معركة تسريب المكالمات من يستهدف من؟

ثلاثاء, 2021-01-26 09:14

الشروق ميديا (نواكشوط) : سلاح تسريب المكالمات والتسجيلات الصوتية سلاح نفسي يستهدف خصوصيات الأفراد وفضح أسرارهم للملأ، وحتى لو لم تحمل تلك التسجيلات على معلومات ووثائق إلا أنها تبقى سلاحا هدفه الأول هو رسالة للعدو المستهدف أن كل المعلومات بحوزة المسرِب. 
وقد ظهر هذا السلاح بقوة  في العام 2017 بعد معركة إسقاط الشيوخ عندما سقط هاتف السناتور محمد ولد غده في يد جهة فيغنم خصومه وخصوم محوره السياسي بكنز من التسجيلات التي تمت سرقتها وبثها على جميع المجموعات وتزامنت تلك التسجيلات مع تسجيلات لساسة آخرين أمثال محمد ولد اخليل والمصطفى ولد لمام الشافعي،  وقد كان الهدف السياسي من تلك المعركة تبرير خطوة إلغاء مجلس الشيوخ الغير دستورية حسب المعارضين.
وفي هذا العام كان زعيم "إيرا" بيرام ولد الداه اعبيدي هدفا مشروعا لخصومه وتم تسريب عدة مكالمات شخصية أكد في مؤتمر الصحفي الأخير أن الجهة التي سربت هذه المكالمات تلاعبت بها كثيرا.. 

 

بوعماتو وولد الوقف .. القواسم المشتركة
رجل الأعمال محمد ولد بوعماتو الخصم الأكبر للرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز تصارعا مرات وبكل الاسلحة المتاحة عاش الأول عقدا  من الزمن خارج الوطن، صدرت في حقه عدة مذكرات لكن حرب التسريبات نجا منها صوته وبقيت أصوات محمد ولد غده ذراعه السياسي هي السائدة . 

اليوم وبعد ان عاد الرجل إلى الوطن وتنفس ولد غده هواء الحرية الطلق ظهرت هذه المكالمة الأخيرة بين الرجلين في هذا التوقيت الذي ينتظر فيه الجميع إحالة ملف الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز إلى القضاء، معظم المكالمة تهكمية ضد الرئيس محمد ولد عبد العزيز.

مكالمة أخرى لا يفصلها عن سابقتها أسبوع وهي مكالمة النائب يحي ولد أحمد الوقف مقرر لجنة التحقيق البرلمانية في ملفات العشرية، وفيها المكالمة يحاول أحد الأشخاص شطب اسمه من المتهمين بالفساد. 
فمن يقف وراء تسريب المكالمتين المثيرتين في هذا التوقيت؟ مهما يكن فإن القاسم المشترك بين مكالمة بوعماتو وولد أحمد الوقف واحد وهو الصراع مع الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز،  فهل ما زال الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز  يملك أوراق ضغط قوية يستطيع إخراج ملفات وتسريبات خاصة ضد خصومه حتى ولو كانت الأوراق من قبيل تسريب مكالمات حصلت بعد مغادرته للسلطة؟ وهل يريد أنصار عزيز من هذه  التسريبات ـ إن كانوا وراءها بالفعل ـ توجيه رسائل للخصوم وللرأي العام مفادها أن هذه مجرد بداية وأن الأيام القادمة ستكشف مزيدا من التسريبات الخطيرة؟ أم أنها مجرد صدفة حصلت في  هذا التوقيت وبالتأكيد سيستفيد منها  ولد عبد العزيز وسينشغل الرأي العام بالأسئلة الكثيرة عنها..

 

عدم الملاحقات يزيد الغموض..
رغم أن مضمون المكالمات لا يحمل معلومات كثيرة إلا أن خصوصية الأفراد حق تكفله كل القوانين،  فلماذا لم تحرك دعوى ضد شركات  الاتصال مثلا و التي التزمت بتشفير المكالمات أمام سلطة التنظيم. وهل تطورت القرصنة في موريتانيا وأصبحت كل المكالمات بيد قراصنة خصوصيين يستطيع الساسة من خلالهم تصفية حسابهم حتى ولو كانوا خارج السلطة؟
في دول عدة تتهم الأجهزة الأمنية باختراق المكالمات الخاصة بهدف جمع المعلومات لكنها تبقى سرية ومؤرشفة وليست دليلا قضائيا للإدانة كما هو الحال في  الولايات المتحدة الأمريكية حيث يمنع القضاء الفدرالي كل المعلومات التي يتم الحصول عليها عن طريق التجسس. 
مهما يكن فإن هذه تسريب المكالمات الخصوصية حرب تتصاعد نيرانها بين الفرقاء السياسيين في موريتانيا ضحاياها ينتقمون من الخصوم بنفس السلاح بدل المحاكمة والقضاء فهل تتطور هذه الحرب بالتزامن مع اقتراب فتح ملفات العشرية أم أن بداية هذه الحرب سيؤثر على مسار تلك الملفات قبل إحالتها للقضاء ويتجه الجميع إلى حلول عقلانية لكل طرف ماء وجهه..؟

اقرأ أيضا