عانت الفنانة الكبيرة المعلومة بنت الميداح من حصار وسائل الإعلام الرسمية في عهد ولد الطايع و حرمت من حقها مما تحظى به مثيلاتها كفنانة و مثقفة و سيدة مناضلة لكنها في المقابل استفادت من القيمة الرمزية التي مُنحت لها دون حفل رسمي و لم يستطع النظام حينها أن يحرمها من تلك المنحة الربانية .
دفعت ذلك الثمن الباهظ في الوقت الذي تتغير فيه العقول و تتلون فيه المصالح و باتت على الطوى و هي كريمة الراحل المختار ولد الميداح و لربما ولدت و في فمها ملعقة من ذهب كما يقال .
صدحت الفنانة بمعارضتها و لربما غيرت أغنيتها الشهيرة "امعارضين ..نحن قررنا انا امعارضين " عقليات كثيرة و جعلت من مجرد المعارضة فخرا و نبلا و قيمة أخلاقية و قد يصلح ذلك لتلك الفترة .
مجدت الفنانة الكبيرة الرئيس أحمد ولد داداه و قد سر بذلك و حولته نضالاته المعروفة حينها و أغنيات المعلومة إلى أشهر معارض و مرشح للرئاسة و قد كانت المعلومة محل اهتمام كبير من تكتل القوى الديمقراطية حيث رشحها لمنصب عضو مجلس الشيوخ في إحدى أقوى دوائر الحزب.
ولم تعارض المعلومة بحدة نظام الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز و إنما كانت عضو مجلس شيوخ لم تعرف عنها تصريحات معينة مثل باقي نواب و شيوخ حزبها ثم اختفت تدريجيا قبل أن تغادر الحزب.
حيث أمضت ثلاث سنين تحلم بأن تكون فنانة الجميع و مثقفة و رئيسة هيئة خيرية مؤمنة فقط بموريتانيا تستفيد من رصيدها النضالي و تأخذ العصا من الوسط بحيث لا تغضب صديقا أو تنحاز إلى آخر.
ثم حدثت المفاجأة و ألقى رئيس الحزب الحاكم الأستاذ سيدي محمد ولد محم حجرا في بركة السياسة .أياما بعد إعلان المنتدى استئناف أنشطته فماذا يمكن أن يستفيد الحزب الحاكم من انضمام المعلومة له ؟ و كيف يمكن أن يضر ذلك بالمعارضة ؟ و ما فائدة هذا الانضمام على صاحبته و المعنية به أولا و أخيرا ؟
يريد الحزب الحاكم أن يقدم نفسه من خلال هذا الانضمام كخيار يأوي إليه رموز البلد و مثقفوه و أنه ليس فقط حظيرة يأوي إليها طالبو الوظائف و المزايا.
و هو إلى ذلك ضم فنانة عظيمة لها جمهورها الواسع و معجبوها الكثر و يمكن أن يستفيد منها كثيرا في محاربته للفساد من خلال أغنيات على نحو أغنيتها الشهيرة " دولتنا ماتات سمعتها تطرب "
و وجود المعلومة ضمن وفود الحزب و ربما في هياكله التنظيمية يعطيه إضافة جديدة و لكن يمكن أيضا للمعلومة أن تغني لعزيز كما غنت لأحمد ، و لربما يفكر مسيرو الحكم في أن يمجد الرئيس عزيز من طرف أشهر فنانة موريتانية لها طابعها المميز و جاذبيتها الخاصة قبل أن يغادر الكرسي حيث أنه الآن في مأموريته الأخيرة .. و يمكن أن تقدم عزيز كقائد دحر الإرهابيين و حارب الفساد و قاد الدبلوماسية و غير ذلك من خصال الرجل التي يعددها مؤيدوه.
كان انضمام المعلومة هذا يمكن أن يكون بردا و سلاما على المعارضة حيث لم تكن تنتمي لها لولا الضجة التي أحدثها الشباب على الفيسبوك نقدا و تشهيرا و غير ذلك .
هنا تشعر و كأن المعارضة فقدت سندا قويا لها .
و لا شك أن هذه المعارضة و خصوصا المنتدى يعيش بعد مغاردة المعلومة له حاجة ماسة إلى فنانين يروجون أفكاره و يسوِّقون ما يراه من مظالم و يزعم من زلات للنظام الحاكم و سقطات خصوصا مع وسائط اليوتيوب و الإعلام الحديث .
لكن خسارته ستظل محدودة إلا إذا كانت كل مزيَّة للحزب الحاكم هي مضرة للمعارضة .
أما المعلومة فهي فنانة أولا و أخيرا قبل أن تكون سياسية تعيش بجمال ما تقدم و تستفيد من رصيد ما قدمت
و من حقها أن يقدمها بلدها إلى المحافل الدولية و يساندها في رحلة العالمية
و يمكن للنظام الحالي أن يتركها شيخة كما كانت و يمكن أن يقلدها منصبا في الرئاسة كما حدث مع عبد الرحمن سيساغو و محمد ولد الطالب و عدد من المثقفين .
إن ذلك لو حدث لن يكون ثمنا لانضمام المعلومة و إنما هو حق لها كفنانة أولا و كسياسية ثانيا .
أما حلم المعلومة فقد يكون أبعد من ذلك و هو أن تعيش في بلد يجل الثقافة و يمجدها و يعتني بأصحابها .
سيدي محمد ولد بلعمش
رئيس تحرير موقع مراسلون