حَمْدًا لِّرَبِّي مُنْزِلِ الدَّواءِ
لِكُلِّ داءٍ، كاشفِ اللَّأْواءِ
مُصَلِّيًا على الرسولِ القاضِي
بالحَجْرِ، إنْ يَنْزِلْ وباءٌ قاضِ
ما كادَ يَمْضِـي عامُ (تِسعةَ عَشَـرْ)
حتى سَرَى (كُوفِيدُهُ) بينَ البَشَـرْ
ولاحَ في الصِّينِ لَهُ ابْتِداءُ
مِن قَبْلِ أنْ يَفْشُوَ مِنْهَا الدَّاءُ
وكانَ بُؤْرَةً لَّهُ (وُوهَانُ)
وحارَ في تشخيصِه الأذهانُ
وقيلَ: أصلُه مِنَ الخُفَّاشِ
إذْ أَكْلُ لَحْمِه لديهِمْ فاشِ
فانتشَـرَ الفَيْرُوسُ فيهمْ، وابْذَعَرّْ
فالناسُ مِنْهُ في ارْتياعٍ وذَعَرْ
وشرُّه بَيْنَ الوَرَى استطارَا
وعَمَّ حتَّى شَمِلَ الأقطارَا
يَجُولُ في الدُّنيا بِلا تَأشِيرهْ
لا آبِهًا بقُطْرٍ اوْ عَشِيرهْ
لمْ تَنْجُ مِن قسوتِه (أُورُبَّا)
فأدْرَكتْ أنَّ لدَيْها رَبَّا!
واستَسْلمَتْ أمامَه (أمْرِيكَا)
ولم تَكُنْ تَرَى لَها شَريكَا
وعاثَ فِيهمْ - لَعِبًا- (كُرُونَا)
فَهُمْ أمامَ عَيْثِه كُرُونَا
كمْ أَهْلَكَ الوَباءُ مِنْ آلافِ
رَغْمًا، ولا إمْكانَ للتَّلافي!
أَشَاعَ فيهمُ الرَّدَى ذَرِيعَا
ومَا امْرُؤٌ إلَّا ومِنْهُ رِيعَا
وحاوَلوا صُنعَ لِقاحٍ يَقْضِـي
عَلَيْهِ، لَكِنْ بَذَّهُم بِالنَّقْضِ
وقدْ أصابَ جَمْعَهُمْ إِيَاسُ
إذْ لَا دَوَاءَ لِلْوَبَاءِ يَاسُو
لا سائحٌ بَيْنَهمُ اليَوْمَ يُغَرّْ
بِبُرْجِ (أَيْفِلَ)، ولَا (الطَّرْفِ الأَغَرّْ)
وقدْ غَدَتْ مِن بَطشِه (فِينِسْيَا)
مِن بَعْدِ أنْ كانتْ مَزارًا نَّسْيَا
قدْ تاهتِ الدُّروبُ دُونَ (رُومَا)
وحَبْلُ وصلِها غَدَا مَصْـرُومَا
ودُوَلُ الإسلامِ نالَها الدَّا
وهَدَّ بعضًا -دُونَ بعضٍ- هدَّا
وبعضُها حَصَـرَ بأسَ الدَّاءِ
بخُطَّةٍ مُّحكَمةٍ كَأْدَاءِ
وَهْيَ -وإنْ كانَ لِبعضٍ مَّكْرَهْ
في خَوْضِها- تَصُدُّ عنَّا مَكْرَهْ
فِيها مَصالحُ، وفِيها جَدْوَى
فَهْيَ تَقِي مِنِ انتقالِ العَدْوى
لذاكَ لا بُدَّ مِنِ انْضِباطِ
بِها على كَرْهٍ، أوِ اغْتِباطِ
فَابْعَدْ عَنِ الأنامِ، والْزَمْ دارَكا
و«لا مِساسَ» لِيَكُنْ شِعارَكا
وإنْ خَرَجْتَ لِضَـرورةٍ فَلا
تُزاحِمِ الناسَ، بَلِ الْزَمِ الفَلا!
وفي التَّحِيَّةِ احْذَرِ العِناقَا
أوْ يُحْكِمُ الداءُ بِكَ الخِناقَا!
والحَجْرُ في الهَدْيِ دَلِيلُه عَبِقْ
ودِينُنا إليهِ -قَطُّ- ما سُبِقْ
فِيهِ وَصايَا وعِظاتٌ لائحهْ
تُرْشِدُ لِلسُّلُوكِ عِنْدَ الجائحهْ
قالُوا: اغْسِلُوا أيْدِيَكُمْ، يا عَجَبَا!
قُلْتُ: أتَى في الذِّكْرِ حُكْمًا مُّوجَبَا
وذُو اتِّباعٍ مُّلْزَمٌ نَّهارَهْ
بِالغُسلِ والوُضوءِ والطَّهارهْ
والغَرْبُ قدْ نَوَّهَ في الإعلامِ
بالحَجْرِ في نِظَامِنا الإسلاميْ
ففي (نُيُزْوِيكَ) مقالُ قابسِ
مِنْهُ سَنًا، ومِثْلُه في (آبِسِـي)
تَحَصَّنوا – يا قَوْمُ- بالأذْكارِ
دَاْبًا لدَى الأُصْلَانِ والأبْكارِ
وادْعُوه -جلَّ- رغبةً ورَهَبا
فلَنْ تَضِيعَ دعوةُ الداعي هَبَا
وَاللهُ يَقْضِـي الْحَاجَ، لَيْسَ يَحْتَجِبْ
وَهْوَ الْمُجِيبُ، مَنْ يَسَلْهُ يَسْتَجِبْ
يا ربِّ، ذا (كوفِيدُ) فِينَا عَنَّا
وقدْ طغَى، فارْفَعْهُ -ربِّ- عَنَّا
والناسُ طالَ مُكثُها في الدُّورِ
وضاقَتِ القُلوبُ في الصُّدُورِ
يا ربِّ، طَهِّرْ جَوَّنا والأَرْضَا
واغْفِرْ لِمَوْتانا، وداوِ الـمَرْضَى
وعَجِّلِ اللهم بِالتَّفْرِيجِ
للخَطبِ، بعدَ أمرِه الـمَرِيجِ
فتَرجِعَ الصَّلاةُ في المساجِدِ
مُشْـرَعةً لراكعٍ وساجدِ
وتُطْلَقَ العُمْرةُ والزِّيارهْ
ويُفتَحَ التَّجوالُ والزِّيارهْ
وتَرجِعَ المصالحُ العظامُ
لِأَصْلِها، ويَصْلُحَ النِّظامُ
واحْمِ إلهي أُمَّةَ الإسلامِ
مِن سَيِّئِ الأسقامِ والآلامِ
واجْزِ رجالَ الطِّبِّ أَوْفَرَ الجَزَا
فكلُّهمْ قَدْ جَدَّ فِيما أَنْجَزَا
واحفَظْ رجالَ أَمْنِنا الشُّجْعانا
مِنْ كُلِّ ما مِنْ إِثْرِه يُعانَى