الإعلامي حنفي ولد دهاه يكتب قصة الفيديو الذي يشهر به

خميس, 2017-11-16 13:35

كتب الإعلامي الموريتاني حنفي ولد دهاه قصة تحت عنوان "القصة الكاملة لفيديو باب ولد الشافعي"

لم أكن مهتما بتوضيح ملابسات تصوير و نشر الفيديو الذي اتهمني فيه باب ولد الشافعي بما اتهمني به، و كنت قد كتبت توضيحا مقتضباً بعد أن أقنعني صديقي الشاعر الشيخ ولد بلعمش بضرورته، و لعل من الرفاق من يمكنه أن يؤكد أنه كان بإمكاني أن أحول دون نشر الفيديو الذي نما إليّ خبره، غير أنني لم اهتمّ به و لا بنشره، لإيماني أن حبل الافتراء قصير، و أن الكذب لا يمكنه أن ينتصر على الحقيقة، و إن كانت للباطل صولة ثم يضمحل.

قصة الفيديو بدأت حين كنا نعمل في قناة الوطنية على حلقة من برنامج ”أصداف“ عن واقع السجون في موريتانيا.. و قد باشرت إعداد الحلقة بنفسي مع مقدمتها الزميلة warda el mokhtar فاستعنا بما كنت قد صوّرته من داخل السجن فلديّ فيديوهات من سجن دار النعيم مدتها مائة و أربع ساعتها، فيها من البشاعة و التعذيب ما تقشعر له الأبدان، و قد اعتمدت عليها منظمة العفو الدولية في تقريرها 2010 عن السجون في موريتانيا)، و قد اخترنا منها 13 دقيقة من لقطات مختلفة، تسجل الكثافة و الازدحام في البيوت و الممرات، و تحاشينا بث صور التعذيب و الحجز في السجون الانفرادية، رغم أن من بينها صوراً لتعذيب مواطنين ماليين تتفطر لها الأكباد، و ذلك اجتناب عقوبات الهابا، و قدّرنا الضرورة بقدرها، حيث أن ما لا يدرك كله لا يترك كله.

كتبنا رسالة لإدارة السجون، و ترددت عليهم الزميلة وردة، ملحة في طلبها استضافتهم في البرنامج، غير أنهم أعرضوا عن ذلك بعد وعود مخلفة أرجأنا لها التصوير أياماً.

قررنا استضافة المحامي و المناضل الحقوقي الذي لم تأخذه في الحق لومة لائم الاستاذ ابراهيم ولد ابتي، و اعتذر لنا الحقوقي الموالي للنظام حمود ولد النباغه، و شرعنا في البحث عن سجين سابق يملك جرأة الحديث عن المسكوت عنه من واقعها.. فوقع اختيارنا على دحمان ولد حبيب ( أو دحمان ولد بيروك كما ورد في فيديو السجين باب ولد الشافعي). و لدحمان أيضا قصة:

حين تم سجني في دار النعيم 2009 كان يساكنني في زنزانتي باريكلل ولد اگريميش (الذي كان متهماً في ملف ميني ولد السوداني) و قد لفت انتباهي شاب نابه كان يكثر إعارة الكتب، و بعد حديثي معه اكتشفت أنه كان ضحية لظلم المجتمع و قساوته، فانحرف و أدمن الخمر و المخدرات، و قد حاولت مساعدته، فاتخذته عاملاً يرتب لي زنزانتي و يجلب لي و لباركلل الماء مقابل راتب شهري بـ 30000 ألف أوقية، و حين أطلق سراحي تقطعت بيننا الأسباب.. مرت أعوام لم أره فيها و لم أسمع عنه خبراً، فقد كان محكوما عليه بالسجن سبع سنوات، و ذات صبيحة وجدته ينتظرني رث الثياب شاحب الوجه، عند مدخل قناة الوطنية، فلم استبن ملامحه في البداية.. حدثني عن ظروفه السيئة، و عن عائلته التي نبذته، و أجهش يبكي أمامي بحرقة، و طلب مني مساعدته في العمل، و قال لي: إنه لا يتقن غير السياقة، و أن بحوزته رخصة بها، فسلمته إحدى سيارات القناة، و بدأ العمل.

