رواية القبر المجهول / أحمدو ولد عبد القادر (الحلقة3)

اثنين, 2015-02-23 00:29

......... وتكلمت فاطمة العرّافة بعد أن تأكدت أن السماء خالية من الغيوم والبروق فقالت:

ثلاثة أشياء، لا يعرفها إلا الله: الجنين في بطن أمه، هل هو ذكر أم أنثى؟ المطر متى سينزل؟ ومتى وأين سيموت الإنسان؟
هل رأيت يا ديلول كيف يوضح جواب العرّافة مدى جهلك؟!.. المطر ... الخريف سيأتي هذا العام قبل أوانه! لعنك الله من ثرثار جاهل.
نحن في الجهل سواء، إن لم تكن أجهل منا يا حمار النار... هاهاها ..!
ولكن استمع إلى ما تقوله فاطمة العرّافة.
تابعي يا مرابطتنا.
قلت كلامي وأجبتكم، ألا يكفي؟
... ولكن هل ضربت اليوم "قزانتنك" على الرمل؟

وأضاف آخر:

وهل رأيت من خلالها بشائر متعلقة بالمطر؟! إن قحط الصيف يرهقنا جدا؟
فعلت ذلك بطلب من  النساء كعادتي كل يوم وما أشارت إليه "قزانتي" عكس ما قال ديلول ...
وماذا رأيت؟!
رأيت ريحا دكناء ورديفا شر على مركوب أسود، في ليل حالك الظلام! وأمرت الناس بالتصدّق و"الصدقة تدفع البلاء".

وذكر جميع المستمعين اسم الله، ونووا في نفوسهم دفع صدقات في الصباح القادم، إما بتقديمها إلى العرّافة أو بإرسالها إلى بعض أسر أولاد عبد الرحمن.

وفيما استعاذ الجميع من شر ما ذكرت المرأة، وخفت روح المرح التي طبعت أحاديثهم، ترنّم أحد الرجال مستلقيا على قفاه، بكلمات مألوفة لدى الرعاة في هذا الفصل من السنة: "إننا حقا مساكين مثيل الضفادع التي نضب الماء من حولها فبقيت محشورة لا تدري متى تموت عطشا".

ثم رفع المترنم صوته ليسمعه الآخرون:

قبل أعوام رأيت أولاد عبد الرحمن يحفرون غارا ضيقا حتى وازى عمقه طول الذراع، وقد حفظوا ترابه في وعاء، ثم ردوها إليه. ويقولون إن تراب الغار إذا ملأته أو فاضت عنه، كان هذا دليلا على كثرة ماء المطر، وإن لم يمتلئ رأوه دليلا على استقبال سنة جافة.
وأنا حضرت لديهم ذلك مرة ويسمون اليوم الذي يفعلون فيه هذا يوم العنصرة !

...........

يتواصل..

اقرأ أيضا