هل سيقرر النظام الموريتاني التصعيد ضد الإسلاميين؟ (تحليل)

أربعاء, 2017-07-05 01:12

قطع علاقاته مع الدولة الحليفة للإخوان .. وتحيز نحو محور أبو ظبي ـ الرياض

هل يقرر النظام الموريتاني التصعيد ضد الإسلاميين؟

 

شهر كامل الخلافات الخليجية الخليجية تتصاعد بين قطر من جهة وبين الإمارات والسعودية والبحرين من جهة ثانية، ويبدو أن تلك الأزمة البعيدة جغرافيا من موريتانيا إلا أنها قد تلقي بظلالها على المشهد الموريتاني، أو لنقل قد تتواصل انعكاساتها داخل المشهد السياسي الموريتاني بعد أن قرر النظام قطع علاقاته الدبلوماسية مع دولة قطر في أقل من يومين من اتخاذ خصوم الدوحة لقرارهم الصارم والحازم ضد قطر.

النظام الموريتاني ومنذ أن اتخذ ذلك القرار يحبس أنفاسه ويقوم بعملية نبض للشارع  المنقسم تجاه هذا القرار بين مؤيد له ( الموالون ـ القوميون ـ خصوم الإخوان) وبين رافض له رفضا باتا (المعارضة التقليدية ـ الإسلاميون ـ المدونون الثائرون ـ الصحافة المتعاطفون مع الجزيرة). ما إن اتخذت الحكومة الموريتانية هذا القرار حتى كانت أسئلة بديهية تملأ الصالونات من قبيل  متى يسحب ترخيص الجزيرة"؟.

ومتى يحل حزب "تواصل"؟

سؤال طرح في الصالونات أكثر من مرة، و حاول رئيس حزب "تواصل" جميل منصور أن يجيب عنه بشيء من مراوغته السياسية المعروفة، لكنه ـ حسب مراقبين وصحفيين محسوبين على النظام لم يوفق في الإجابة عليه حيث أجاب قائلا "سحب الترخيص يرفع أحيانا بعض الإحراج .." وهو ما فهمه خصومه السياسيين أنه تهديد وتحدٍ للسلطة القائمة.

وتتوالى التدوينات المعلقة على هذه الجملة من مدونين محسوبين على النظام تقول إن هذه التصريحات كانت مستفزة في غالبها، وإن الأجهزة الأمنية تحاول تفكيك جملة ولد منصور وقراءة ما بين سطورها.

وبالتوازي مع هذه التدوينات ذكرت وكالة الطواري الإخبارية ذات المصادر الموثوقة نسبيا أن التحضيرات تجري لحل حزب "تواصل" خلال أيام قليلة، وهو الخبر الذي تلقفه المدونون الإسلاميون وغير الإسلاميين، وتزامن مع لقاء مع المستشار بالرئاسة اسحاق الكنتي تحدث فيه أكثر من مرة عن اندحار الإخوان ومحورهم وتبريرات قطع العلاقات مع قطر.

تلك رسائل مشفرة كان يراد منها كلها جس النبض لقربان جديد يقدم للمحور المناوئ للإخوان (الرياض ـ أبو ظبي)..

 

المستقبل وتواصل .. ما أشبه الليلة بالبارحة.

النظام الموريتاني ومع بداية العام 2014 زحف خطوات نحو محور المملكة العربية السعودية وفي وقت كانت العلاقات بين الإسلاميين وبين النظام في أجمل أيامها، وكان "تواصل" يتهم من حلفائه المعارضين بالخيانة والارتماء في أجندا النظام وانتخاباته، اتخذ الأخير قرارا فاجأ الرأي العام وهو إغلاق جمعية المستقبل للثقافة والتعليم، وهو ما فُهم أنه بداية حرب جديدة ضد التيار الإسلامي وكان حينها يطرح حل حزب "تواصل" لأنه الواجهة السياسية للإخوان في موريتانيا، لكنه تراجع في أسابيع قليلة ليبدأ بعد سنةّ بحملة تقليم أظافر تلخصت في استهداف المعاهد الإسلامية مثل معهد ورش ومعهد مالك ومركز النور، وهي مؤسسات كلها محسوبة على الإخوان يدير تلك الحملة رئيس الحكومة يحي ولد حد أمين الذي ضايقته تلك المعاهد واعتبرها وكرا لحزب "تواصل" وأعطى إشارة بإغلاقها جميعا في كل المناطق الشرقية، تزامن مع ذلك الحملة ضد القيادي الإسلامي رجل الاعمال سيدي محمد ولد سييدي الذي أجبرته الحكومة بضغوطها على الاستقالة..

