المحجوب السالك:
ـ البوليساريو باعت القضية الصحراوية للجزائر.
ـ نحن لا نعارض الجبهة وإنما نعارض القيادة الفاسدة.
ـ أخشى ما أخشاه اندلاع ثورة على القيادة لا تبقي ولا تذر.
ثلاثة عقود تقريبا من الزمن مرت على الشعب الصحراوي بعد اتفاق وقف إطلاق النار بين الجبهة الشعبة لتحرير الساقية الحمراء ووادي وبين المملكة المغربية، 27 عاما مرحلة يسميها بعض الشباب الصحراويين مرحلة "اللاحرب واللاسلم" فالحرب توقفت منذ العام 1991م لكن الشعب الصحراوي قرر مصيره باستفتاء شعبي عام كما كان ذلك البند الأهم في اتفاق وقف إطلاق النار.
الشعب الصحراوي في مخيمات "لحماده" يعاني من أزمات خانقة ويعيش في خِيمه في السوافي يسافر إلى دول العالم بجوازات دول أخرى وسط مماطلة مفتوحة من طرف المملكة المغربية.
في هذه الظرفية ظهرت حركة معارضة للجبهة تسمى "خط الشهيد" وهي حركة تتهم الجبهة بالفساد والتخلي عن حقوق الشعب الصحراوي.
الشروق ميديا المنسق العام لتيار "خط الشهيد" المحجوب السالك وأجرت معه المقابلة التالية:
- لو بدأنا بتقرير الأمين العام للأمم المتحدة الأخير حول القضية الصحراوية .. كيف تقومون هذا التقرير؟
شكرا الاستاذ مختار على موقفكم المتضامن والمناصر دوما لكفاح الشعب الصحراوي، وشكرا لسماحكم بالراي الآخر عبر جريدتكم الشروق ميديا لتكون قدوة في إحترام الراي والرأي الآخر بموريتانيا الحبيبة...
اما عن سؤالكم عن التقرير الأخير للأمين العام الأممي، فأقل ما يقال عنه انه فضيحة بما في الكلمة من معنى، فضيحة بالنسبة للقيادة في البوليساريو، حيث نزع عنها وريقات التوت التي كانت تتستر بها أمام شعبنا، حيث كانت تكذب عليه وتنومه بالإنتصارات الخيالية والوهمية التي لا وجود لها من امثال: نحن في الكركرات، ولكن عملية إنتشار لقواتنا فقط، نحن في المناطق المحررة وسنعمرها ونبني فيها، هذا هو ما كانت تخدرنا به القيادة في المخيمات.
فجاء التقرير ففضحهم، واكد انهم اكدوا للأمم المتحدة ان انسحابنا من الكركرات إنسحاب دائم ونهائي، وأننا لن نبني اي شيء جديد في بئر لحلو واتفاريتي وغيرها من المنطق العازلة، لقد كان التقرير صدمة لكل الصحراويين، فبعد 27 سنة من الإنتظار الممل والقاتل، في ظروف مأسوية، إذا بنا نحن لا كركرات ولا مناطق محررة والمينورصو التي جاءت من اجل تطبيق إستفتاء تقرير المصير اصبحت وبتأكيد من الأمين العام الأممي مجرد قوة لمراقبة وقف اطلاق النار.
ومع هذا نلهث وراء مفاوضات عبثية اكد ربع قرن انها لا طائل من ورائها، وهذا ما تناوله الصحراويون في منتديات التواصل الإجتماعي، بالغضب والسخط والتعابير الغير لائقة بحق هذه القيادة حتى ان احدهم قال، القيادة والمغرب والجزائر متفقون على بيعنا بابخس الأثمان والتقرير بداية الأخبار. ولقد اعجبني تعليق احد المقاتلين الصحراويين، وانقله لك مباشرة: عندما يختلط الحق بالباطل و تتغلب لغة المصالح، عندما تلبس الأرانب أثواب الأسود، عندما لم نعد نفرق بين الحقيقة والكذب والأبيض والأسود، ونعطي ثقتنا الكاملة للأمم المتحدة دون ضمانات تذكر، نحن الآن نجني ثمارها، على ماذا نتفاوض أيها السادة ما دمنا لا نستطيع أن نتصرف في ما حررناه من أرضنا، ولا نستطيع أن نحرك جيشنا إلا بأوامر من الكبار.
