مصير الأمة بين رؤية يوسف شاهين “المسيحي” وفكر الدواعش”أمراء المسلمين”!!!

سبت, 2017-11-18 11:33

في فيلمه الرائع “المصير” يبدأ الراحل يوسف شاهين الأحداث بحريق محاكم التفتيش في أوروبا وينهيها بحريق مكتبة ابن رشد في دلالة واشارة واضحة على شيوع الفكر الظلامي في بلادنا التي كانت ذات يوم منارة للعلم والفكر والابداع.
يتناول الفيلم “مصير الأمة” بين واقع عاشه المسلمون عندما كانت بلادهم مقصداً للمضطهدين والهاربين من جحيم الظلم الباحثين عن العلم في مكتبات “جامعات” قرطبة والأندلس وغيرها.. يوم أن كنا نفكر بعقولنا وليس غرائزنا.. يوم أن كنا نبحث وننقب ونقدم للبشرية النماذج المضيئة في الرياضيات والطب والفلك وفي كل العلوم الانسانية.
يوم أن كنا ننظر لمن يختلف معنا عقائدياً من منظور ديننا الذي وضع لنا قاعدة مهمة للتعامل مع الآخر تدعو للتسامح والمحبة “لكم دينكم ولي دين”، “وجادلهم بالتي هي أحسن” وغيرها من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة التي تضع اطاراً للتعامل مع غير المسلمين ليس فيه قتل أو عنف أو ارهاب.
ضع هذا في جانب وقارنه بفكر الدواعش الباحثين عن دولة الخلافة مثلما ذكر الارهابي الليبي عبد الرحيم محمد عبد الله السماري في لقائه مع الزميل عماد الدين أديب على فضائية الحياة والذي قال بالنص “ان التنظيم الذي ننشئه هو إقامة دولة الخلافة الإسلامية في مصر، وان القضية بالنسبة له لا تختلف بين مصري وليبي، ولهذا انضم إلى جماعة الشيخ حاتم، وأنه يحارب وينفذ عمليات في مصر لرفع الظلم نيابة عن المصريين”.
الاشكالية أن هذه الشعارات الرنانة يمكنها أن تخدع البسطاء في ظل تراجع مستوى التعليم ومن ثم الثقافة الدينية وهو المدخل الذي ينفذ منه هؤلاء القتلة لاستقطاب اليائسين والمحبطين وما أكثرهم الآن في أمتنا، وتلك هي الثغرة التي وضع يوسف شاهين يده عليها منذ اخراجه لفيلم “المصير”، فأخطر شيء أن تتوارى عقول الأمة بحجة أن التفكير أياً كان مستواه أو درجته يمكن أن يتعارض مع الدين أو أن القتل يمكن اباحته لتصفية المختلفين معك في الفكر أو العقيدة.
الحلقة ــ أو الانفراد ــ الذي قام به عماد الدين أديب تعرض بسببه للكثير من النقد سواء لعدم الاعداد الجيد باستضافة قامات في الدين والاسلام السياسي للرد بقوة على الشبهات التي يثيرها الارهابي حتى لاتأتي الحلقة بنتيجة عكسية أو حتى برفض مبدأ استضافة الارهابيين من الأساس لأن الأمر قد يدخل في زاوية الترويج لأفكارهم المضللة “بفتح اللام وكسرها”.
بصرف النظر عن وجهتي النظر ولهما وجاهتهما فإن مضمون الحلقة يحتاج الى تحليل دقيق من قبل الجهات المختصة ولا أعني الجهات الأمنية فلديها وقائع كثيرة شبيهة وأتصور أنها تعرف جيداً من تواجهه ولكن أعني رجال الدين والقائمين على التعليم، فلابد من الاجابة على سؤال محوري: ما الذي جرى؟!.. ولماذا أصبح القتل هو ديدن البعض ممن حولوا الاسلام الى مايشبه محاكم التفتيش؟!
وفي يقيني أن الاجابة الصحيحة لن تختلف كيثيراً عما توصل اليه يوسف شاهين منذ عقود.. المهم أن تقودنا الاجابة الى خطة عمل حقيقية وبرنامج محدد من حيث الزمن والهدف لاصلاح مناهج التعليم والدعوة في آن واحد بما يحافظ أولاً على أجيالنا الجديدة من الفكر المنحرف وفي ذات الوقت يعيد العقول الى من تم التغرير بهم.
أما المرتزقة الذين يقبضون بالدولار الأمريكاني لتدمير أوطانهم فلهم أسلوب آخر يتسق مع مايقترفونه من قتل وتخريب.

 

أيمن عبد الجواد

اقرأ أيضا