساره القادم وأن يسدد خطاه الى كل خير.

 

القاضي عبد الله ولد شماد

اقرأ أيضا