إذن فهذا التقري فضح القيادة وكذبها على الشعب وخطابها المزدوج، وحتى هي لم تكن تنظر التقرير فارتبكت واختلفت بين صامت ومندد ومتردد، فهدف القيادة هو فقط الجلوس على الطاولة امام المغاربة لكي تبيعه لشعبنا انه نصر مبين، بينما هو مجرد طاولة مستديرة للحوار لن تاتي باكثر ما جاءت به اللقاءات السابقة طيلة ربع قرن الماضية..
فقد كشف التقرير ان الامين العام للجبهة ابراهيم غالي اكد للسيد كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام الاممي، شفويا أثناء اجتماعهما في الشهيد الحافظ 26 يونيو أن الانسحاب من منطقة الكركرات هو انسحاب دائم . كما تعهد أيضا في نفس الاجتماع الذي عقد بعدم نقل أي منشآت إدارية جديدة إلى بئر لحلو أو تفاريتي، عملا بالقرار 2414 (2018). هذان تعهدان خطيران. لا معنى لهذا التعهد، لانه يُسقط - مجانا الى حد يصل التفريط - من ايدينا اوراق ضغط مهمة. ويقول التقرير الأممي: ان المغرب يواصل القيام باستثمارات مهمة في مشاريع البنية التحتية بالمناطق التي يديرها من الصحراء الغربية...
خلاصة القول انه لا جديد في التقرير سوى الابتعاد شيئا فشيئا عن جوهر الصراع الذي هو قضية تصفية استعمار الى تفاصل وعموميات وتوافه لا علاقة للصراع بها فثلثي التقرير عبارة عن ارقام واحداث وحقائق تقنية او لوجيستيكية اوحتى انسانية. والثلث السياسي ياتي مراوغ و مجامل للمغرب على حسابنا.
ان البحث عن حل الصراع يتعلق بارادتنا نحن وليس في كواليس الامم المتحدة اوغيرها من الهيئات الدولية التي لا تقيم وزنا سوى للمصالح وللرشاوي، وارادتنا نحن يجب ان تتجه اولا الى اعادة المصداقية للخطاب والفعل الوطنيين. لهذا فمعظم الصحراويين الوطنيين نادوا بعد هذا التقرير القيادة ان تقدم استقالتها وتعتذر للشعب عن تفريطها في مصيره بعد 27 سنة من وضعية اللاحرب واللاسلم.
الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الخمراء ووادي الذهب قدمت الشهداء وضحت برجالها المؤسسين لماذا الهجوم على حركة تعيش في الملاجئ؟
نحن كمعارضة لا نتهجم ابدا على الجبهة الشعبية حركة تحريرنا الوطنية، فالجبهة الشعبية بالنسبة لنا نحن هم من يسيرون على مبادئها بينما القيادة انحرفت عن خط الشهداء المؤسسين الذين أعطوا من اجل الشعب والوطن،
فالجبهة الشعبية هي روح الشعب الصحراوي كما قال المناضل الفذ احمد باب مسكة رحمة الله عليه، ولكننا نهاجم قيادة أثبت الواقع انها قيادة فاسدة فاشلة وعاجزة ومرتشية، حولت الثورة الى ثروة عبر متاجرتها بمعاناتنا وتضحياتنا لتجمع الأموال الطائلة على حساب دماء ودموع وألام هذا الشعب العظيم.
نتهجم على القيادة التي خريت وحدتنا الوطنية التي أسسها الزعيم الشهيد الولي مصطفى السيد بالقبلية واعتماد القبلية كأساس للترقية والتكوين والاستفادة، بعد أن بدلوا شعار الشهيد الولي القائل: لا وجود لغير الشعب ولا تنظيم الا التنظيم السياسي، بشعارهم القبلي: لا وجود لغير القبيلة ولا تنظيم الا التنظيم القبلي، إلى أن أصبح البعض يسمي دولتنا دولة القبيلة.
وفرطوا في مكاسبنا، حيث ان دولتنا كانت تعترف بها اكثر من 85 دولة واليوم بالكاد تعترف بها 30 دولة. قيادة تحولت إلى بيدق في يد الحليف تخدم اجندة ومصلحة الجزائر قبيل مصلحة الشعب الصحراوي، وهذه هي قمة الخيانة والتخاذل... فالجبهة الشعبية ممثلنا الوحيد كصحراويين مناضلين، ليس هو القيادة... فالقيادة لا تمثل ما عدا انفسها ومصالحها وامتيازاتها المادية...