استضفنا دحمان في حلقة ”أصداف“ التي كانت مباشرة، فبهرنا بجرأته في الحديث.. غير أنه فاجأنا حين هاجم الضابط الأدهم ولد اممّ الذي كان حرسي سجن دار النعيم خلال إقامتي فيه، و حمّله مسؤولية قتل سبعة سجناء ذكر بعضهم بأسمائهم.. و يعلم الله أنني لم أكن على علم و لا تنسيق مسبق مع دحمان فيما سيقوله، فقد كنا نضمن للضيوف حريتهم في التعبير، ثم أنه لم يكن لديّ ما انقمه شخصيا على الأدهم ولد اممّ، فلم يحترمني حرسي في السجن و لا قدّم لي و لزوّاري تسهيلات كما فعل. كما كانت تعجبني قبضته على السجن، حيث اختفت خلال توليه حراسة السجن كل الممارسات من اعتداء و شجار و تعاط للمخدرات.. كانت فرائص عتاة المجرمين ترتعد بمجرد ذكر اسمه، و قد شعرت يومَ عزلوه عن السجن بعدم الأمان، فقد خرج من كنت أعتقدهم سجناء صالحين من زنازينهم يعربدون و يهلوسون، و قد قام أحدهم بذبح سجين مالي الجنسية طلب منه عدم تلويث البلاط الذي كان مكلّفاً بتنظيفه.. و قد بدأ يخيفني عاملي الوديع دحمان ولد حبيب الذي لم أره بعدها صاحيا.. غير أن هذا المستوى من استتاب الأمن لم يحققه الأدهم إلا بالتعذيب و التنكيل.. و أعترف لكم أنني كنت رغم ميولي الحقوقية أرتاح لهذه التجاوزات التي توفر للسجن أمناً و طمأنينة.

بعد أيام على حلقة ”أصداف“ عن أوضاع السجن، أخبروني أن أقارب للأدهم عقدوا مؤتمرا صحفيا في فندق وصال اتهموني فيه بالوقوف وراء محاولة قتله، من خلال كمين نصبه لهم سجناء على طريق دار النعيم، غير أن حبكة اتهامي لم تكن محكمة، فقد اكتشفوا أنني كنت في أمريكا إبان محاولة اغتيال الأدهم المزعومة.. و قد أخبرني مصدر أمني بارز أن حادثة الاعتداء من أصلها كان قد فبركها الأدهم بعد أن هدده بعض السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بالقتل، إثرَ تعذيبه لهم، و رُفِض طلب بتحويله عن سجن دار النعيم، و في العادة يعتبر الحرسيون تهديدات المحكوم عليهم بالإعدام لأنهم لا يخافون حكما و لا عقوبة أقسى و لم يعد لديهم ما يخسرونه..

حصل الأدهم على قرار بتحويله عن السجن بعد أن تحدثت الصحافة عن محاولة قتله.

.. اتصلت عليّ سيدة فاضلة من قصر العدالة و قدمت نفسها على أنها كاتبة ضبط، و حذرتني من مجرم ورد عليهم بشكوى يتهمني فيها بمحاولة قتله، و أخبرتني أن وكيل الجمهورية استمع إليه فلم تقنعه شكواه، فقام بطرده، و هدّده إلا يعود إليه بعدها بمثل هذه ”التفاهات“، اعتقدت أن في الأمر لبساً، فقد ذكرت السيدة أن الشخص الذي ورد عليهم في المحكمة يدعى ”باب ولد الشافعي“ و هو اسم لا أعرفه..

بعدها طلب دحمان ولد حبيب مقابلتي في مكتبي بقناة الوطنية و قال لي إن السجين السابق باب تكنو زاره في منزله و عرض عليه التعامل مع الضابط الأدهم ولد امّم الذي أقسم أن يعيدني للسجن و ينتقم مني جراءَ ذكر اسمه في برنامج ”أصداف“ شر انتقام، و أكد له أن الادهم لا يحمّله مسؤولية حديثه في البرنامج و إنما يحملها لي..

