ولد صلاحي: في بلدان كثيرة أصبحت الحرب على الإرهاب "عملية احتيال وأداة سياسية"

ثلاثاء, 2021-05-11 19:37

ترجمات "الشروق ميديا" - وصف السجين الموريتاني السابق في غوانتانامو والناشط الحقوقي محمدو ولد صلاحي الحرب على الإرهاب بأنها أصبحت "في بلدان كثيرة عملية احتيال"، مضيفاً أنها صارت "ذريعة للقمع، وأداة سياسية تستخدم لوصف كل الجماعات المعارضة للسلطة القائمة، خاصة في إفريقيا وفي الدول الاستبدادية".

وفي مقابلة مع صحيفة "لوبوان آفريك" الفرنسية قال ولد صلاحي إن هذا الوضع "لا يؤدي إلا إلى تجاوزات لأن العالم الغربي ما زال يعتبر البلدان العربية وأفريقيا استثناءات من القاعدة. فنحن لا نُعامل بكرامة ولا تُحترم حقوقنا. والسبب الرئيسي أن قادتنا فاسدون، ولكن أيضًا لأن الولايات المتحدة لا تضع لنا اعتباراً. وهذا أمر يجب أن ينتهي". وأضاف: "إن شباب بلادنا لا يطالبون إلا بالتمتع بنفس الحريات التي يتمتع بها الشباب الغربيون، وبأن يعاملوا مثل هؤلاء وليس بإجراءات خارجة عن القانون".

 

إغلاق غوانتانامو

وشدد ولد صلاحي في المقابلة التي أجرتها الصحفية كليمانص كليزيل على ضرورة إغلاق معتقل غوانتانامو مشيراً إلى أن باراك أوباما وعد بإغلاقه لكنه لم ينجح، مضيفاً أنه وجّه خطابًا شخصيًا إضافة إلى توقيع خطاب آخر مشترك مع معتقلين سابقين إلى الرئيس جو بايدن للمطالبة بإغلاق معسكر غوانتانامو. ويعتبر ولد صلاحي أن بايدن الذي "فقد زوجته وابنته عندما كان سيناتورًا شابًا، يدرك معنى المعاناة وآمل أن يساعده إيمانه في اتخاذ القرار الصحيح".

وتناول ولد صلاحي في المقابلة ظروف سجنه التي استمرت 14 عاما دون محاكمة قائلاً: "لأنني اعتقدت أنهم سيكتشفون أنني بريء، فقد تعاونت أثناء الاستجوابات. لكن بعد ذلك، ومع جلسات التعذيب العديدة التي أُخضِعت لها وكذلك الاستجوابات التي لا نهاية لها ولا منطق يحكمها، حصلوا مني على اعترافات كاذبة. بعد اعتقالي دون محاكمة، كان بإمكاني تقديم شكوى من الولايات المتحدة، لكن عندما أردت فعل ذلك، تعرضت للترهيب لإجباري على التراجع. لقد هُددت بإخباري أنه بغض النظر عن القرار الذي سيجري اتخاذه، فلن يفرج عني بأي حال من الأحوال. وهذا ما حدث عندما قدم المحامون لي أمر مثول أمام المحكمة عام 2005: حاولت الحكومة كل شيء لتعطيل الإجراءات. وقد بذل المحامون عني كل جهد ممكن لضمان عقد جلسة استماع في عام 2009. ورغم استنتاج القاضي أنه لا يوجد دليل على اتهامي بالإرهاب وأنه يجب إطلاق سراحي، استأنفت الإدارة الحكم وبقيت في السجن لمدة 6 سنوات أخرى قبل الإفراج عني في عام 2016".

وأضاف ولد صلاحي :" لقد دعت منظمة العفو الدولية مؤخرًا الحكومة الكندية إلى التحقيق في دور الدرك الملكي وجهاز المخابرات والأمن الكنديين في قضيتي. فمثل مسلمين آخرين في كندا، تعرض كثيرون كنت منهم لسوء المعاملة من الولايات المتحدة بعد أن أعطتها الاستخبارات الكندية معلومات مضللة عنا. إن الولايات المتحدة تنتقد الانتهاكات التي ترتكبها دول أخرى، لكن مع غوانتانامو لديهم الأسوأ وما زالوا يفعلون ما هو أسوأ. إنه خطاب المعايير المزدوجة لأنه عندما يتعلق عدم احترام الحقوق بالغرب، نتجاوز الأمر بسهولة".