هل من الإنصاف أن نركز دائما على أخطاء قادة يعيشون في خيام متواضعة بدل معارضيهم الذين يتحدثون من فنادق خمس نجوم؟
مع كامل احتـراماتنا لكم، فالقيادة لا تعيش في الخيام كلاجئين كما يحلوا لبيادق القيادة ان تصفق لهم، فالقيادة سياراتها مكيفة ومكاتبها مكيفة، وتعيش في فيلات مكيفة بالتندوف أو الجزائر او إسبانيا، في وقت يعاني فيه الشعب تحت الخيام في درجة حرارــية تصل 56 درجة مع الزوابع الرملية وريح السموم.
اما المعارضة التي تقول بانها تعيش في فنادق خمسة نجوم، رجاءا ان تحددها لنا، شباب الثورة 5 مارس مجموعة من الشباب يعيشون بالمخيمات او يشتغلون بالخارج في مزارع اسبانيا او مطالبين باللجوء السياسي لدى فرنسا، معارضي المبادرة من أجل الإصلاح والتغيير، يعرف الجميع انهم يعيشون مثلهم مثل الشعب وحتى لما كانوا وزراء وباستطاعتهم السرقة وأكل المال العام وتراكم الثروة، رفضوا ذلك وقدموا استقالتهم رفضا للقبلية والفساد وعلى رأسهم الحاج ولد لحمير وولاد موسى...
معارضة "خط الشهيد" موزعة بين المخيمات وموريتانيا والجامعات المغربية والمناطق المحررة، يعيشون مثل الشعب أو اسوأ منه ولا يسمح لهم بأي نشاط علني بالجزائر او المخيمات، ومنسقهم العام الذي طردته القيادة والجزائر بعد ان نزعوا منه جواز سفره الجزائري كلاجئ فوق تراب هذا البلد عاش عشرة سنوات من زهرة شبابه في السجون السرية للقيادة الفاسدة، إلا إذا كنتم تعتبرونها بمثابة فنادق خمسة نجوم، وللمزيد من المعلومات عنها يمكنكم الاتصال بأصحاب جمعية "ذاكرة وعدالة" وزعيمها احمد الفال القاضي واحمد العيشة وكلهم بانواكشوط.
واليوم يعيش مع عائلته بمساعدة من الحكومة الباسكية له ولعشرات الصحراويين والأجانب بتلك المقاطة الإسبانية المستقلة ذاتيا...
زد على ذلك أننا لا نركز على الأخطاء، بل نركز على جرائم القيادة، من حيث التفريط في المصير وعدم فتح الحوار الوطني الصحراوي، مما دفع المواطنين إلى فتحه عبر وسائل التواصل الإجتماعي، وتمسكهم بالسلطة، وعدم السماح بإنتخابات حرة وديمقراطية ليختار من خلالها الشعب قيادته، وليس عبر مؤتمرات مسرحية تصوت من خلالها القيادة لنفسها، زيادة على انتهاكاتهم الصارخة لحقوق الإنسان والتي ذهب ضحيتها اكثر من 650 مفقود صحراوي او من اولئك الشبان الموريتانيين المتضامنين مع شعينا وكفاحه، من دون تقديم أي اعتذار او جبر ضرر او تعويضات مادية او حتى السماح لأبناء الضحايا واهلهم بمعرفة مكان قبور ابنائهم وزيارتها.. نركز على جريمة التوقيع على وقف إطلاق النار من دون استشارة الشعب، و27 سنة من الانتظار الممل والقاتل تراكم خلالها القيادة الثروة ونحن كشعب لا نعرف إلى اين نحن ذاهبون، جريمة الخضوع الكبير للحليف وعدم السماع لرأي الشعب او استشارته... جريمة انعدام العدالة والديمقراطية بالبوليساريو، وعدم السماح بانتخابات حرة وديمقراطية.. جريمة دفع المناضلين بالمخيمات للبحث عن جنسيات أخرى، 25000 من ساكنة المخيمات شاركت في الإنتخايات البلدية الجزائرية، 15000 من ساكنة المخيمات شاركت في الإنتخابات الموريتانية الأخيرة، اكثر من 1000 صحراوي من سكان المخيمات شاركوا في الإنتخابات الإسبانية كإسبانيين، فاين هي الوحدة والقضية والمصير، مع هذه القيادة العاجزة والفاشلة...
