الحرب الناعمة بين المنظومة الأخلاقية والسلوكيات الجديدة

أربعاء, 2021-03-03 11:27

تشكل المسلسلات الأجنبية إحدى أهم أدوات انتقال القيم والثقافة بين مجتمع وآخر وتتنوع تلك الرسائل  تُعتبر حسب المرسل فمنها المكسيكي والتركي والهندي .
تعدد هذه الثقافات واختلافها مع خصوصية المجتمع الموريتاني وعاداته أثر بشكل مباشر على مختلف القيم والمبادئ فقام بتعديل بعضها وإلغاء البعض.
وتعتبر الأسرة ككيان ومنظومة اجتماعية في واجهة تلك القيم الوافدة مما يؤثر على الهوية والثقافة والتربية التى تربى عليها الفرد وتشبع من موروثها وخصوصيتها.
 الحرب الناعمة هنا بين المنظومة الأخلاقية للمجتمع  والأفكار والسلوكيات الجديدة التى تشكل أداة هدفها زعزعة الثوابت بدهاء وخفة دون مراعاة لأيّ اعتبارات أسريّة أو مجتمعيّة أو دينيّة.
هذه هي العولمة الثقافية ضمن سلسلة مؤلفة من ثقافة الإستهلاك وغياب الدين عن الحياة الواقعيّة والسعي خلف المال والغرائز الجنسيّة مع غياب الرادع الأخلاقي وغياب الرقابة داخل الأسرة.

وفي خلاصة تحليليّة لأبرز ما يترتّب على مشاهدة المسلسلات الأجنبيّة نجدها كالآتي:
1- تفكُّك الأسرة: تستهدف المسلسلات المذكورة بالدرجة الأولى الأسرة ككيان اجتماعي، وتستهدف محور هذا الكيان ألا وهو المرأة، وتحاول تفكيكها وإبعادها عن قيمها وعفّتها وحيائها، وتعمل على تسطيحها فكريّاً، خاصةً أن أغلب المشاهدين لهذه المسلسلات هنّ من النساء. ولأنّ الأسرة المتماسكة تعني المجتمع المتماسك الذي ينبغي أن يسود فيه حسّ الانتماء وروح التعاون، فلا بدّ من دقّ ناقوس الخطر ونشر الوعي وتبيان خطورة هذه المضامين؛ التي تؤدّي إلى مشكلات كثيرة مثل: الطلاق، وكثرة الخلافات الزوجية، وإهمال الأسرة، وعدم تحمّل مسؤوليّة البيت.

2- نشر نمط الحياة الغربيّة: تشكّل المسلسلات الأجنبية ناقلاً ممتازاً لأسلوب الحياة الغربيّة وإبرازها بأنّها الأجمل، وترويج قيم وعادات وقوانين، كالسفور الفاحش، والاختلاط في أماكن العمل والتعليم، والحريّة المطلقة للمرأة، ومنها حقها في أن "تصاحب" من تشاء وتعاشر مَن تحبّ، دون مراعاة لطبيعتها وعفّتها، والقيم الإسلامية التى نشأت عليها . 

3- التأثير على الأطفال: عندما يشاهد الأطفال ما يشاهده الأهل، فإنّ مجموعة مفاهيم تتسلّل إلى عقل الطفل لتسلب منه براءته.

4- تسطيح الفكر: بعد الانغماس في مشاهدة ذاك النوع من المسلسلات يصبح جلّ ما يشغل بال المشاهد هو ماذا سيحدث في الحلقة التالية، ويصبح حديث الأقارب والأصدقاء، أو ما اكتشفه المشاهد من حياة الممثل الحقيقيّة عبر الإنترنت أو غيره من الوسائل، فنلاحظ على سبيل المثال ذاك الممثل يناصر المثليّين وغيرها كثير من القصص المفتوحة مع شاشة عرض دائمة، وإنترنت يسع أخبار العالم كله.

5- إضعاف التدين: رغم تعدّد الأحداث والمواقف فلا أثر للدين في هذه المسلسلات فهو غائب حتّى بمظاهره، بل يروّج لمعتقدات علمانيّة، ولربّما تداخل الدين مع اللادين. فعندما يشاهد المشاهد الصورة النموذجيّة الخاطئة لأبطال المسلسل الذين يحيون حياة كاملة بعيداً عن الدين والله، فبالتالي ستترك هذه الصور النمطيّة المتكرّرة أثراً سلبيّاً عليه. مضافاً إلى ما يُحدثه الانجذاب إلى تلك المسلسلات من تهاون في أداء الواجبات الدينيّة. 

 كيف نحمي أولادنا؟
بناءً على ما ذُكر، لا بُدّ من السعي نحو حماية أولادنا وتحصينهم من هذه المخاطر الجسيمة؛ حتّى لا تؤثّر على المنظومة القيّمة الأصيلة لديهم. وذلك يتمّ من خلال: 
أولاً: المجتمع بما يمثّله من مؤسّسات اجتماعيّة تقوم بدور التوعية من مخاطر هذه المسلسلات، والتوجيه نحو البدائل التي تحمل قيماً أسمى وأهمّ لبناء الفرد. 

ثانياً: المدرسة التي يتوجّب عليها اتباع مناهج تربويّة متقدّمة تمنح الوعي اللّازم للطلاب حول مخاطر نظريّة العولمة، ومدى تأثيراتها على الجيل القادم. 

ثالثاً: دور وسائل الإعلام من إذاعة وتلفزيون ووسائل تواصل اجتماعي؛ وسائل الإعلام التي تتحمّل مسؤوليّة توجيه أكبر شريحة ممكنة نحو اكتساب قيم فاضلة عوضاً عن تلك المنحطّة. ولا ننسى دور الأهل الحتميّ في حماية ومراقبة أولادهم بالتزامن مع المؤثّرات الخارجيّة.

أبنائنا أمانة بين أيدينا، والمحافظة على سلامة قيمهم ودينهم وأخلاقهم من الهجمة الشاملة التي يشنّها الغرب على مجتمعنا بهدف عَولمته، هي محافظة على ديْمومة القيم الإلهيّة الطاهرة؛ التي تنبع من فطرة الإنسان السليمة .

عائشة سيدى عبد الله

اقرأ أيضا