وبدأت صحة سميدع تتدهور والمرض ينهش جسمه النحيل، لكن آلام الشعب كانت ما تزال تشغله وتؤرقه حتى عن الانتباه لوضعه الصحي المتدهور.
في نهاية عام 1969، وتحت الوطأة الشديدة للمرض، يهم سميدع بالعلاج لكن سلطات العمالة تتآمر عليه من قاعدتها إلى قمتها لتوصد جميع الأبواب في وجهه. ولكي لا يجد الصدى الايجابي يخضع لحجز صحي يلفه الكثير من الشك والريبة، ليخرج من المستشفى أكثر توعكا من ذي قبل ولتبدأ رحلة الانهيار الصحي يوما بعد يوم، لكن على النقيض من ذلك حالته النفسية حيث المعنويات والحقد على نظام الاستعمار الجديد تبلغان عنان السماء.
الرحلة الأخيرة: يغادر، بداية يناير، إلى داكار .. إنها الرحلة الأخيرة.. لقد غادر إلى النهاية ولن يرجع أبدا إلى أرض الوطن الذي سخر كل حياته للنضال من أجله والتضحية في سبيله.
لم يكن الوطن، بسبب نظام الخيانة الوطنية، يستطيع أن يوفر له حقنة للتخفيف من آلامه!
في داكار.. وفي يوم 7 يناير 1970، وفي ظروف غامضة، يرحل المناضل التقدمي سميدع!
فاجعة تفوق كل قدرة الشعب الموريتاني على التحمل.. ضربة قاسية لمن كرس الراحل كل حياته للدفاع المستميت عن حقهم في حياة حرة وكريمة، أي للفقراء والمحرومين.
ضربة قاصمة للعمال الذين انحاز، طيلة حياته، إلى نضالهم ضد النهب والاستغلال من طرف أرباب العمل.. الطلاب أيضا خسروا الكثير لأن الراحل كان لهم المنظر والمؤطر .. أما التقدميون فقد فقدوا القدوة والمثال برحيل سميدع.
رحيل سميدع أربك رفاقه في حين أثلج صدور أعدائه ..
كيف لا يرتبك الرفاق وهم يرونه يرحل في اللحظة التي بدأ فيها كفاحه يؤتي أكله.. في اللحظة التي يبدأ الجميع فيها بفهم قضيته والإيمان بها .. حتى الذين لم يكونوا يوما معه بدأوا يستمعون إليه ويحاولون فهم نبل حياته النضالية العظيمة.
أما أعداؤه الذين تشفوا بموته معتقدين أنهم تخلصوا منه إلى الأبد.. فنقول لهم إنكم لجد واهمين!
الآلاف من سميدع يبعثون كل يوم من كل أنحاء هذه الأرض التي عطرها بدمه.. الآلاف من سميدع مستعدون لحمل اللواء من بعده حتى يتحرر الوطن.
صيحة المظلوم 1972
ترجمة: أحمد شعيب