تتواصل في متحف الشارقة للفنون فعاليات الدورة الرابعة من بينالي الشارقة للأطفال والذي تنظمه إدارة مراكز الأطفال بالتعاون مع إدارة متاحف الشارقة؛ ويختتم في التاسع من فبراير المقبل، وتعرض 550 عملاً فنياً من 11 دولة عربية وأجنبية قام بإنجازها العديد من الأطفال واليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 - 18 عاماً، وهي الدورة الأكبر على صعيد المشاركة الإماراتية التي تتضمن 428 عملاً.
ورغم أن الفكرة العامة للدورة الحالية من البينالي تتمحور حول "أسئلة"، أي تناول الأعمال المعروضة لإحدى أدوات الإستفهام مثل: "أين، كيف، متى، من، ماذا، لماذا؟"، فإن الموضوعات التي تناولتها أعمال المشاركين فاجآت المنظمين والمتابعين والمهتمين بالفنون التشكيلية، نظراً للقدرات الإبداعية العالية للأطفال واليافعين الذين عبّرت أعمالهم الفنية عما يفكرون به وعن رؤيتهم لكثير من الأمور المحيطة بهم، والتي تركت أثرها الواضح على توجهاتهم الإبداعية ورسالتهم التي يرغبون بتوجيهها إلى العالم.
ويبدو التأثير النفسي للحروب والصراعات واضحاً ومؤلماً في لوحة الطفلة السورية بيان أسامة الحكيم، ابنه التسعة أعوام، التي تحلّق في أعلاها الكرة الأرضية المحاطة بعلامات السؤال، فيما ترتفع عدة أيادٍ نحو السماء مناشدة العالم التدخل لإنهاء معاناة الشعوب التي مزقت الحروب أفرادها، وحولتهم إلى مهاجرين يجوبون المنافي بحثاً عن الأمن والسلام. وفي خلفية اللوحة تبدو مجموعات من الأفراد الذين توشحت أجسامهم بالسواد، في رسالة شديدة الوضوح عن معاناة البشر الذين استبدلت الصراعات أيامهم السعيدة البيضاء بأخرى سوداء شديدة الحزن والألم.
وفي قاعة أخرى بعيدة عن القاعة التي تعرض فيها لوحة الطفلة السورية، ولكنها قريبة جداً إليها في المعاناة، تبدو لوحة أشد مأساوية للطفل الباكستاني أيمن الخالق، تظهر فيها الكرة الأرضية وهي تحترق نتيجة ما أحدثه البشر فيها من أفعال أيديهم الموغلة في القسوة والإساءة. فتظهر النيران وهي تلف الكرة الأرضية بأكملها، نتيجة الحروب، وحرائق الغابات، ودخان المصانع، وذوبان الجبال الجليدية، فيما تتوسط الكرة علامة السؤال باللون الأحمر، كأنها تحث المشاهد على وضع حد لهذه النيران التي سيكون هو نفسه ضحية لها.
وإلى جوار لوحة الأرض المحترقة، تعرض لوحة ثالثة للطفلة الإماراتية شيماء يوسف آل علي، ذات التسع سنوات، والتي تبدو في خلفيتها الكرة الأرضية وهي تتعرض للتلوث والخراب نتيجة تأثير الحروب والصناعات، وما تتركه من مخلّفات لا تلوث البيئة وتفقدها جمالها فحسب، وإنما تهدد حياة الإنسان والحيوان والنبات، ولذلك حرصت الفنانة الصغيرة شيماء على تضمين لوحتها لرجل يركض طالباً النجدة وهو يحمل لوحة كتب عليها بالإنجليزية "Save Earth" أو "أنقذوا الأرض".
وتفتح الطفلة الإماراتية خديجة خالد عبدالله، 12 عاماً، فضاءات الأسئلة أمام كل من يشاهد لوحتها، وتدفعه إلى توقع مناسبة المشهد الذي رسمته، والذي تبدو فيه أسرة حزينة فرقتها مأساة إنسانية، قد تكون سياسية أو اجتماعية، وتبدو فيها الأم وهي تحمل طفلاً بيد وتجر الآخر بيدها الأخرى، فيما يبتعد الأب بثيابه الرثة ومظهره البائس، وفوقها تظهر وسط السماء عين دامعة، حزناً على هذا المشهد الحياتي المتكرر، فيما تبدو في خلفية اللوحة علامات السؤال التي تثير في نفس المشاهد مزيجاً من الحزن حول مصير الأسر التي فرقتها المعاناة مهما كان نوعها أو سببها أو موطنها.
ويعد بينالي الشارقة للأطفال أول بينالي مخصص للأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الخليج العربي واتسع نطاقه ليأخذ بُعداً عالمياً يستقطب الأعمال الإبداعية وينطلق بها إلى مجالات أكثر تألقاً وتميّزاً وهو ما جعله حدثاً رائداً لدعم مهارات الأطفال الفنية والارتقاء بها نحو مستويات أعلى من الريادة والإبداع.