الحركات الأزوادية بين مطرقة الضغط الدولي وسندان الرفض الشعبي

خميس, 2015-03-19 22:18

التطورات التي خلقتها الثورة الأزوادية، أدخلت العالم بما فيها مالي في مرحلة جديدة وهذا ما جعل التغيير ضرورة ملحة في جميع الأنظمة التي تم إنشائها في القرن العشرين ، ولذلك فمع هذه التطورات دخلت هذه الشمولية في وضع صعب. مالي عليها أن تقوم بالتغيرات وتجري الإصلاحات بشكل شامل أو تتعرض للضغوطات أزوادية-وطنية لأنها بقيت بعيدة عن العصر ولا تتجاوب مع متطلبات المرحلة فقد انتهى دورها في أراضي غيرها، وبدلاً من أن تلعب دوراً تقدمياً بالنسبة للشعوب والمنطقة تحولت إلى عبأ على كاهل الشعوب ، وتقف حجرة عثرة أمام التطورات نتيجة تحولها إلى أداة لا تفي مصالح الشعوب. ومن ناحية الأزواديين بدأ الشعب بالمقاومات والعصيانات والمسيرات والتظاهر وعمليات شبه ديمقراطية التي شمل الشعب بجميع أطيافه وصولا إلى مؤسسات المجتمع المدني وغيرها . ومن ناحية أخرى الحركات الأزوادية نتيجة تخلفها وتحولها إلى عقبة أمام الأنظمة المالية أي العالمية التي تريد تطوير القضية إلى ساحة ضيقة على جميع الصٌعد، بضغوطات لا تعدٌ ولا تحصى. إن تجربة الجزائر تعطي الكثير من العبر والدروس للشعب الأزوادي وللأنظمة الموجودة في المنطقة وتظهر الحقيقة جلية أمام الأعين بان جماهير الشعب الأزوادي قادرة على إسقاط القرارات العنترية الموجودة وتجبرها على النظر فيها حتى ولو أرادت الأنظمة العالمية إعادتها تحت يافطات الظلم وتحريمه من صلاحية اتخاذ القرار. إن هذه الأنظمة التي كانت تنظر إلى الشعوب الأزوادية نظرة فوقية متعالية بأنها لا حول ولا قوة لها إلا بالاستناد على النظام المالي قد ظهر للجميع جليا في أزواد بان الشعب هو الذي يقرر مصيره بعيدا عن خلافات القادة، حتى ولو وقفت خلفها بعض الدول التي تسلط كالسيف على رقاب الشعوب من اجل ترهيبه وتخويفه للخنوع أمام كل ما يقال له ويفرض عليه من يدعي النزاهة، بهذا أثبت الشعب الأزوادي بان إرادته مازالت تحافظ على قوتها وان تلك التقييمات والتحليلات التي تتم بصدد الشعوب على أنها عاجزة ما هي إلا نظريات مبتكرة من قبل تلك الأنظمة نفسها ، ليس لها إمكانية الحياة في الوجود وقد عفى عليه الدهر . اتضح للجميع أن الجزائر هي التي ساهمت بعد الإحتلال المالي في صناعة تلك الأنظمة على تهميش و تقزيم الأزواديين لكي لا تبقى فيهم القوة والإرادة. ونرى أن القضية الأزوادية هي قضية داخلية بين أطراف النزاع مالي من جهة وأزواد من جهة أخرى يتطلب حل الكثير من المسائل العالقة فيها بالجدية والنقاش بعيدا عن عصبية العمالة والأوصاف الدولية وخاصة بعد التدخل في أراضي الجارتين والمخطط الفرنسي-الجزائري في الساحل الكبير والعمل على التأثير بمختلف الأشكال بدأً من الضغوطات السياسية إلى الاقتصادية إلى تحريض الداخل كما يقوم بها في ليبيا والتي أعطت ثمارها ولو لم يكن بشكل تام ، فان كل هذا يشير إلى حقيقة الوضع الذي تعيشه القضية الأزوادية والواقعة بين فكي مالي أو بين المطرقة الجزائرية وسندان فرنسا . عملت فرنسا على تطبيق سياسة التدخل في الدول الضعيفة سياسيا القوية اقتصاديا في باطنها لحجة مكافحة صناعاتها ولإبعاد الأنظار عن المشاكل التي تعانيها من الداخل وتحريفها في التوجيه نحو هدفها من اجل أن تبعد نفسها من هدف المرمى ، ولكن نسيت أن عملية المداخلة لها جانبين فكما أنها تقوم بمداخلة الدول في المنطقة بطرق مختلفة فان الدول الأخرى ستقوم بنفس المداخلة وبطرق مختلفة حتى أنها ردت الصاع صاعين. إن هذه التطورات والضغوطات الخارجية هي من أجبرت الرئيس المالي على الكلام وهو لا يدري أمام البرلمان وان يعترف بالوضع الموجود وحجم الضغوطات التي تتعرض لها أزواد، بإعلانه عن فرض عقوبات على بعض القادة الأزواديين مهما كانت الاتفاقيات، ونسي بان هناك جرائم تم ارتكابها من قبل أجهزتهم الأمنية ومؤسساتهم العسكرية ضد شعب غير نائم على فرض العقوبات.

 

*حســين أغ عيــسى كـاتب وناشـط إعلامـي*

اقرأ أيضا