هذا الشبل من تلك اللبؤة!/ محمد فال ولد سيدي ميله

اثنين, 2020-05-11 11:33

 

عندما علمت بخبر وفاة المغفور لها مريم بنت بنيامين، تذكرت كل ما مر بي من ذكريات مع ابنها الصحفي اللامع المختار بابتح. كنت كلما تذكرت إحدى خصاله الجمة، أقول: لابد أن هذه السيدة كانت على درجة عالية من مكارم الأخلاق، فضلا عن أنها كانت تتقن ما رسبت فيه الكثيرات من فن التربية.

لم أعرف أبدا والدة صديقي وأخي المختار بابتح، لكنني، من خلاله، كنت أعرف أنها من طينة النساء اللائي يعرفن من أين تؤكل كتف الخلق العظيم، والطبع الرزين، والطرافة من غير تكلف... كل ذلك، وغيره من الفضائل، لابد أن المختار ورثه عن أم فاضلة ليست ككل الأمهات.

في كتاباته إنسانية راقية (وقوفه، يستنطق الدمن الخوالي، فوق قبور ضحايا الذهب في المهمه، ينبئ عن حس صحفي حقوقي قلّ نظيره).. في علاقاته حسن وروية واحترام صوفي سماوي.. في رواياته للقصص والدعابات عمق لا يعرف الابتذال.. وفي العمل معه راحة واستفادة وجو من الابتسامة تفرضه حلاوة طبعه وصفاء طبيعته.. أشياء، في الحقيقة، لا تجتمع إلا في شخص تلقى تربيته على يد سيدة كريمة المنبت، راجحة العقل، سامية الأخلاق.

المغفور لها مريم بنت بنيامين، قد لا نعرفها حق معرفتها إلا عندما نسافر، سفرا مضنيا بعيدا، مع ابنها المختار.. هناك نكتشفها لأننا نكتشف أن شبلا ما، داخل الرفقة، يغزو عقولنا بتؤدة، جامعا بين خفة الظل، وجزالة المنطق، وسرعة البديهة، وأجَلِّ مسلكيات التواضع، فلا نشعر معه بملل أو ضجر مهما تناءى الربع وبَعُدَ المرتع. حينها، نتأكد، بما لا يخامره أدنى شك، أن هذا الشبل من تلك اللبؤة.. فله منا التعازي ومشاطرة الأحزان، ولها من بارئها الرحمات والفراديس.

 

اقرأ أيضا