و أخبرني دحمان أن باب ولد الشافعي الذي أعرفه في السجن بباب تكنو كان حسن الهندام على غير عادته، و قد أخبره أن الادهم هو من اشترى له ”دراعة بزاه“، و أعطاه عشرين ألف أوقية، و التزم له أن يكون أميراً حين تعيده سيئات أعماله إلى السجن، و أن يعيّنه chef de cour و هو منصب يغري من لا يمكث خارج السجن في العادة أكثر من شهر، و من كان قد وصل عدد المرات التي سُجن فيها حينئذ 17 مرة.

و حسب دحمان فقد رفض العرض و تشاجر مع باب تكنو الذي وعده بالويل و الثبور و عظائم الأمور.

اخذت من دحمان رقم هاتف باب ولد الشافعي و اتصلت به مستفسراً عن الأمر، و بمجرد أن عرّفته بنفسي، هلّل بطريقة زيدانية ”مرحبه.. مرحبه.. و الله الل وخيرت.. وخيرت“، فاستفسرت عن الشكوى فأنكرها، و قال لي ”هذا لا أساس له من الصحة.. كل ما في الأمر أنني تشاجرت مع دحمان ولد بيروك لأنه اعتدى عليّ، في موضوع لا علاقة له بك البتة.. أما أنت فلن أقابل أحسانك بالإساءة، و السجناء يتفقون على أنه لم يقابلك منهم أحد في ”الدشرة“ إلا ساعدته، و يكفي من ذلك أنك منحت دحمان عملا في القناة“.. و أغلق هاتفه و هو يصيح ”وخيرت“.. فلم أفهم ”نيني“.!

قليلة المرات التي رأيت فيها باب تكنو، غير أنني صرفت أكثر من سبعين ألفاً على أدويته بعد إصابته بفشل كلوي، كما كانت والدتي تجلب له يومياً مع طعامي وجبة من ”العدس“ نصحه الطبيب بها.. كان ذلك ابتغاء مرضاة الله و من المؤسف أن أضطر اليوم للحديث عنها.

و كنت قد نظمت للترفيه عن السجناء مسابقة في الرقص، ترأس الفنان الشيخ ولد لبيظ تحكيمها، ففاز باب تكنو بالمتعلق منها بـRock and roll، و حينها سلمته من حرّ مالي جائزة قدرها 15 ألف أوقية. و بحوزتي فيديو يوثق ذلك.

المهم أنه بعد أيام اتصلت عليّ الفرقة المختلطة للدرك لتبلغني أن باب ولد الشافعي قدم شكوى مني و من مقدمة برنامج أصداف و دحمان ولد حبيب سائق قناة الوطنية، و لكن يبدو أن ولد الشافعي الذي قال إن مقدمة برنامج ”أصداف“ زارته صحبة دحمان و طلبت منه المشاركة في حلقة أخرى تعدّها عن أوضاع السجن، ثم هددته بالقتل إن لم يحلّ على برنامجها ضيفاً يؤكد تصريحات دحمان عن الأدهم، لم يشاهد الحلقة، لذلك قدّم شكواه ضد الزميلة Tima Med Vadel مقدمة نشرة الأخبار بالفرنسية و هو يعتقد أنها مقدمة برنامج ”أصداف“، و حين قابلت Tima Med Vadel ولد الشافعي لدى فرقة الدرك المختلطة و أكد لهم أنها هي من هدّده بالاعتداء، تراجع حين أخبروه أنها ليست مقدمة برنامج ”أصداف“، و ادّعى أن ”البقر تشابه عليه“، و أنه يميّز بجلاء وجه مقدمته، فضربوا له موعداً آخر و عند عودته كانت مقدمة البرنامج warda el mokhtar في مكتب الدرك و برفقتها سيدات أُخر، و دون أن يخبروا ولد الشافعي بوجودها سأله دركي: أسَبَق له أن تعرف على شخص من الموجودين في مكتب الدرك، فأكد مرات أنه لم يسبق له أن قابل أحدا منهم، فقال له الدركي“ شفتْ عنّك اكذيذيب، هذِ اصّ هي مقدمة برنامج أصداف اللّ شاكِ منهَ.. ثم طردوه، و اتصلوا بي ليؤكدوا لي أنهم استبانوا كذبه و افتراءه، و أن بأمكاني أن أتقدم بشكوى منه بتهمة القذف و التشهير و سيقومون باعتقاله، غير أنني رفضت ذلك لأنني لا أريد أن أكون سبباً في سجن مسكين مصاب بفشل كلوي تم خداعه و التغرير به.