هل يمكن أن تعارض جبهة لم تكمل مشروعها المتمثل في التحرير؟
نحن يا اخي العزيز لا نعارض الجبهة التي هي ثمرة جهودنا ونضالنا وتضحياتنا، بل نعارض قيادة فاسدة ومنحرفة افشلت الثورة وفرطت في المصير وتدفعنا نحو الاندثار، وتخلت عن المشروع ولم تعد تتكلم عن التحرير إلا في الدعاية الاستهلاكية، قيادة حولت الثورة إلى ثروة وهي تواصل جمعها واستغلالها على حساب معاناة اللاجئين... فالجبهة لن تكمل مشروعها التحريري إلا بتغيير هذه القيادة عبر انتخابات شعبية حرة وديمقراطية او عبر إعصار لا يبقى ولا يذر متمنين من اعماقنا عدم حدوثه لأنه لن يبقى لا على الأخضر ولا على اليابس...
اتهامكم بالعمالة للمغرب يدعمه أن كل أنشطتكم لصالح المملكة المغربية؟
إذا كانت انشطتنا التي تفضح القيادة وفسادها وتدافع عن الشعب الصحراوي وحقه في تقرير المصير تخدم المملكة المغربية حسب زعمكم فالنزاع قد حل بشكل نهائي. أما اتهامنا بالعمالة من طرف القيادة الفاسدة لا يستحق منا الرد، لأن وطنيتنا اكتسبناها بعطاءاتنا وتضحياتنا ومعاناتنا خلال اكثر من 35عاما وليس هدية من أحد ولم تعط لنا على اساس قبلي،
لأن القيادة التي تتهمنا لا نعتبرها وطنية لأنها لم تعان من أجل كسب الوطنية، فالقيادة بالربوني تشترك هي والصهيونية في قاسم مشترك ضد كل من يعارضهم، فالصهاينة كل من يقف ضد المحرقة او يشكك فيها يتهمونه بمعاداة السامية ليقضي بقية حياته يدفع عن نفسه تلك التهمة.
وقيادة البوليساريو كل من عارضها فهو خائن وعميل ومندس ومغربي، وهذا النوع من الترهات انا لا ارد عليه، لأن من يتهمني هو الخائن والفاسد وآكل اموال اليتامى وابناء الشهداء وعائلات معطوبي الحرب..
فالخائن هو الذي جعل من المسؤولية تشريفا وليست تكليفا، الخائن هو من استغنى من أموال الشعب على حساب معاناته، الخائن هو من نشر الفساد والفسق بين فتياتنا بالمخيمات، الخائن هو من سجن الأبرياء وعذبهم وقتلهم على اساس قبلي بغيض، الخائن هو من اوكلت اليه مهمة مشروع فبدا يتاجر به ويفرط في مكتسبات الشعب. الخائن هو الذي يتمسك بالسلطة 45 سنة. الخائن هو من يعتمد القبلية كمعيار للحكم على الافراد بدل المقدرات الشخصية... الخائن هو من باع الثورة الصحراوية للجزائر وتحول إلى بيدق يخدم مصالحهم قبل مصالح الشعب الصحراوي، من اجل الإمتيازات المادية التي توفرها لهم الدولة الجزائرية البترولية والغنية... الخائن هو من حول قضيتنا، من أجل عيون الجزائر او دولاراتهم، إلى عملة مقايضة في إطار الصراع بين المغرب والجزائر من اجل الهيمنة على المغرب العربي...
الجبهة ما تزال متمسكة بالمناطق المحررة فلا جديد على الأرض إطلاقا مدارسها قائمة في تفاريتي وعروضها العسكرية مستمرة في آغوينيت والبير لحلو وميجك مالجديد إذن على الأرض؟
انت تتكلم عن الماضي، ونحن نتكلم عن ما بعد القرار الأخير لمجلس الأمن، فالجديد على الأرض هو ما أوردناه من تقرير الأمين العام الأممي على لسان الرئيس ابراهيم غالي، الذي تخلى على كل شيء من أجل الجلوس على طاولة مستديرة يشارك فيها المغرب والجزائر وموريتانيا، ولن تاتي بأي جديد ما عدا الإنتظار والإنتظار، لكي تواصل القيادة حياتها في نعيم قرب شعب يعيش في الجحيم...
حوار : مختار بابتاح