أخيرا تبين رأس الخيط الأبيض من الأسود، أو العكس! قال فخامة رئيس الجمهورية في تصريح إذاعي إنه “لا يستطيع الترشح لمأمورية ثالثة، ولكن “يمكنه الترشح من بعد، لأن الدستور لا يمنع من ذلك”. وأكد الرئيس ما يؤيد نيته بقوله إنه ماكث في موريتانيا وسيظل يمارس السياسة… * ربما نكون أمام نمط مختلف ولكنه يماثل عمليا رئاسة المرحوم با امباري الدستورية، التي لم يستلم فيها أي سلطة سياسية ولا عسكرية ولا مالية… في انتظار عودة الرجل بزي مدني! الفارق هنا مهم وهو أن المرحوم امباري كان يشغل فترة نيابة مؤقتة في ظرفها الزمني، وصلاحياتها محدودة بالدستور. وبناء على هذا السيناريو المعقول جدا، فإن الرئيس الجديد (2019) قد يكون مجرد “محلل” رغم انتخابه الشعبي وصلاحياته الدستورية الحالية على الأقل. وهو استخفاف غير مستنكر بإرادة الشعب وأحكام الدستور وروحه.
ولكن ألن تكون هناك “خطورة” بأن المحلل سيشاهد فيلم عادل إمام: “زوج تحت الطلب”، فيحب السلطة من أول “دخلة” في القصر، ويرفض التنازل عنها أو الحد من الاستمتاع بها؟! هناك علاجان لهذا الاحتمال أحدهما وقائي، وهو إدخال تعديلات دستورية تحد من صلاحيات الرئيس وتسمح لرئيس الحكومة (الذي سيصبح رئيس حزب لأغلبية وهو سيكون رسميا الرئيس الحالي، كما هو عمليا) بصلاحيات تمكنه من الاحتفاظ بسلطات الأمن (بازب) والجيش والمالية والسياسات الداخلية… حتى تحين أول انتخابات عادية أو معجلة يعود فيها الرئيس إلى قصره ويسترجع الصفة القانونية لصلاحياته بتعديلات أخرى (ولم لا؛ فالدستور “ليس قرآنا”، وأصوات الشعب تحت الطلب؟!).
أما الإجراء الآخر فعلاجي، ولا يتطلب تعديلا دستوريا، وإنما مماطلة بتسليم تلك الصلاحيات الحساسة، و”التحرش” بالمحلل “المتمرد” عن طريق البرلمان مثلا… لإنتاج نفس سيناريو الاصطدام والانقلاب على الرئيس المحترم سيدي ولد الشيخ عبد الله، بواسطة كتيبة برلمانية تغطي هذه المرة جوهرها العسكري بمناورات وألاعيب سياسية (لخلق ظروف عزل الرئيس، بدل الانقلاب العسكري)…
ومع ذلك يظل هناك احتمال ثالث هو أن “المحلل” سيكون قنوعا وحصورا… يفي بـ”التزامه”، الذي كان سبب نجاحه! كاملا، بما فيه ـ ربما ـ عدم إكمال العدة الدستورية والانسحاب مبكرا، بأي ذريعة، و”تنزيل البركة” في لقب ومزايا “رئيس سابق” مغلظة؟!!