 

الإسلاميون والمشهد السياسي

واليوم فإننا أمام مشهد سياسي وطني وإقليمي ودولي خاص، حيث يعيش النظام في معركة لي ذراع مع الشيوخ المغاضبين على التعديلات ولن يدخر النظام جهدا لمحاربة هؤلاء الشيوخ جميعا أحرى أن يكونوا من التيار الإسلامي الذي يتهم قياداته بغسل الأموال وتحويلها بطريقة غير شرعية، وقد تكون هذه هي الورقة التي تستخدم لشيوخ "تواصل" فلا يستبعد من نظام حارب أحد الشيوخ لأنه دهس أشخاصا بالخطأ واستخدم ضد أنواع التشهير  أن يحارب شيوخا يعرف ما يتهمهم به ويعرف "ملفاتهم" الخاصة ومن بينهم من يرأس جمعية خيرية تأتيها التمويلات الكثيرة حسب النظام.

ورقة "تواصل" أيضا رابحة في ظل هذا الحراك العربي الخليجي الذي صنف الإخوان وقادتهم أنهم منظمة إرهابية، ويتعزز هذا الموقف عندما ينتصر جناح الأمير محمد بن سلمان في السعودية ويعين وليا للعهد والمحسوب على تيار الإمارات المناوئ لمن تشم فيه رائحة الإخوان المسلمين، فهل يستفيد النظام الموريتاني من تلك التغيرات الخليجية ويمضي في دعم المحور المناوئ للإخوان المسلمين في العالم، ويفتح جبهة جديدة مع التيار الإسلامي تبدأ بحل "تواصل" وقد لا تنتهي بالاعتقالات والمقاربات الطائعية التي انتهجها نظام الرئيس معاوية ولد سيدي أحمد الطايع؟

 

 

 

ما بعد حزب "تواصل" ..

كأني بعالم مارك الموريتاني وهو في اليوم الأول من حل حزب "تواصل" بين مؤيد لهذا القرار يقودهم المستشار اسحاق الكنتي : الذي سيطلع علينا بمقال طويل عريض ينتمي للغة الأدب عن تاريخ الإسلاميين وكيف تسربوا إلى موريتانيا بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، كما ستسضيفه إحدى القنوات الخاصة عن أسباب هذا القرار.

بعده سيكتب سيدي محمد ولد ابه تدوينات متهكمة " .. انتهى عصر الإخوان في موريتانيا .. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين.." . "متى يتحدث التكفيري عن رؤيا جديدة تتحدث عن قتال الملائكة مع الإخوان ؟؟"

وسيتعاطف الكاتب حبيب الله ولد أحمد مع الإخوان ويذكر بمآخذهم الشديدة عليهم، وسيكتب عبد الله الراعي المدير العام للصحافة الألكترونية تدوينات "يسرب فيها بالأرقام الثروة الهائلة للإخوان وتبييضهم للأموال.."

وسوف يتألق الكاتب الإخواني الثائر وينفجر شعرا ونثرا ضد "العهد العزيزي البائد" متهكما على خرجات الوزير "ولد الشيخ" وطريقة تسريحة شعره..

وفي المقابل سيعلو صوت المتعاطفين مع "تواصل" أياما بدء بالمعارضة التقليدية التي ستصدر بيانات منددة بهذا القرار الذي يخالف كل قيم الديمقراطية.

وهنا قد تنتهي الحرب مؤقتا بين النظام ويدخل في استراحة محارب على غرار استراحته بعد حل جمعية المستقبل، وسيتكون ورقة رابحة لحلفائه الخليجيين المناوئين للإخوان خاصة أن الإعلام السعودي والإمارات والمصري سيأخذون حيزا من وقتهم لهذا القرار.  

 

مختار بابتاح

 

 

اقرأ أيضا