بعد أيام وصلتني أنباء أن شابا يدعى التار ولد أحمده Tar Ould Ahmedda أسرّ لبعض اصدقاءه أن بحوزتي فيديو من سجين سابق يتهمني بالقتل و اللواط و أنه يعتقد أن محمد ولد عبد الرحمن ولد اميّن يمكنه أن يدفع مبلغا معتبراً مقابل هذا الفيديو.. كما قال التار إنه يعتقد أنني يمكن أن أدفع ”بقشيشاً“ مقابل عدم نشر هذا الفيديو و قد رددت على من أبلغني عرض التار:

He can kiss my ass

بعدها وصلتني رسائل تبادلها Tar Ould Ahmedda و Souleimane Mouine المسؤول الإعلامي لحزب التكتل، عرض عليه التار فيها الفيديو، فأبدى له الأخير اهتمام الحزب بالحصول عليه بغيةَ نشره، نكايةً بي أن عرّضت مراراً بشيخ طريقتهم السياسية أحمد ولد داداه..

انتشر الفيديو كالنار في الهشيم، و سهرت على ذلك خلايا من المخابرات و أخرى من شباب التكتل و أغيلمة تواصل، و واكبتها حملة تشهير لا تتثاءب.

تبيّن لي فيما بعد أن الأدهم رتّب الأمر مع باب ولد الشافعي و أن Tar Ould Ahmedda هو من باشر تصوير الفيديو بإيعاز من المخابرات التي كانت قد جنّدته للفتّ في أعضاد المناضلين الشباب، و أن الحقّ الذي لم يترك لي صاحبا ألفّ بين قلوب شتى على السعي للإضرار بي.

الفيديو كان سبباً لخلافات في أسرة الأدهم ولد أمم أدّت لتفككها، حيث اكتشف بعضهم على غرّة من ولد أمم مساعيه في فبركته بالتنسيق مع ولد الشافعي و زوجة سجين سابق.. لكنها قصة لم يؤذن لي بالدخول في تفاصيلها، و قد أعود إليها في فرصة أخرى.

و قد رفضت التعليق على الفيديو الذي لم يهزّ مني شعرة إلى أن نصحني صديقي الشيخ ولد بلعمش بها، لأنه من السهل أن تسمع الأصم عكسَ المتصامم الذي لا يريد أن يسمع عنك إلا ما يثلبك.

بعد حادثة اعتداء أولاد الجيرب عليّ، و امتناع الشرطة عن التحقيق فيها و عن تسجيل شهادات الشهود، و رفض مركز الاستطباب الوطني تسلميي إفادة بمعاينتهم لآثار الاعتداء عليّ باشرت التحقيق بنفسي و تعرفت على الجناة و قدمت صورهم و الأدلة و الشهود و تفاجأ مفوض تفرغ زينه 3 محمد ولد الهادي، الذي اعترف لي أنهم يعرفون هوية المعتدين، غير أن أوامر عليا وصلته بإن يربط الاعتداء عليّ بقضية باب ولد الشافعي، فرفض ذلك، حسب قوله. و قال لي: إنه يمكنه أن يجمد التحقيق في حادثة الاعتداء و لكن لا يمكنه أن يلبّس تهمة، تجعل مني ظالماً و أنا المظلوم.. ثم تشوّف المفوض ولد الهادي لأن أشكره على أنه لم يظلمني.

هذه هذ قصة الفيديو .. و لكم أن تصدّقوها أو لا تصدقوها .. أنتم أحرار..!

و أحمد من أظهر الجميل و ستر القبيح أنه رغم كثرة أعدائي و تنمّرهم فقد أعماهم عن عيوبي فلا يزالون يبهتونني، فيقولون: مخنث، و ملحد و جاسوس.

ثم أشهدكم أني لم و لن أسامح في هذا…

رب إني مغلوب فانتصر..
رب إني مغلوب فانتصر…..

اقرأ أيضا