الشروق ميديا: أنتم في المنظمات الحقوقية كيف تفسرون تنامي الجريمة في نواكشوط؟
مكفولة : في البداية أود ان اقول للقارئ الكريم إن النشطاء الحقوقيين ليسوا رجال سياسة وهم لا يجاملون عادة وبالتالي فإنهم يقدمون رؤيتهم بشكل واضح ولا يبحثون عن التموقع او كسب الأصوات.
وعودة إلى سؤالك فقضية الأمن من القضايا الكبرى والمطروحة وهى لا تقتصر فقط على جرائم الاغتصاب مجال المقابلة وأنا اعتقد أن سبب انتشار الجرائم بأنواعها هو استقالة الدولة من القيام بمسؤولياتها واستغلال أفراد من الأجهزة الأمنية لأدوارهم في تحقيق نوع آخر من " الأمن " لهم
الشروق ميديا: ماذا تعنين بذلك؟
مكفولة: اعني بالضبط مطاردة أفراد من الأجهزة الأمنية للشباب عند ضواحي المدينة وابتزازهم بطرق شتى للحصول على أموال .
في العالم كله تتطور أجهزة الأمن من أدائها وتتكيف حسب كل الظروف لتحقيق الأمن وجعل المواطن يشعر به داخل بلده اما هنا فتتحكم المصالح المادية الشخصية والاستقطابات السياسية فى تصرفات الكثيرين منهم دون الاهتمام بالصالح العام ولا بسمعة البلد.
في بلدنا يمكنك أن تجد رجل الأمن بعد كل 100 متر داخل المدينة وهذا لا يعكس الحرص على الأمن فلو كان كذلك لما كانت هناك أحياء بكاملها تنتشر بها الجريمة .
كل شيء هنا يأخذ طابعا مصلحيا فرديا او قبليا أو جهويا ويغيب مفهوم الدولة .
الشروق ميديا: ما هي دواعي الاغتصاب ؟
مكفولة: في تقديري الشخصي أن عوامل عدة تتداخل متسببة في انتشار تلك الجريمة منها التربية ومنها عامل أخر لا يريد الكثيرون الحديث عنه معتبرين أن الحديث عنه خط احمر وهو الكبت الجنسي من المعروف أن للكبت في أى قضية يولد دائما ظاهرة جديدة وهذا الكبت يمكن أن أضرب لك مثالا عليه ففي إحدى الدول الخليجية المعروفة باعتماد فصل الجنسين كانت النتيجة هي انتشار اللواط والسحاق وانتشار زنا المحارم إلى آخره وهناك كما قلت استقالة الجهات الأمنية عن القيام بمهامها وهناك عامل آخر هو غياب قانون يردع المغتصب وكثيرا ما اعتبر القاضي أن الاغتصاب هو الزنا وان المرأة المغتصبة إنما هي امرأة مشاركة ومتورطة في العملية فنسمع خلال المحاكمات " أنت مسؤولة لأنك خرجت متبرّجة أو خرجت متعطرة أو خرجت في وقت لا تخرج فيه النسوة " وكأنها في دولة يسمح للبعض فيها بالخروج وقت ما شاؤوا ولا يسمح للبعض الآخر بالخروج وهذه النظرة الدونية أيضا تساعد في جعل المرأة هدفا.
أي باختصار شديد غياب قانون خاص بالاغتصاب والكبت الجنسي. وضعف برامج التربية التأهيلية وغياب أماكن الترفيه التي تفرغ الطاقات، كلها أسباب تجمعت لتساهم في ارتفاع نسبة الاغتصاب
الشروق ميديا: هل ترين أن غلاء المهور هو السبب في تنامي ظاهرة الاغتصاب؟
مكفوله: هذا الكلام يعنى بطريقة ما انك أمام بضاعة يلزمها المبلغ الفولانى حتى تتمكن من شرائه وعندما تقتنع انك غير قادر على توفيره تفكر في انتزاعه أو سرقته وهذا خطا شائع يساهم فيه الكثير من الأهالي، من جهة الذين يعتبرون ان ابنتهم هى وسيلة للحصول على مال أو جاه ومن جهة أخرى لا يترك للفتاة والشاب فرصة لاختيار بعضهم البعض والتعرف على بعض بطريقة أكثر قربا حتى يمكن الاختيار السليم الذي لا يترتب عليه صفقات مالية ولا يسبب في الطلاق المبكر الناتج عن زواج الصفقات المنتشر اليوم.
الشروق ميديا: كثيرون يرون أن تعطيل القوانين الرادعة للجناة وتعطيل قانون الإعدام كانت وراء انتشار الجريمة في موريتانيا، ما رأيك؟
مكفوله: هذا غير صحيح لان الاغتصاب ليس له قانون أصلا في المدونة الجنائية أما الإعدام فهناك إعدام أكثر رأفة من الإعدام نفسه وأكثر نفعا للوطن وللمواطن وللمحكوم عليهم بالإعدام حتى يقضى الله أمره وهو الأشغال النافعة كبناء السدود في المناطق الزراعية وكشق الطرق وكحفر الآبار إلى غير ذلك.
