في موعده الأسبوعي، خاطب وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد الامين ولد الشيخ الصحافة، مصرحا بأن مواصلة الرئيس محمد ولد عبد العزيز في الحكم مطلب شعبي وأن من تحدثه نفسه بأن الرئيس سيغادر هو " واهم ويعيش أحلام الظهيرة" (العبارة للوزير).
التصريحات نفسها وردت سابقا في أحاديث للوزير بأساليب تتراوح بين التصريح والتلميح، والملفت أنها رغم التكرار لم تفقد عنصر الجدة وظلت مثيرة للجدل مشغلة للساحة كلما وردت.. أما المحير أكثر فهو التعارض البين بينها وبين وبين تصريحات المعني الأول بالقضية الرئيس ولد عبد العزيز.
قبل أقل من شهر ، كان لقاء لولد عبد العزيز مع قناة فرانس 24، أعرب خلاله الرئيس عن عدم نيته خرق الدستور عبر الترشح لمأمورية ثالثة، مؤكدا أن ما يتردد هو مجرد شائعة تروج لها المعارضة لمآرب ودواعي مختلفة، هنا يفرض تساؤل نفسه " كيف يردد وزير ناطق باسم الحكومة ما أكد الرئيس أنه كلام المعارضة؟ بل كيف يذهب أبعد من ذلك فيصف من تراوده فكرة احترام الرئيس للدستور ب" الواهم" و "الحالم"؟.
المتابعون لسلسلة التصريحات الصادرة عن الرئيس المؤكدة إبقاءه على المواد المحصنة في الدستور ، و تصريحات الوزير النافية عزم الرئيس على مغادرة الحكم، يتحدثون عن ظرفية غموض غير مسبوقة بخصوص ما ينتظر البلد سياسيا بعد 2019.
تتعدد قراءات المشهد وتختلف تأويلاته، فيرى البعض أن السماح لدعاة المأمورية الثالثة بتعليق اللافتات والتظاهر، بل ونزول الرئيس لتحيتهم في إحدى وقفاتهم، هي إشارات إلى أن ما يقوله الناطق الرسمي هو بإيعاز من الرئيس نفسه، ترويضا للمتلقين وتمهيدا لمسار تغيير جديد للدستور يفتح فيه مجال المأموريات رغم ما في ذلك من تحديات لمح الرئيس نفسه في بعض خرجاته إليها.
زاوية ثانية للمشهد يقول الناظرون منها باستحالة توجه الرئيس لتغيير المواد المحصنة، لكنهم أيضا لا ينفون كون تصريحات الوزير تنفيذ لتعليمات يراد منها رأب صدوع تهدد كيان الحزب الحاكم نتيجة تزايد أعداد المغاضبين عقب الترشيحات التي جرت للاستحقاقات التشريعية والبلدية المقبلة، ولأن الضامن الوحيد لتوحيد جبهة الحزب المهيأ _ فيما يبدو_ لأمر لما تتكشف تفاصيله، الضامن الوحيد لانتظام المنضوين تحت لواء الحزب في صفوفه هو تأكدهم من أن الرئيس باق في منصبه، أمر تبين منذ سرى خبر التزام الرئيس بالمأموريات الدستورية.
أما قراءة المشهد الثالثة فيعتقد أصحابها أو لعلهم يجزمون بأن قضية المأموريات سر يحتفظ به الرئيس لنفسه وربما خاصة خاصته، وفي انتظار موعد الحسم يترك الحبل على الغارب لمن يريدون الحديث في ذلك الشأن جسا للولاء ورصدا لردود الأفعال.
و مهما كان فالأسئلة تراوح أماكنها لدى جمهور كبير " ما السر وراء التناقض الواضح بين مضموني حديث الرئيس وحديث الوزير؟ ما الذي دفع الوزير إلى استخدام مثل تلك التعابير الحادة؟ وهل للتوقيت دور في كل ذلك؟