لقد اختير البرلماني، زعيم منظمة إيرا غير المرخصة، بيرام الداه اعبيد من طرف قناة الوطنية ليشارك، يوم 3 ابريل 2020 عند الساعة العاشرة والنصف مساء، في برنامج "تداعيات". في البدء، ورغم التلاعب المعروف في الوسط، كرر المدعو شروطه عدة مرات. وقد حصل على تطمينات واضحة. وقبل ثلاث ساعات من بث البرنامج، المقرر له أن يكون مباشرا عبر رابط اسكايب، تذرع الصحفي بألف حجة لتبرير إلغاء الدعوة ومن ثم الموعد. وأمام بداهة هذا التهرب الذي جاء متأخرا، طلب بيرام الداه اعبيد من قناة الوطنية أن تبعث برسالة توضيحية لجمهوره. وفي هذه الحالة أيضا، التزمت القناة، لكنها لم تفِ بالتزامها مرة أخرى.
يتعلق الأمر بتمريغ آخر لجبين التعددية، جاء ليؤكد تحذيراتنا حول مركزة السلطات العرقية. ما ينتج عنه تحيز جوهري للسمعيات البصرية في موريتانيا التي هي، في الأصل، نتاج تفاهمات حصرية تستدعيها القرابات. وكما هو شأن كل ركائز النفوذ، بما فيها الدولة، فإن كافة المحطات الإذاعية والتلفزيونية في موريتانيا تمتلكها مجموعة البيظان المتراصة بفعل الدفاع عن هيمنة مُعَمّرة لعدة قرون. وفي المحصلة، وداخل جو كهذا، فإن منع منتقدي النظام من الكلام يبدو مريحا ومتوقعا. وهكذا فإن الهدف من هذا البيان لا يعبر عن الدهشة بقدر ما يعبر عن السخط.
إن بيرام الداه اعبيد، البرلماني والمرشح لرئاسيات 2019، يمثل، وفقا لعدد الأصوات المتمخضة عن العبث بصناديق الاقتراع، البديلَ الوحيد لركاكة الديمقراطية القبلية. وبالتالي توَجّب إسكاته، مرة أخرى وعلى الدوام، دون أن نعطي الانطباع بوضع كمّامة على فمه.
ويتوجب التنبيه هنا، إلى أن بيرام الداه اعبيد، الموجود في ابروكسيل حيث يتلقى العلاج، باغته هناك انتشار وباء كوفيد-19: موضوع اللقاء مع قناة الوطنية. وهكذا بقي، رغمًا عنه، خارج البلاد، لكنه، مع ذلك، وافق على تناول درجة الفعالية في ردة فعل الحكومة وعطلها المحتمل وضرورة تكيفها بشكل أفضل مع رهانات الأزمة المتعددة الأوجه.
إن ما كان من التصريحات المنتظرة لبيرام في البرنامج، يدخل في سياق المذكرتين التحذيريتين اللتين تجدون رابطيهما تحت هذا النص. فكل منهما كانت تقدم اقتراحات في وقت استسلمت فيه السلطات للارتجالية، كما كانتا تتوقعان الثغرات، وتحذران من التراخي السائد. وبعد أيام قليلة، برهنت الحكومة على حجم عجزها الذي فاقمه الزيف والتضليل.
وإذا كان لنا أن نتذكر كل ما سبق مما لم تتم معاقبته حتى اليوم، فإن الإجراءات الاستثنائية لصالح الفقراء يُخشى عليها من أن تذوب بين الاختلاس ونفخ الفواتير والبيع بموازاة مع عمليات التوزيع. فمنذ عقود، يعلمنا تاريخ الرشوة في موريتانيا مدى فظاعة حكامة الافتراس.
وتتطلب منا هذه المناسبة دعوة الحكومة الموريتانية إلى حماية حرية التعبير وتعدد الآراء. وإننا نحث السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية على تقديم التماس إلى قناة الوطنية ببث البرنامج المؤجل. مع العلم أن وسائل إعلام أخرى ظلت تنتهك، بكل أريحية، الأخلاقيات والمسلكيات لدواع عنصرية خفية.
وفي الأخير، تكرر إيرا-موريتانيا نداءها بتقوية الجبهة الداخلية وتعزيز التضامن والانسجام بين الموريتانيين في مواجهة موجة أموات لا علاج لها، وهي بذلك تتحدى الامتيازات بالمولد، والأسبقية المبنية على أساس اللغة، والجنسية، والحدود، والتدين.
انواكشوط 4 ابريل 2020