التهب هذا الفضاء تحت تدوينة مفكر قطر الدكتور محمد المختار الشنقيطي التي وسم بها نضال الشعب الصحراوي وحركة تحريره بالسوء والشقاق، وتطاول فيها على سياسة حزب عتيد ومتأصل لأن رئيسه استقبل موفدا عن الجمهورية الصحراوية وجبهة البوليساريو، فتفحمت التدوينة وطارت هباء تذروه رياح مارك، لكنه وبدل أن يعتذر - والاعتذار من شيم الكبار - للشعب الصحراوي وأصدقائه السياسين الموريتانيين ممن أساء لهم كذلك، طفق ينظر لمبدأ تقرير المصير ومعاني الوحدة بين الشعوب والهويات الجماعية المُمَكنة شعب ما من قيام دولته، متجاوزا بذلك مواد القانون الدولي الإنساني، مفككا جل جزئياته ليوائم ذلك وما يطعن في شرعية كفاح الشعب الصحراوي.
ادعى صاحب الجنتين أن مبدأ تقرير مصير الشعوب حق سقط بالتقادم، وهو ادعاء غريب جدا من رجل قانون وفقه مثله، يدرك أن الجمعية العامة للأمم المتحدة تسجل القضية الصحراوية ضمن قضايا تصفية الاستعمار العالقة ويدرك أن قوى الشر المتحالفة ضد الشعب الصحراوي كانت ستجد في سقوط هذا الحق -لو أنه ممكن - مخرجا للتنصل من القضيةالصحراوية المزمنة.
دعا كذلك مفكر الجزيرة إلى تطبيق الحكم الذاتي في الصحراء الغربية أو ضم هذه الأخيرة للمغرب بشكل " نهائي " حسب قوله، وهنا يناقض المفكر صاحب الجنتين نفسه مرة أخرى، فهو قد قرر مصير الشعب الصحراوي نيابة عنه رغم قوله بسقوط حق تقرير المصير، وحري بمفكر حر بهامته أن يترك لنا حرية الاختيار على الأقل، بينما يدل طلبه ضم الصحراء الغربية للمغرب على الحقيقة التي يغافل نفسه عنها وهي أن الصحراء الغربية ماكانت يوما مغربية، فكيف يطلب الضم لو أنهما كانا واحد ؟؟
وأما عن حديث الوحدة العربية والإسلامية والهويات الجماعية المميزة لِقُطر عن آخر بما يضمن حق الدولة القُطرية، وإذ ينفي صاحب الجنتين عن الشعب الصحراوي تلك الإمكانيات، فكلها حجج مردودة عليه، فالرجل يعيش بخلية من بنكرياس إسمه قطر عالق بجسم ضخم إسمه السعودية، حيث لا يمكن تحديد هوية خاصة لكل منهما ومع ذلك تقارع الدوحة وهي خال بوجنة الرياض الدنيا دفاعا عن استقلال رأيها وقراراتها، فأين إذن دعوة الشنقيطي الوحدوية وهو معول الشقاق في الخليج وبوقه؟؟؟
كيف يجرؤ صاحب الجنتين على حديث الوحدة وهو يتربع على عرش الفرقة القطري ويحمل منذ سنوات لواء التنافر والبغضاء؟ أين مبادئ الوحدة من حرب اليمن الظالمة؟ وأين هي من تكفير حكام الإمارات وشيطنة نظامها؟ وأين عروبته من ثورة الأهواز ؟
ما كنا ننتظر من محمد المختار الشنقيطي موقفا داعما لقضية الشعب الصحراوي الأبي المكافح، ولطالما التمسنا له ولأمثاله من أشقائنا العذر وحسن المخارج وطيب الظن، لكنا أيضا لم نكن ننتظر هذا السقوط المدوي في عرض جراحنا النازفة منذ عقود، والنفخ في جمر آلامنا، أما وأنه فعل فقضيتنا فوق كل اعتبار ومحاربة التضليل الإعلامي واجبنا وسلاحنا الحق والعدالة، بينما يتخندق صاحب الجنتين مع الذين يعلمون الحق ويكتمونه.
النانه لبات الرشيد