الشروق ميديا: على ذكر قانون الإعدام، ما رأيك في الحكم بالإعدام في حق ولد امخيطير؟ وهل ترين أن السلطات سوف تنفذ الإعدام؟
مكفوله: قتل السلفيون الموريتانيون العديد من جنودنا لأنهم يعتبرونهم يعملون مع حكومات كافرة وعلى هذا الأساس ذبحوهم عندما تقوم سلطة ما بإعدام أي شخص كان لمجرد انه قال كلاما ولم يقتل ولم يدع للقتل فهي تمارس ما تمارسه تلك الجماعات الإرهابية بطريقة أخرى وعلى تلك السلطات أن تستدرك الأمر وان لا تبيح للجماعات الإرهابية إرهابها...
أما ما إذا كانت ستعدمه فلا أظن لان الكثيرين حكم عليهم بالإعدام قبله ولم ينفذ وان هي أصرت ولو بمليون حجة فلن يفهم ذلك إلا في إطار العنصرية والفئوية اللذان يقوضان مفهوم المواطنة والدولة معا ويحطمان الأمل بدولة المساواة والعدالة وهي بذلك تساهم في النزيف المعروف ب "هجرة الأدمغة"..
الشروق ميديا: غريب أمر منظمات حقوق الإنسان تندد بالإعدام عندما يتعلق الأمر بولد امخيطير وتصمت عندما ينفذ الإعدام في حق السلفيين، أليس هذا كيلا بمكيالين؟
مكفوله: هذا غير صحيح فجميع المنظمات الحقوقية النشطة وهى قليلة جدا ترفض الإعدام ودافعت عن الظروف التي كان يوجد بها السلفيون وطالبت بتحسين ظروفهم رغم أن بعضهم شارك في إعدام الجنود هذا افتراء على المنظمات الحقوقية تقوم به بعض الجهات للتشويش على عمل الحقوقيين وعلى انضباطهم ورؤيتهم البعيدة للمستقبل.
الشروق ميديا: ظهور جمعيات إسلامية تدعو إلى تطبيق الشريعة مثل "لا للإباحية" وجماعة "أحباب الرسول" وغيرها، هل ترين أن مطالب هذه الجمعيات مشروعة؟ وهل تتقاسمين معها الرؤية في طرحها المتمثل في تطبيق القوانين الرادعة، والعودة إلى المنظومة القيمية للمجتمع؟
مكفوله: هذه جمعيات تغازل العامة وتبحث عن تمويلات من بيوت الزكاة في الخليج أو متبرعين خليجين وعادة هي منظمات أو جمعيات تبحث عن المال وتضع الإسلام شعارا لها للتغطية على دوافعها الحقيقية، فلو كانت لها أهداف نبيلة حقا لما تورط أصحابها في حرق ممتلكات عامة كما حصل في قضية سامسونغ وقضية تفسكى ولما كان أحد دعاة تلك الجمعيات متورطا في سرقة حلى وأثاث النسوة اللاتي قبلن به زوجا وله قضايا في المحكمة .
الشروق ميديا: كحقوقية هل من رسالة توجهينها للمجتمع و للرئيس و للمنظمات؟؟
مكفوله: رسالتي إلى الرئيس هي مطالبته بسن قانون يمنع بث الأشرطة عبر مكبرات الصوت في الشارع لان هذا تعليم موازي لا يخدم الصالح العام ولا يخدم التربية المدنية فالشارع للجميع ومن غير المعقول أن تظل فئة تستغله وتنشر خطابها عبره متحججة بألف حجة وحجة .
أما رسالتي إلى المجتمع فهي سهلة وغريبة وهى دعوة لان تساهم كل أسرة لوحدها بزراعة محصول معين سنويا حتى يساهم ذلك في تحقيق الأمن الغذائى والاستقلالية الذاتية .
وبالنسبة للمنظمات فان الزمن كفيل بغربلة وتصفية النافع والجاد منها .
لدى تساؤل لوزيرة السياحة؟؟
أين السياحة في موريتانيا وأين البرامج المساعدة على استقطاب السائح ولماذا لا نسمع عن القطاع قد لا يعرف الكثيرون أنني مستثمره صغيره في مجال السياحة ، وللسياحة فوائد كثيرة منها الاحتكاك بالثقافات الأخرى ومنها تحسين المعاملات ومنها المساهمة في الرقى بالمنتوج المحلى وترويج الصناعات التقليدية ومنها نشر السلام بين الشعوب وكل هذا نحتاجه كشعب ..