يوم من أيام العمر/ مختار بابتاح

أربعاء, 2020-12-16 22:56

لله ـيا رفاقـ ما أجمل مجالستكم! وما أحلاها من ساعات قضيناها نتفيأ ظلال طلح "تيكماطين" نطاردها شرقا حتى الأصيل! نسمع نكات محمد فال ولد سيدي ميله وحديثه الشيق عن المجتمع الموريتاني وأسراره، نستفز عبيد ولد إميجن المتمرد على كل شيء، نتمتع بحديث يعقوب ولد السالك صاحب التجارب الكبيرة رغم حداثة سنه نسبيا.

في يوم الأحد الماضي تشرفت بمرافقة هذا الثلاثي الذي لا يمل. قضينا نهارنا معا وفي وقت الأصيل شددنا رحالنا إلى مدينة "المذرذره"، هذه المدينة التي لم أزرها في حياتي سوى مرور خاطف مع رفيق الجماعة الراحل محمد المصطفى ولد بدر الدين. عندما تراءت لنا المدينة تذكرت رحلة "البدر" في خريف العام 2018 ودمعت عيناي حقا، فما زلت أذكر حديثه ونحن نمر من هذه الديار. كان يسرد علي قصص الشاعر الأحول وقريض محمذن السالم. كان يتحدث إلي عن المحصر وتاريخه، وفي العودة من الركيز كان بدر الدين يتحدث لنا في نوازل الفقه التي شهدتها المنطقة عليه رحمة الله.

الآن نلج الميدنة ومعنا رفيقنا محمد فال ولد سيدي ميله، وما أدراك ما هو! أسمع به وأبصر من رجل اجتمعت فيه ثقافة "المحصر" بفتوة "بتلميت" مع محافظة حفدة الملكة "كومبا سالا".. بدال الدليل الخرٍّيت العارف بمجاهيل الأرض كلها يتحدث إلينا عن معالم المدينة، فهذه مدرسة fannanfan العريقة أعادتنا إلى الأيام الجميلة فعلى سبوراتها تهجّى سيدي المختار ولد يحي انجاي لغة فيكتور هيغو واصطف الأمير محمد فال ولد عمير وأحمدو ولد حرمه في ساحاتها وهما مراهقان قبل أن يكونا من قادة الجيل المؤسس.

سرنا في معالم المدينة لا يطيب المقام لمغامرات الرفيق يعقوب ولد السالك ولا تقلبات عبيد "المجذوب". ما يهم أن الجماعة "صدمت" أو لنقل فوجئت بأن حظر التجوال تم ابتداء من الساعة السادسة ونحن ما زلنا في مدينة المذرذرة ونصر على أن نبيت في العاصمة نواكشوط حالنا مثل الأديب الذي وقفت مطيته فأنشد:

جملي مشيه إبان كل... فتران وصافي روحو

وان فتران ومونكل ... ما نكدر كون انروحو

سرنا وسرنا مع الأصيل وودعنا ديار المدينة العتيقة وأطلالها البالية ونزل أربعتنا في منتصف الطريق سويعات على وقع موسيقى بيظانية أثارت المجذوب عبيد الذي يفضل في الغالب "هول النصارى" خلافا للرفيق يعقوب ابن "اجنكه" المفتوح في أزوان والحافظ لآلاف التفلواتن.

وفي المساء كان المبيت في بيت أهل سيدي ميله، بيت كرم وفتوة تسمع منه طرائف "بدال" التي لا تمل، ويفوح من جدران البيت عبق الأديب المرحوم المصطفى ولد أتفغ أعمر الأديب اللبيب.. هل سمعت برجل لخص الدنيا كلها في يوم واحد قبل أن يعلن "يا لطيف العصر أصلّ .. مات كدامكْ كون الليل"؟ هل من الصدفة أن نتنفس عبق كلمات ولد أتفغ أعمر؟ وهو الذي كفانا مؤونة تخليد مسائنا في رائعته:

تاسدبيتي من عندْ... الدشرَ متفكّدْ

عني خظت اعل غردْ.. (انجبقْ) لصْفرارْ

وارجعت وكنت انكدْ... نعطِ ليلَ وانهارْ

غير اتشيبين إردْ ... عن ياسر من شي سارْ

ؤيلالي مثقلْ حدْ .. ماهو مخصورْ أخبارْ

سلاما عليكم يا آل سيدي ميله وسلاما على رفيقيَ العزيزين يعقوب ولد السالك وعبيد ولد إميجن.

اقرأ أيضا