منصة الفيس بوك

استطلاع حول الرئاسيات القادمة

لمن ستصوت في الرئاسيات القادمة؟

الصراع السوري: لا بوادر على نهاية للحرب العصية

ثلاثاء, 2015-09-15 13:06

التوقعات التي تقول إن سقوط العاصمة السورية دمشق أصبح وشيكا أو حتى سيحدث على المدى المتوسط ليست صحيحة.

لا يبدو الأمر وكأن دمشق عاصمة لنظام قد أوشك على الانهيار.

تبدو المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة والتي زرتها هادئة ونشيطة، ووزارة الدفاع التي تحيط بها إجراءات أمن مشددة، تتحرك بوتيرة تنم عن الثقة الكاملة.

نشرت الحكومة بعضا من أقوى وحداتها في دمشق لأن حماية العاصمة مهم جدا بالنسبة لها.

وتتمتع القوات التي قابلتها بمعنويات جيدة وموجودة في وحدات مترابطة، وهناك اعتناء جيد بمعداتها وأسلحتها، وكذا مواقعها.

أحد أهم خطوط الأمامية من الناحية الاستراتيجية في دمشق هو حي جوبر شرقي العاصمة.

 

ويتمتع هذا الحي بأهمية كبيرة لقوات المعارضة المسلحة، لأنه إذا تمكن الجيش السوري من اقتحامها، فإن معقل المعارضة في الغوطة الشرقية سيكون مهددا. تحتاج قوات الحكومة للاستمرار في سيطرتها على جوبر لأنها توفر الحماية لقلب العاصمة دمشق، ويقع القصر الرئاسي على بعد بضعة أميال خلف مواقع الجيش.

الحرب صعودا وهبوطا

حقق جيش الإسلام، وهو واحد من أفضل فصائل المعارضة المسلحة تنظيما، في الأيام الأخيرة مكاسب مهمة بعد أن شن هجوما انطلاقا من الغوطة.

 

وإذا واصل جيش الإسلام مكاسبه، فإن الموقع الاستراتيجي حول دمشق سيتغير، لكن في ظل وجود هجمات مضادة من قوات الجيش، فإن هذه المعركة ستكون فقط حلقة جديدة من مراحل الصعود والهبوط في هذه الحرب.

يشكو السوريون في دمشق من انكماش المدينة لأن أربع سنوات من القتال في العديد من الأحياء جعلها مناطق محظورة.

وتضرر الاقتصاد جراء الحرب، وارتفعت الأسعار بشكل هائل، لكن الاقتصاد لا يزال فاعلا، إذ أن الفلاحين ينقلون الأغذية إلى السوق، وسوق بيع الخضروات بالجملة، والذي يقع على بعد دقيقتين بالسيارة من مواقع الخطوط الأمامية في جوبر، مفتوح.

المساعدة العسكرية

لحقت هزائم هذا العام بقوات الرئيس بشار الأسد، وسقطت محافظة إدلب شمالي البلاد في أيدي قوات المعارضة في مارس/آذار الماضي، وسيطر مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة تدمر الأثرية في مايو/أيار الماضي.

لكن الرئيس الأسد يتمتع بدعم من ثلاث جهات مهمة وهي روسيا وإيران وحزب الله اللبناني. وبدأت روسيا زيادة دعمها العسكري للحكومة، فيما يقاتل حزب الله على طول الحدود مع لبنان، بينما تقدم إيران المساعدة المالية والعسكرية.

 

وبدأت دول الغرب الغنية تدرك متأخرا الحقيقة التي تعلم بها دول جوار سوريا منذ أن تحولت المظاهرات إلى انتفاضة ومن ثم إلى حرب عام 2011.

وهذه الحقيقة هي أن الحرب السورية تصدر المشاكل والعنف واللاجئين، فقد فر نصف سكان سوريا قبل الحرب جراء القتال، ويوجد حاليا ثمانية ملايين في سوريا مشردين ولاجئين في الداخل، وغادر أربعة ملايين البلاد.

وأعربت بريطانيا ودول أخرى عن أملها في أن تقديم المساعدات الإغاثية للاجئين سيشجعهم على البقاء، لكن الآمال بين اللاجئين بأن الحرب ستنتهي سريعا نسبيا قد تلاشت مع استمرار عمليات القتل.