 

تجربة قاسية

وحول الأمور التي ساعدته على تحمل التجربة القاسية أردف قائلاً: "لقد أحسست بالقهر عندما أُخذت من والدتي. وصورتها في مرآة الرؤية الخلفية للسيارة وسبحتها وهي تدعو لي راسخة في مخيلتي إلى الأبد... لا شك في أن التربية والقيم التي تلقيتها في طفولتي مثل التسامح أو الدعاء ساعدتني على التعامل مع ذلك. كان التعليم الذاتي ضروريًا أيضًا: تعلم لغات جديدة، وكتابة كتاب، والدعاء... وقد حاولت دائمًا أن أفهم من اختطفوني بأفضل طريقة أستطيعها. ورغم هذه التجربة المؤلمة وأعمال التعذيب، لم أتوقف أبداً عن الإيمان بالقيم الإنساني".

وأضاف: "في اليوم الذي سامحت فيه الجميع، وجدت السلام والصفاء. كان الأمر تحررًا لأنني في النهاية لم أسامح لأن الناس استحقوا ذلك، بل لأنني أردت أن أعيش بسلام مع نفسي ومع العالم. وبالطبع لم يكن هذا أول ما خطر ببالي، لكنني عثرت على طريق المصالحة والتعايش".

وحول ظروف ما بعد السجن أشار ولد صلاحي إلى منعه لسنوات من الحصول على جواز سفر، ومن ثم منعه من الحصول على تأشيرة لدخول بلدان الاتحاد الأوروبي أو أمريكا الشمالية مضيفاً: "أعلم عبر رسائل البريد الإلكتروني وتقارير إعلامية أن مسؤولين من الحكومة الأمريكية قد أرسلوا رسائل لحظر جميع طلباتي. وهذا بينما تعيش زوجتي، وهي أمريكية، وطفلي في برلين. وحالياً، لا أستطيع زيارتهما. يمكنهما القدوم لرؤيتي في موريتانيا، لكن لا أستطيع الذهاب للقائهما في ألمانيا. وأعيش اليوم في نواكشوط حيث أصبحت ناشطاً في الدفاع عن حقوق الإنسان. أريد أن نعامل، بغض النظر عن أدياننا أو ثقافاتنا، بنفس الطريقة".

 

"الموريتاني"

وتناول ولد صلاحي مشاركته فيلم "الموريتاني" الذي يروي قصته قائلاً: "منذ البداية، استُشرت لتقديم توضيحات من جانبي. ولذلك قدمت استشارتي عندما كان ذلك يطلب مني، لكنني تركت المهنيين يؤدون عملهم. وبفضل ذكرياتي، تمكنت من مساعدة المخرج حتى يكون الفيلم أكثر أصالة ويتتبع بقدر الإمكان ما عشت. وصفت لهم الزنزانة... إلخ. وفي أغلب الأحيان، أخذوا اقتراحاتي بالحسبان. تحدثت أيضًا مع طاهر رحيم الذي يؤدي دوري وسُمح لي بالمشاركة في التصوير في جنوب إفريقيا".

واعتبر أن الفيلم قريب جدًا من الواقع ويجسد "انتصار اللاعنف" مضيفاً: "بالطبع شاهدته لكني لم أستطع رؤية المشاهد العنيفة لأنها ذكرتني بالكثير من الأشياء المؤلمة. هذا الفيلم فرصة للناس لمعرفة روايتي للقصة، وللتنديد بالإفلات من العقاب وكذلك لمشاركة ما عاشه سجناء آخرون كُثر. ولعله يؤدي يوماً ما دورًا في إغلاق معتقل غوانتانامو؟".

اقرأ أيضا