بعد أربع وعشرين ساعة على الهجوم الذي تعرض له الجيش المالي في معسكر نامبلا قرب الحدود مع موريتانيا وأسفر عن مقتل 12 عسكريا ماليا، ما تزال التحليلات والتكهنات تتنازع الموقف، بين من يرجح فرضية مسؤولية جماعة المرابطون بقيادة "المختار بلمختار" عن العملية انتقاما لمقتل قائدها العسكري
عبد الرحمن ولد العامر المكنى "أحمد التلمسي"على يد القوات الفرنسية وبمشاركة مالية، وهو احتمال ترجحه فرضيات عديدة منها، الاتهام الصريح الذي وجهته جماعة المرابطون للجيش المالي في بيانها يوم أمس الاثنين بالتورط في مقتل "أحمد التلمسي" منتصف شهر دجمبر الماضي، غير أن مكان العملية الأخيرة في نامبلا، بالمنطقة المحاذية للحدود مع موريتانيا لا يدعم هذه الفرضية خصوصا وأن جماعة المرابطين المؤلفة أساسا من تكتل تنظيمي جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا وجماعة الملثمين، درجت على مزاولة نشاطاتها في المنطقة القريبة من مدينة غاوا باتجاه منيكا، بالقرب من الحدود مع النيجر، وهي المنطقة التي كانت تخضع لسيطرة الحركتين سنة 2012 قبل اندماجهما، في حين ظلت المناطق الغربية من أزواد المحاذية للحدود مع موريتانيا مسرحا لتحركات ونشاطات المجموعات التابعة لإمارة الصحراء في تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي بقيادة يحيى أبو الهمام،، خصوصا سرية الفرقان وربما كتيبة طارق بن زياد، لكن الحرب خدعة كما يقال، ومن غير المستبعد أن يكون تنظيم المرابطين عمد إلى التحرك خارج نطاق المجال الجغرافي التقليدي له، تمويها، وسعيا لتوسيع نطاق رسائله، خصوصا أن العملية تتزامن تقريبا مع عمليات عديدة استهدفت قوات المنيسما في منطقة غاوا ومنيكا، وأعلنت جماعة المرابطون مسؤوليتها عنها، كما أن الحديث عن استخدام المهاجمين للدراجات النارية في العملية، يدعم فرضية أن يكونوا قد تسللوا من الجانب الشرقي لأزواد حيث تنشط جماعة المرابطون، وحيث درج مقاتلوها من عناصر التوحيد والجهاد على استخدام الدراجات النارية المنتشرة في المناطق الشرقية من أزواد ، أكثر من انتشارها في المناطق الغربية منه، نظرا لتضاريس المناطق الشرقية التي تتوزع أساسا بين الغابات والجبال، في حين تنتشر الكثبان الرملية في القسم الغربي من أزواد.
أما الاحتمال الثاني الذي يرجح فرضية أن يكون تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي هو من نفذ الهجوم، فهو احتمال وارد، يعززه منطق الجغرافيا، حيث توجد قرية نامبلا التي وقع فيها الهجوم عند مدخل "غابة وقادو" التي ظلت لفترة طويلة معقلا للتنظيم واحتضنت معسكراته وكانت مسرحا لبعض معاركه ضد الجيش الموريتاني، وهي فرضية إن صحت فإنها تعني أن القاعدة أرادت أن توجه من وراء العملية رسالة للفرنسيين وللماليين والمجتمع الدولي مفادها أنه لا داعي للرحيل إلى جنوب أو شرق ليبيا لمحاربتها فهي موجودة في شمال مالي، وقادرة على الضرب بقوة وبعدد كبير من المقاتلين في منطقة تتوغل كثيرا نحو الجنوب إلى حد الخروج عن الحدود التقليدية لما يعرف بمنطقة أزواد باتجاه الجنوب المالي، وهذا الاحتمال المرجح لفرضية مسؤولية القاعدة عن الهجوم يجد ظهيرا له في مسار الأحداث منذ اندلاع الحرب الفرنسية الإفريقية ضد الجماعات المسلحة في أزواد بداية عام 2013، حيث دأبت هذه الجماعات على احترام التقسيم الجغرافي لمناطق نفوذها السابقة، فقد كرست جماعة أنصار الدين عملياتها في منطقة كيدال وأكلهوك وآدرار الافوغاس، ونفذت "جماعة المرابطون" هجماتها في منطقة غاوا ومنيكا وآسنغو وبوريم، بينما كانت تيمبكتو وبير وغندام والمناطق المحاذية لها حتى الحدود الموريتانية مسرحا لهجمات وعمليات تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي.
وإذا ما تأكد أن القاعدة هي من يقف وراء الهجوم على معسكر نامبلا، فإن المعلومات التي تحدثت عن تعرض بعض الجنود الماليين للذبح بعد وقوعهم في الأسر تبقى مثار شك، خصوصا وأن الحكومة المالية لم تعلن ذلك بشكل رسمي، كما أنه من المعلوم أن قيادة تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أصدرت تعليمات في عام 2008 بعد عملية تورين ضد الجيش الموريتاني بوقف عمليات الذبح التي كانت تنفذها ضد الجنود والمعتقلين لديها.