لقد بدا واضحا أنهم لن يعودوا إلى بلدهم في أي وقت قريب، والأوضاع داخل المخيمات وأماكن الإيواء المؤقتة والمكتظة لم تكن سهلة على الإطلاق.

بدت الأوضاع أكثر سوءا بعد أن اتضح أن هؤلاء اللاجئين ربما يقضون سنوات أخرى في المخيمات في لبنان وتركيا، أو حتى في أوضاع أسوأ في أحياء ومناطق فقيرة في لبنان.

 

وما زاد الطين بلة هو أن الدول الغنية التي مولت جهود الإغاثة بقيادة وكالات الأمم المتحدة خفضت بشكل كبير من مساهماتها، فقد خفض برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من ميزانيته الشهرية لتوفير الغذاء للشخص الواحد في المنطقة من 30 دولار إلى 13 دولار، وفي سوريا تبلغ الحصة للفرد 12.50 دولار.

وهذا تقريبا يعادل تكلفة ثلاث وجبات "بيغ ماك" لسد جوع شخص واحد لمدة شهر، إنه نظام غذائي بسيط جدا ومتقطع.

وبسبب خفض المساهمات من الدول المانحة، فإن وكالات الأمم المتحدة تواجه مصاعب في توفير الغذاء، وأبلغت مئات الآلاف من الأشخاص بأنهم لن يحصلوا على مساعدات غذائية أخرى.

حرب معقدة

ووصف مصدر كبير في الأمم المتحدة قلة التمويل بأنها أمر "جنوني وغريب"، وقال إنهم حذروا المانحين منذ ستة اشهر بأن الصراع واليأس سينقل اللاجئين من الشرق الأوسط إلى أوروبا.

وهذا الأمر سيستمر طالما استمرت الحرب.

لم يجر احتواء الحرب حتى الآن بل تزداد استعارا وتعقيدا. ويضطلع ستيفان دي ميستورا مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا بأصعب مهمة دبلوماسية في العالم.

أقوى الجماعات المتشددة التي تقاتل نظام الرئيس بشار الأسد تتبنى ايديولوجيات تتراوح بين نوع من القومية الدينية إلى جهاديين تابعين لتنظيم الدولة الإسلامية، الذين تمكنوا من اقتطاع أجزاء مختلفة من سوريا والعراق لخلق واقع سياسي جديد.

 

تقاتل جماعات المعارضة بعضها البعض في كثير من الأحيان، وتعيد تشكل تحالفات وتنظميات بصورة مستمرة، وقوات المعارضة الممولة من الغرب ليست لاعبا كبيرا في الصراع.

وما يعقد الأمور بالفعل هو تدخل قوى إقليمية ودولية لصالح أي من طرفي هذا الصراع.

تضم هذه القوى كلا من روسيا والولايات المتحدة وإيران وتركيا والسعودية وقطر والإمارات وحزب الله اللبناني والأردن وبريطانيا.

وليس من المستغرب أن جميع المفاوضات فشلت حتى الآن، فكل طرف في هذا الصراع لديه أجندته الخاصة.

بعض هذه القوى تناهض بعضها البعض، فإيران والسعودية يخوضان بالفعل حربا بالوكالة في سوريا.

الولايات المتحدة وروسيا لهما حروب أخرى يختلفون بشأنها أيضا، وهو ما يجعل من المستحيل على كل منهما الدفع بثقله وراء أي جهد جاد لإنهاء الحرب،أو على الأقل منع تفاقمها.

وبالنظر إلى الأمور من ساحات المعارك التي زرتها خلال الأسبوعين الماضيين أو ما يقارب ذلك، فإن الدعوات التي يطلقها سياسيون عن مسافات بعيدة جدا عن سوريا للتوصل لشكل من أشكال الاتفاق بين الأطراف المتحاربة لا تبدو أنها تتمتع بفرصة تذكر للنجاح.

دينياميات الحرب هي التي تتحكم في سير الأمور في سوريا، ولا مساحة للجهود السياسية أو الدبلوماسية.

 

 

اقرأ أيضا