أعتقِد أنّ ما يحدُث هذه الأيام في هذا الحزب هو معركة على إعادة تعريفه. كصديق للحزب أعتقِد أنّني أفهم بعض ما يحدث. فقد دعاني العميد بدر الدِّين إلى مجلسه في 2004؛ ومن يومِها ونحن نلتقي، رغم الانقطاعات الطويلة. أمّا ولد مولود فقد التقيتُ به لأوّل مرّة في 2008؛ وقد سمعتُ منه تصوّراتِه الحزبيّة. آخر مرّة جالسته كانت في 2014؛ وقد نبّهت فيها إلى أنّ مفهومه للحزب وللسياسة صارَ مُحيِّراً؛ وأنّه يبدو أنّ ثمّة إفراغاً للحزب من محتواه التاريخي.
أعتقِد أنّه علاوة على الجذور الجيليّة والسياسيّة للأزمة الحاليّة فإنّ جزءاً منها يتعلّق بتصوّرات الكُلّْ لمفهوم الحزب. لقد بدا لي أنّ القيادة الحاليّة للحزب لا تؤمن بالحزب الطلائعي؛ وأنّها تستسلِم قُدُماً للتصوّرات النيوليبراليّة والشعبويّة للأحزاب. ويبدو أنّها قتلت بعض التقاليد الحزبيّة التي كانت رائجة فيها: كالقراءات التحليليّة، التي كانت تبهرنا في مطلع الألفيّة، وكتنميّة القواعد الفلاحيّة والعمّالية. ويبدو أنّها انجرّت في المواجهة السياسيّة على حساب التنميّة الحزبيّة. أيضاً يبدو أنّ الحزب صار مقصداً هوياتياً لمجموعات لاسياسيّة أو غير تقدّميّة. كلّ هذا جعل الحزب محافِظاً.
أعتقِد أنّ ما يشهدُه اتحاد قوى التقدّم هو ما تشهدُه عموم الساحّة في موريتانيا، وهو عملية يمنَنة متقادِمة. ردّاً على هذه اليمننة يبدو أنّ القوى التاريخيّة في الحزب، متمثِلة في تحالف قيادته البرلمانيّة في 2005-2013 ممع وجوه القيادات النقابيّة والقيادات في الضفة وربّما في مثلث الفقر لم تعد تجد نفسها في التحوّلات الاجتماعيّة للحزب. أعتقِدُ أنّها محقّة. إنّ صراعات اليسار واليمين موجودة في كلّ حزب. ففي كلِّ جماعة صقور وحمائم. ولكن لا شيء يضمن حلّ هذه التناقُضات في إرادة واحدة. فهي أحياناً تُعبّر عن تناقضات أبديّة. لست مؤمِناً بالوحدة وأعتقِد أنّ ما يُقدّم اليوم من تقديس الوحدة لا يخلو من فاشيّة وعشارية تريد قتل التعدّد. أعتقد أن موريتانيا تحتاج لطيف سياسي متكامل؛ وأعتقد أنّ ما ينقص ذلك الآن هو وجود حزب تقدّمي كبير.
يتواصل النضال!
من صفحة أبو العباس ولد ابراهام على الفيس بوك