من الموجع أن نكتشف بشكل واضح وفاضح مجموعات الطابور الخامس وسماسرة النخاسة وبائعي الوطن ..لم نكن نعتقد أن مستوى العقوق أوصل هؤلاء إلى حضيض الفحش والفسق والتملق للأجنبي على حساب الوطن مهما كان حجم الخلاف أو الاختلاف السياسي..!
لم تعد العبودية موجودة إلا في أذهان تلك المجموعة من بائعي الوطن بحفنة من الفتات ، فبإرادة من الدولة الموريتانية وبرعاية سياسية سامية من صاحب الفخامة محمد ولد عبد العزيز جرمت قوانين الجمهورية كل الممارسات الاستعبادية وأنشأت لذلك محاكم خاصة ونصت الوثيقة التأسيسية للبلاد على أن العبودية جريمة ضد البشرية وتم خلق آليات فنية للتخلص من آثار ومخلفات الاسترقاق ، فهل يعقل بعد كل هذا أن تُطِل علينا نخب التملق والعقوق وهي تجلد الوطن وتعبث بأمنه واستقراره.
إن ما أوصلهم لهذا المستوى من ضحالة الطرح وافتقار الرؤى هو غياب المشروع السياسي الواعي والمُلمِ بكل أبعاد القضية الوطنية ، ولم يعد أمامهم سوى اللعب على أوتار الفئوية والشرائحية، هنا تكمن المأساة ويكمن الخلل العقدي الذي تعانيه تلك النخب المتبنية للخطاب الفئوي .!
قبل أيام قليلة دشن المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة مرحلة جديدة من مشروعه السياسي وتحدث بكل فجاجة عن محركات مشروعه الجديد ، و كان رد معالي وزير الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة ذ/ سيدي محمد ولد محم كفيلا بإسقاط شماعة المنتدى الجديدة ..
فعلا نحن دولة مواطنة ولسنا دولة محاصصة ؛ وكان حريٌ بالمنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة أن لا يقع في هذا التناقض الصارخ مع العنوان الذي اختاره لنفسه " الديمقراطية والوحدة" فكيف لمن يتبنى خيارات الديمقراطية ويتدثر بشعاراتها أن يتبنى التصرفات والحماقات المهلكة للديمقراطية ، وكيف لمن يتبنى الوحدة أن يحتضن العنصرية والشرائحية والفئوية وكل سوء يريد أن يظفر ببعض الفتات .. ثم أين سيوصلهم هذا الخطاب الجديد والدعوة الصريحة للمحاصصة ..؟
أمام كل هذا الفجور السياسي فإننا لا نملك إلا المواجهة من أجل الوطن ووحدة الوطن وسمعة الوطن ، ثم إن كل العجب أن تطلق كل هذه الحماقات في الأيام الأولى من شهر نوفمبر شهر الاستقلال الوطني الذي سنعانقه هذه السنة في عَروس الشرق الموريتاني مدينة النعمة الجميلة لنوصل رسائلنا إلى كل العالم أن هذه الأرض عصية على الإخضاع عصية على التفكيك والتفتيت ..
إن نخب العقوق الوطني لا يحسنون اختيار التوقيت ولا الشعار المناسب لنشر ركاكتهم وفضح سطحيتهم في التعاطي مع الشأن الوطني، فنحن خرجنا للتو من انتخابات تشريعية وبلدية وجهوية شارك فيها الجميع وعرف الجميع كذلك حجمه ومكانته لدى الشعب الموريتاني وليس من المستساغ أن يعمد شركاء الديمقراطية وإخوة الوطن إلى النفخ في بالون الأطماع الشخصية المتدثرة بالشرائحية البغيضة .