السفير الإمارتي في انواكشوط : نتقاسم الفرحة مع الموريتانيين

ثلاثاء, 2014-12-02 13:45

أيها السيدات والسادة:

عندما نتحدث عن دولة قفزت سبعة مراكز في ترتيب الاقتصادات العالمية خلال سنة واحدة فقط، وباتت تتفوق على دول كالدانمرك وكندا وكوريا الجنوبية في إحراز مراكز عالمية متقدمة في العديد من المؤشرات، وتحتل المركز الأول عالمياً في الأمن والاستقرار وغياب الجريمة المنظمة، وجودة الطرق، والسيطرة على نسبة التضخم واحتواء آثاره، وفي المركز الثاني عالمياً في مشتريات الحكومة من التكنولوجيا المتقدمة، وفي فعالية الإنفاق الحكومي، وجودة البنية التحتية في قطاع الطيران وفي قلة العقبات التجارية.

وعندما نتحدث عن دولة تحتل المركز الثالث عالمياً في جودة البنية التحتية وتحتل ذات المركز في فعالية أسواق السلع، والمركز الخامس عالمياً من حيث قوة بنية الاقتصاد الكلي والفعالية الحكومية، وتحافظ وللعام الثامن على التوالي على تواجدها عالمياً ضمن الاقتصادات القائمة على الإبداع والابتكار التي يعرفها منتدى الاقتصاد العالمي (دافوس) بأنها الاقتصادات التي يمكنها المحافظة على مستوى أعلى للأجور والعمل بتخطيط استراتيجي للارتقاء بجودة الحياة ومستويات المعيشة.

وعندما نتحدث عن دولة تحتل المرتبة الأولى بين دول الشرق الأوسط والـ36 عالمياً من حيث أدائها الشامل للعام 2014 في مؤشر الابتكار العالمي، وعندما نتحدث عن دولة صنفت عاصمتها كعاصمة للابتكار العربي بعد أن سجلت 76 اختراعاً دولياً خلال الفترة من منتصف العام 2010 إلى منتصف العام 2014.

عندما نتحدث عن دولة جاءت في المرتبة الثالثة على مستوى العالم في إنتاج الطاقة الشمسية المركزة في العام 2013.

عندما نتحدث عن دولة حققت إنجازا تاريخيا، باستضافة معرض (اكسبو-2020) العالمي لأول مرة في منطقة الشرق الأوسط.

وعندما نتحدث عن دولة تصنّف في المركز الثالث عالمياً في مؤشر ثقة المواطنين بالقادة السياسيين فيها. وعن دولة يعد شعبها الأول عربيا والرابع عشر عالمياً في مؤشرات السعادة والرضا بين شعوب العالم للعام 2013، حسب تقارير الأمم المتحدة.

عندما نتحدث عن كل ذلك لن يتبادر في الوهلة الأولى إلى ذهن أحد أننا نتحدث عن دولة من دول العالم الثالث، وتحديدا من منطقتنا العربية..

ولكن باختصار إنها دولة الإمارات العربية المتحدة.

لقد ارتقت دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تحتفل اليوم )الثاني من ديسمبر( بالذكرى الثالثة والأربعين لاستقلالها، إلى مكانة متقدمة مرموقة بين أفضل الدول العصرية الحديثة في العالم بما حققته من منجزات تنموية نوعية شامخة في شتى المجالات، وبما تميزت به من حضور سياسي ودبلوماسي واقتصادي وإنساني قوي على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتحرك ديناميكي نشط في التواصل مع جميع الدول في قارات العالم كافة، ونجاحها في بناء جسور متينة من التعاون الوثيق والشراكات الاستراتيجية السياسية والاستثمارية والاقتصادية والتجارية والصناعية والتكنولوجية والعلمية والتربوية والصحية وغيرها، مما عزز من مركزها الريادي المرموق في العالم.

إن هذه الإنجازات التنموية المشهودة النوعية والشاملة ما كان لها أن تتحقق لولا فضل الله وحكمة القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، قائد المسيرة الاتحادية المباركة، ولولا الانسجام والتناغم مع أخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإخوانه أولياء العهود، ولولا تضافر جهود المواطنين وتلاحمهم مع قيادتهم المخلصة، وثقتهم المطلقة فيها.

أيها السادة والسيدات

إن طموح دولة الإمارات وسعيها الدؤوب إلى مزيد من التطور وتحقيق الرفاهية لمواطنيها لا حدود له، فقد أطلقت الدولة هذا العام استراتيجيات وطنية جديدة للتنمية المستدامة تقوم على الابتكار والإبداع وتعتمد على اقتصاد العلوم والمعرفة.

وأعلنت دولة الإمارات، في شهر يوليو 2014، قرارها الاستراتيجي التاريخي بإنشاء (وكالة الإمارات للفضاء)، وبدء العمل في مشروع لإرسال أول مسبار عربي إسلامي إلى كوكب المريخ في العام 2021، لتنضم بذلك إلى 9 دول كبرى في العالم فقط لها برامج فضائية لاستكشاف الكوكب الأحمر.

وفي نفس السياق تواصل مؤسسة الإمارات للعلوم والتقنيات المتقدمة تنفيذ بناء القمر الاصطناعي (خليفة سات)، وهو أول قمر يتم بناؤه وتصنيعه بالكامل في دولة الإمارات وبكفاءات إماراتية بنسبة 100 في المائة، وليكون بذلك أول قمر اصطناعي بإنتاج عربي خالص، يطلق مرحلة جديدة لدخول المنطقة العربية عصر التصنيع الفضائي والمنافسة في مجال علوم الفضاء وارتيادها.

وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي أن المشروع الجديد (خليفة سات) هو رسالة لكل العرب بأن لحاقنا بعصر الفضاء ليس بعيداً ولا مستحيلاً، وأن دولتنا ستكون رائدة في هذا المجال، ولدينا الثقة والشجاعة للدخول في منافسة الدول الكبرى في هذا الميدان.

ويأتي هذا في وقت دخلت دولة الإمارات العربية المتحدة صناعة تكنولوجيا الطيران بعد أن أسست شركة (مبادلة للتنمية)، الذراع الاستثماري لحكومة أبوظبي في العام 2009، شركة (ستراتا) الوطنية لصناعة الطيران، ثم أنشأت مجمع العين لصناعة الطيران الذي يبلغ حجم الاستثمارات فيه 10 مليارات دولار على مدى 20 عاماً، وافتتاح (أكاديمية العين الدولية للطيران).

ولا شك أنكم ـ سيداتي سادتي ـ تدركون أن دولة الإمارات العربية المتحدة غدت عاصمة عالمية للطاقة المتجددة، ليس فقط باستضافتها مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا)، وإنما بما حققته من منجزات وطنية ونشاط ديناميكي بارز في هذا المجال في بناء شبكة واسعة من التعاون والشراكات المثمرة وما أبرمته من اتفاقيات إقليمية ودولية مع مختلف دول العالم حول إنتاج الطاقة النظيفة وتغيّر المناخ، واختيار العاصمة أبوظبي محطة لأول رحلة طيران حول العالم تعمل بالطاقة الشمسية تبدأ رحلتها منها في العام 2015 وتنتهي إليها، إضافة إلى استضافتها العديد من القمم العالمية والمؤتمرات والفعاليات المتخصصة مثل القمة العالمية لطاقة المستقبل، وأسبوع أبوظبي للاستدامة، ومنتدى دبي العالمي للطاقة وغيرها.

وفي سياق متصل؛ دخلت دولة الإمارات عملياً مراحل متقدمة في إنتاج الطاقة النووية، حيث سيبدأ تشغيل أول محطة للطاقة النووية في العام 2017 من بين أربع محطات ستقام بإمارة أبوظبي حتى العام 2020 وتنتج كل محطة 1400 ميجاوات، مما يوفر الاحتياجات المستقبلية لطاقة كهربائية آمنة وفعالة وصديقة للبيئة، ويضمن تنفيذ الاستراتيجيات والخطط الطموحة للتنمية المستدامة.

وبعد مرور نحو خمس سنوات على تنفيذ برنامجها النووي أصبحت دولة الإمارات بفضل حرصها ودقة التزامها بالمعاير الدولية وشفافيتها في تنفيذ مختف مراحل برنامجها النووي، تعد نموذجاً يُحتذى به إقليمياً ودولياً بالنسبة للدول التي تسعى إلى امتلاك الطاقة النووية السلمية لأغراض التطوير والتنمية.

وانتخب المؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في اجتماعه في 2 سبتمبر 2013 بالإجماع، دولة الإمارات لعضوية مجلس المحافظين للفترة من (2012/2015)، مما يؤكد ثقة المجتمع الدولي في مواقفها ونهجها المسئول في مجال الطاقة النووية.

أيها السادة والسيدات

إن العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وشقيقتها الجمهورية الإسلامية الموريتانية، هي مثال للعلاقة الأخوية القائمة على الاحترام والتعاون والتواصل، إنها علاقة بين شعبين شقيقين من أمة واحدة تربطهما أواصر القرابة ويوحدهما الدين والمصير المشترك.

وتعتبر العلاقات الثنائية بين البلدين راسخة في القدم إذ تعود إلى بداية قيام الدولتين حين حصل تبادل للزيارات بين الرئيسين السابقين– المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والأستاذ المختار ولد داداه. وكان لتلك الزيارات أثرها البالغ في رسم أسس التعاون والتواصل بين البلدين على مختلف الأصعدة، وقد توالت اللقاءات بين رئيسي البلدين الشقيقين في أبو ظبي وعلى هامش لقاءات القمة العربية والإسلامية، مما دفع مسيرة التعاون إلى الأمام في كافة المجالات.

وقد توجت تلك الزيارات بقيام فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز في 2013 بزيارة لدولة الإمارات للمشاركة في قمتي الطاقات المتجددة والمياه.

ولأجل خلق إطار قانوني ينظم ويطور التعاون بين البلدين الشقيقين صادقت حكومتا الإمارات وموريتانيا مؤخرا على إنشاء لجنة مشتركة للتعاون سيتم تفعيلها في القريب العاجل إن شاء الله.

هذا وتتجسد الروابط الاقتصادية بين الدولتين في كثير من المشاريع التي ساهمت المؤسسات الاقتصادية والخيرية الإماراتية في إنجازها، خصوصا مؤسسة زايد الخيرية وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي وصندوق أبو ظبي للتنمية، من خلال تقديم القروض الميسرة والمنح والمساعدات السخية، والتدخل في الحالات الإنسانية الطارئة، وتتنوع هذه الروابط لتشمل تنفيذ عشرات المشاريع في مجالات البنى التحتية والزراعة والمعادن والصحة والشؤون الإسلامية والطاقة المتجددة (محطة زايد للطاقة الشمسية في نواكشوط).

أيها السادة والسيدات

إن من محاسن الصدف أن نتقاسم هذه الأيام كإماراتيين وموريتانيين مشاعر الفرحة والحبور بمناسبة أعياد استقلال بلدينا العزيز، وهي مناسبة أزف من خلالها أصدق التهانئ وأخلص الأماني لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولأخيه فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز حفظهما الله، راجيا للشعبين الإماراتي والموريتاني الشقيقين مزيدا من التقدم والرخاء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اقرأ أيضا