من الواضح أن قادة الحركات الأزوادية ينطلقون من موقف مصلحي أناني واحد، فالفرق بينهم فقط في التسمية، فكل حركة تدعي أنها هي على الصواب وغريمتها عميلة وقائدها مرتزق ، لسان حال قائد أي حركة أزوادية أنه وحده فقط من يجب أن يكون في المقدمة، وحركته هي الأكثر تمثيلية وشمولية، الجميع يدرك في قرارة نفسه أنه كاذب. لكنها لعبة الموت الأزوادية.
لو تأملنا في تصريحات قادة هذه المجموعات المتناحرة التي تسمي نفسها حركات سياسية لو جدناها واحدة كأنها تصدر من شخص واحد!
يستغلون معاناة الشعب في التوق إلى الحرية والانعتاق من هيمنة الحكومات المالية المتعاقبة لتعزيز مصالحهم الشخصية الضيقة، ولا أدل على هذا من نمط حياتهم المرفه يخشون من كشف الحقيقة لأنها تعني القضاء على مكتسباتهم لذا هم يحاولون قدر طاقتهم استمرار الوضع على ماهو عليه، طريقة تسيير هذه الحركات لا يختلف عن الطرق المألوفة التي تنتهجها المافيات والعصابات.
والأحداث الأخيرة في قرية زرهو خير دليل على ذلك. لمن لا يعرف قرية زرهو: إنها تقع حوالي 170كلم شرق مدينة تنبكتو، وهي القرية الأزوادية الوحيدة التي لم يهجر أهلها، أي سكانها إلى المخيمات ، واختاروا البقاء فيها والعمل بجهد لجعلها مدينة كبيرة مزدهرة، التزمت الحياد في ظل الصراع العرقي والسياسي في الإقليم. إنها البلدة الأزوادية الوحيدة التي لايزال السونغاي والبرابيش (العرب) والطوارق عائلة واحدة كل في عمله الخاص مما أسهم في تحول البلدة إلى مركز تجاري هو الأول في تلك النواحي إن لم يكن في الإقليم كله حيث تقبل إليها جميع قوافل التجارة القادمة من النيجر والجزائر وموريتانيا. وهاهي دخلت في صراعات لايعرفون كيف يسمونها .
كل تلك المزايا جعلت البلدة عنوانا للصراع بين هذه الحركات “العصابات” ولاشك أن العصابة الأقوى هي من ستنجح في مثل هذه الصراعات، فهي رفضت الاحتكام إلى قانون غابة آخر وهو تقسيم الغنائم فكل قائد حركة “عصابة” يريد أن يكون المال له وحده.
من يعرف المنطقة يدرك أن زعماء هذه الحركات ليسوا ساسة بالمفهوم المعروف عالميا إنهم وللأسف عبارة عن منتفعين وقادة مجموعات كانت تنشط في تهريب الممنوعات قبل أن تنضم إلى الجماعات الجهادية مستغلة وبذكاء غياب المعلومات الصحيحة عن أمراء هذه الجماعات والذين أغلبهم من خارج أزواد، ثم سريعا ما عادوا إلى “ثوريتهم” المزعومة بعد دحر هذه الجماعات، وتزعم بعضهم فصائل تدعي أنها سياسية وهي في جوهرها مجموعة من المهربين والمنتفعين. أزواد بحاجة إلى عملية تصحيح شاملة على المستوى السياسي وقبل كل شيء الأخلاقي.
* كاتب وناشط أزوادي