راوغ وناور وقاد كتائب سياسية .. هل سيكون ولد محم رجل العسكر القادم؟

جمعة, 2018-04-13 11:59

رغم أن عمر سيدي محمـد ولد محم السياسي والتنظيمي يزيد على ثلاثة عقود ـ عندما التحق بصفوف "الحركة الإسلامية " في بداية الثمانينات وكلف بمهام في ذلك التنظيم ـ  إلا أن تألقه السياسي كان بعد الإطاحة بالرئيس السابق معاوية ولد سيدي أحمد ولد الطايع فاختاره المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية حليفا استراتيجيا لضرب بعض فلول "النظام البائد" والمعارضين المفترضين فرشحوه منافسا لابن عمه القوي وأول عمدة لبلدية أطار أحمد ولد سيدي باب وبضغوط من العسكر تحول وزن مجموعة الأخير بوجهائها ورجال أعمالها إلى داعمين للأستاذ سيدي محمـد ولد محم وهزم الوجيه التقليدي في نيابيات 2006 فظهر ولد محم  تحت قبة البرلمان نائبا قويا في المعسكر الآخر للمعارضة التقليدية او لنقل خطيبا مفوها ونابغة سياسيا جديدا لتبدأ تلك العلاقة بين العسكر وبين الأستاذ ول محم وبعبارة اخرى بدأت رحلة ذلك "الجندي السياسي" بترقيات متلاحقة وسريعة.

 

مناورات الكتيبة البرلمانية ..

الزمان صيف 2008 والمكان قبة البرلمان الموريتاني وبدأت بوادر خلاف قوي بين الرئيس المنتخب سيدي محمـد ولد الشيخ عبد الله وقائد حرسه الجنرال محمـد ولد عبد العزيز بانفتاح الأول على بعض أحزاب القوى المعارضة (حزب اتحاد قوى التقدم  وحزب تواصل) كان صوت العسكر مع النائب المفوه سيدي محمـد ولد محم يغاضب ويناور ويتحدث عن أزمات الخبز والغاز.

قاد الخطيب المفوه "كوماندوز برلماني" مدعوم من الجنرال محمـد ولد عبد العزيز كان صوته قويا ليقرر الأخير حجب الثقة عن حكومة ولد أحمد الوقف الأولى، وعندما شكلت حكومته الثانية ظل "الكوماندوز" وقائده بالمرصاد لأنشطة تلك الحكومة الثانية والرئاسة .

لقد أبلى المحامي الشاطر سيدي محمد ولد محم ب"مرافعاته البرلمانية" وخطبه العاطفية بلاء حسنا لصالح ولي نعمته وحليفه الاستراتيجي الجنرال محمـد ولد عبد العزيز من خلال تحضير الرأي العام لانقلاب وشيك سيطيح بالرئيس المنتخب وتظل "مرافعاته القانونية" تدافع باستماتة عن الانقلاب.

وفيما يرى خصوم ولد محم أن تاريخ "الكتيبة البرلمانية عارا سيظل يلاحقه إلا أنه كسبها سياسيا وكانت مفترقا سياسيا في حياته

 

وزير إعلام متألق .. ورئيس حزب طموح

في العام 2014 تولى سيدي محمد ولد محم أول وزارة في حياته فكان الوزير المتألق ولسان الرئيس المقنع للرأي العام وللصحفيين، كان أول  وزير إعلام ينظم مؤتمرا صحفيا ويستقبل كافة أسئلة الصحفيين بدون أي إحراج لكن هذا الوزير المفوه لم يعمر طويلا فحول إلى رئاسة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بعد أشهر معدودة.

مراوغات ولد محم السياسية أدخلته في حلف مع الوزير الأول يحي ولد حد أمين ذلك الحلف العتيد بين داهيتين من دهاة السياسة الموريتانية أسقط الوزير الأول السابق مولاي ولد محمـد لغظف وإخراجه من المشهد السياسي ليبقى الرجلان السياسيان بامتياز يتصارعان بينهما على ود الرئيس محمـد ولد عبد العزيز، معارك سياسية، مناورات ومراوغات بين محامٍ سياسي "مأدلج" وبين مهندس شبّ وشاب في هوايته المفضلة وهي الصراع وتحطيم الخصوم السياسيين دون أي وازع، حتى استطاع الأخير عزل ولد محم نسبيا عن السياسة منذ الاستفتاء.

أخيرا رجع "لسان العسكر" ولد محم وحزبه بقوة في الأيام التشاورية للحزب الحاكم وكعادته أطل على أنصاره بخطاب سياسي محبوك في المبنى والمعنى وبلغة عاطفية ستجذب له مزيدا من الأنصار "ما كان من أخطاء فأتحمل مسؤوليته أنا وأنا وحدي.." تتوج بحملة انتساب على المستوى الوطني.

وسواء كانت حملة الانتساب انتصارا لجناح ولد حدأمين الذي أصر على أن تكون اللجان من حكومته المقاطعة للحزب سابقا، أو كان انتصارا لجناح ولد محم بإعادة الاعتبار لحزبه، فإن الأخير عاد إلى الإعلام وعاد حديث الساعة عنه بامتياز ودخل عالم التواصل الاجتماعي مغردا ومعلقا على الأحداث بقوة وكأنه يريد أن يسجل نفسه في مرحلة حاسمة من تاريخ البلد فالرجل منذ أكثر من عقد من الزمن يستغل لحظة المنعطفات السياسية.

 

رجل العسكر القادم..

الآن والبلاد تمر بهذه المرحلة وفي نهاية مأمورية أخيرة لولد عبد العزيز ووسط تكتم كامل للمؤسسة العسكرية الحاكمة في موريتانيا عن من يخلف الرئيس محمـد ولد عبد العزيز هل هو الفريق محمد ولد الشيخ محمد أحمد أم هو العقيد الشيخ ولد بايه؟ أمام هذه الصورة الضبابية  يبقى الحديث عن ترشيح العسكر لرجل سياسي محنك مثل سيدي محمـد ولد محم واردا بالإضافة إلى صفته "جنديا" مخلصا لمؤسسة عسكرية خدمها وفي أحلك الظروف يبقى الحديث هنا واردا جدا عن خيار العسكر لمدني بديل ونسخة جديدة منقحة ومصححة من "سيدي محمـد ولد الشيخ عبد الله ". مع وجود فارق كبير بينهما.

لكن في المقابل من الوارد أيضا أن يتخوف العسكر من ولد محم لأن السياسي المحنك لا يؤمن مكره فيمكنه أن يتخلص منهم بعد انتخابه رئيسا للجمهورية بقوة الدستور والقانون على غرار قصة ولد الشيخ عبد الله السابقة.

ومهما يكن فإن التاريخ الطويل لولد محم مع المؤسسة العسكرية الحاكمة سيجعله عصيا على النسيان كليا من المعادلة السياسية فإذا لم يكن مرشحا للرئاسة، فلن يتخلى ولد عبد العزيز عنه، وإذا كان الشيخ ولد بايه مرشحا مستقبليا فإن ظله سيكون سيدي محمـد ولد محم خاصة أن تحالفهما الآن بدا للعيان.

 

مختار بابتاح

اقرأ أيضا