بتلميت ... صراع محتدم بين أجنحة المال والتصوف

خميس, 2019-04-04 12:57

زيارة المرشح الرئاسي محمد ولد الغزواني الأخيرة لمدينة بتلميت يوم 1 ابريل كشفت عن خلافات بين أقطاب الموالاة داخل المقاطعة، ورغم أن الخلاف خرج للعلن منذ فترة إلا ان الزيارة كشفت كل الأسرار تقريبا تمثل ذلك في الفوضوية والتدافع وغياب مركزية القرار الذي صاحب استقبال مروحية غزواني وظروف التهيئة للزيارة بشكل عام.

فكان من المفروض أن يستقبل في مجمع بتلميت السياحي قبل أيام وهو ما رفض في اللحظات الأخيرة، وتم إرسال خيام خاصة على نفقة المرشح محمد ولد الغزواني ضربت بساحة حاكم المقاطعة.

وفي صباح الزيارة حجزت حملة المرشح محمد ولد الغزواني "فندق منام"  شمالي المدينة على نفقتها الخاصة وتمj استضافته من قبل مرافقيه ليقطع الطريق أمام قطبي الصراع (أحمد سالم ولد بونا مختار والفخامة ولد الحكومة).

وفي زوال نفس اليوم تحولت قاعة الانتظار في الفندق إلى حلبة بين المتصارعيْن  كل يستعرض عضلاته ويريد احتكار لقاء غزواني لكن الأخير اعتذر لهما  قبل أن ينزل ويقبل لقاء الاثنين خمس دقائق فقط لكل واحد.

 

الفخامة .. "قطب" السياسة الصاعد

الشيخ سيدي محمد ولد الحكومة (الفخامة) هو أحد الأقطاب السياسية الصاعدة يحظى بعلاقة كبيرة بالعسكر وقد بدأ شيخ الصوفية التألق السياسي منذ سنوات قليلة وعمل عدة مآدب استطاع خلالها أن يكسب عدة مجموعات محلية في المقاطعة.

علاقة الفخامة بالمؤسسة العسكرية مكنته من ترتيب لقاء مع المرشح محمد ولد الغزواني ضمن سلسلة زيارات قام بها  لبعض مشاييخ البلد من بينهم الشيخ عبد الله ولد بيه.

هو إذن قطب من أقطاب الدولة العميقة يتشكل ويتصاعد بسرعة ويتألق في مقاعة بتلميت عنوانه "الفخامة" وهو واعد حسب أنصاره لكنه ما زال في بداية مشواره وإن  استطاع أن ينتزع مجموعات من أتباع ولد بونا مختار لكنه في كل الأحوال لم يستطع حتى اللحظة استقطاب ساكنة المقاطعة.

 

القرشي وولد بونا مختار..  مدٌ وجزر

قطب آخر من أقطاب السياسة يجمع رجلي أعمال هما أحمد سالم ولد بونا مختار والنائب محمد محمود ولد المختار السالم (القرشي) وعلاقتهما يحكمها المد والجزر ويمارسان لعبة القط والفأر وتبدو العلاقة متوترة أحيانا لكنها تتقارب  خاصة أن الاثنين يجمعهما مواجهة حلف الفخامة ولد الشيخ سيديا، وقد استطاع هذا الحلف المؤقت أو على الأصح استطاع القرشي أن يصطاد الغزواني في زيارته المذكورة للخصم الفخامة وتمت في نفس الزيارة برمجة لدعوة من قبل القرشي.

نظم القرشي مأدبة عشاء على شرف غزواني ودعا لها ولد بونا مختار وحلفه السياسي، وقد ألقى غزواني كلمة متحفظة و مقتضبة جدا وشكر الجميع وعمم أكثر حتى لا يحرج أحدا تماما مثل خطابه في بتلميت بعد ذلك.

كان ولد بونا مختار نهاية السهرة نادما على أن القرشي خطف الأضواء منه في تلك السهرة وهو يرى أنه أحق بها منه لأنه في الميدان السياسي أكثر من القرشي، والقرشي لم يسبق أن ترشح نائبا لمقاطعة بتلميت في الوقت الذي استطاع ولد بونا مختار انتزاع منصب النائب مأموريتين متتاليتين.

أنصار القرشي من جانبهم كانوا مغاضبين على ولد بونا مختار حيث أكد أحدهم أنه يتبرأ من مشاركة ولد بونا مختار وأنها لا تمثل حلفهم مطلقا.

قوة رجل الأعمال أحمد سالم ولد بونا مختار في مجموعات قبلية محلية يسيطر عليها ماليا سواء من ناحية الديون التي يطالب بها بعض أبناء المقاطعة أو ما يذكره أنصاره من بعض الخدمات، والنتيجة التي يفتخر ـ كما يفتخر كل رجال الأعمال ـ أن حلفه متماسك جدا، ومع ذلك تمت انسحابات أخيرة منه لصالح الفخامة ولد الشيخ سيديا.

فيما يراهن القرشي أيضا على مجموعات قبلية وازنة في المقاطعة تضمن له أن يكون جزء لا يستهان به في معادلة الدولة العميقة بأبي تلميت.

 

نهاية مرحلة .. وبداية خارطة

ويُذكِّر واقع بتلميت اليوم بأحلاف تشكلت مع المسلسل الديمقراطي وهي "النكاطة" يقودهم حلف أهل الشيخ سيديا، ومجموعة "البساط" ويقودهم حلف أهل الشيخ سيدي محمد وهما حلفان أصبحا جزءا من التاريخ السياسي للمقاطعة أو لنقل لم يعودا على رأس الأحلاف، فعائلة أهل الشيخ سيديا لم تعد اليوم تترأس حلفا وحل محلها الفخامة ولد الشيخ سيديا، وعائلة أهل الشيخ سيدي محمد انتهت كرأس حربة وتلك العائلتين في صف واحد ضد حلف الفخامة.

وفي ظل التغيرات التي وقعت في المعادلة ببتلميت منها ضعف العائلتين السابقتين سياسيا وإخفاقات المعارضة الموريتانية وتجاوز سن الترشح القانونية لأحمد ولد داداه تبقى الصورة في مهد "تكتل القوى الديمقراطية" هي الصراع بين أجنحة النظام الكبرى وممثلي الدولة العميقة وهو صراع مرشح لمزيد من التأزم...

 

مختار بابتاح

اقرأ أيضا