منذ تولي الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني رئاسة البلاد أغسطس 2019 والمواطن الموريتاني ينتظر تغييرا على كافة الأصعدة بدءً بانعكاسات الحكم إيجابيا على حياته البسيطة وانتهاء بإشراك كل الطيف السياسي في عملية التغيير التي وعد بها الرئيس في برنامجه الانتخابي "تعهداتي".
ما يقارب سنة والوطن يتنفس الصعداء أو يتصبر قليلا بنهاية عقد من الزمن عاشها الموظف الموريتاني براتب جامد وأسعار تتزايد كل يوم، واحتقان سياسي تمثل في القطيعة التامة بين قطبي المعارضة والموالاة.
ولكن عشرة أشهر من نظام الرئيس الجديد لم تشهد إنجازات تذكر على الواقع فلا الرواتب زادت، ولا الأسعار شهدت انخفاضا، وخاصة أسعار المحروقات التي تشهد هبوطا عالميا لم تشهده منذ عقود، فماذا تحقق في هذه الفترة من تعهدات ولد الغزواني؟ وهل يتذرع الرجل بجائحة كورونا التي لم يمض عليها سوى شهرين ووعد في خطابه نهاية مارس أنها لن تضر برنامجه الإصلاحي؟
خطوات إيجابية لم تؤت أكلها..
لقد استطاع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن يقوم بخطوات إيجابية منذ تشكيله حكومة ولد الشيخ سيديا تمثلت في إنهاء الاحتقان السياسي والذي بلغ ذروته في السنوات الماضية، حيث التقى بكل رجال المعارضة التقليدية (أحمد ولد داداه ـ محمد ولد مولود ـ بيرام الداه .. الخ) كما استطاع غزواني أن يتواصل مع الأقطاب السياسية بطريقة هادئة ومقنعة.
زد على ذلك استيعاب النظام للطيف الحركي الموريتاني تمثل ذلك في إشراك بعض التقدميين في الحكومة وتبوأ القوميين هرم الحزب الحاكم، وتعيين مستشارين إسلاميين. كما يحسب للنظام إعطاء الوزراء صلاحيات واسعة جدا واختيارهم طواقم وزاراتهم.
ورغم كل هذه الخطوات الإيجابية في المشهد السياسي إلا أنها لم تأت أكلها حتى اليوم إذا ما نزلنا إلى الشارع واقتحمنا الأحياء الفقيرة، فما تزال الأسر الموريتانية تنتظر حياة ازدهار تحاكي تلك الحياة التي تصفّحتها في برنامج "تعهداتي"، وما يزال كثير من أبناء هذا الشعب على قارعة الطريق في الأحياء المنسية من مدينة نواكشوط وفي أحياء البؤس البعيدة من العاصمة داخل الوطن المترامي.
فلول النظام السابق .. والفشل المتعمد
لم يستطع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني خلال تشكيله لحكومة ولد الشيخ سيديا أن يتخلص من رموز سلفه الرئيس محمد ولد عبد العزيز (ولد عبد الفتاح ـ ولد البشير ـ ولد الشيخ أحمد ـ ولد سالم ـ ولد اجاي.... ) ما جعل تلك الفلول على قلتها تدخل في صراع مصلحي مبكر مع غالبية الحكومة والمؤلفة قلوبهم منها على وجه الخصوص، ليتشكل قطبان في فريق ولد الشيخ سيديا انشغلا بالصراع وإفشال الخصوم على حساب الأداء الحكومي في الجانب الخدمي والإنجاز الملموس على الارض.
وكانت جائحة "كورونا" القشة التي قصمت ظهر البعير حينما أرادت كل وزارة أن تثبت على أنها الوزارة التي تعمل بمفردها فكانت الخلافات على تشديد الإجراءات الاحترازية والتخفيف في ظل انحسار المرض.
صحيح أن جائحة "كوونا" أربكت الحكومة الموريتانية كما أربكت كل العالم بمنظوماته الصحية المتطورة إلا أن حكومتنا استغلتها لصالحها أو لنقل استغلها كل طرف للتلميع والترميز، فكان وزير الصحة يثبت بفريقه أنه من يأخذ بزمام المبادرة في هذه الظرفية التاريخية بينما يستغل خصومه كل نقطة ضعف تمر على الوزارة، وعلى هذا المنوال سار وزير وزير الداخلية ووزير التجارة والسياحة.
سيناريوهات
هو إذن فشل حكومي جعل سيناريو التعديل الوزاري مسألة وقت خاصة في ظل الحديث عن اختيار وزير الخارجية الحالي اسماعيل ولد الشيخ أحمد مبعوثا أمميا في ليبيا، فمن يتولى رئاسة الحكومة البديلة وهل يكلف ولد الشيخ سيديا بتشكيل حكومة ثانية كما فعل ولد عبد العزيز مع مولاي ولد محمد الأغظف؟
سيكون على ولد الغزواني اختيار وزير بديل عن ولد الشيخ سيديا من نفس المنطقة أو منطقة الوسط الموريتاني لمراعاة التوازنات الجهوية..
وفي حالة الاستغناء على ولد الشيخ أحمد سيضطر ولد الغزواني إلى تعيين خلف له قد يكون من مستشاريه في الرئاسة وقد يكون أحد أعضاء الحكومة الحالية.
المختار بابتاح