لم أكن أرغب في تناول موضوع التحقيق الذي أحاله البرلمان إلى الجهات القضائية، لئلا أساهم في التأثير على سير هذا العمل، ولأحافظ على ما تم التطرق له مع من أوكلت إليهم مهمة التحقيق.
إن مبعث هذا القرار إضافة إلى كونه واجبا حضاريا تفرضه تقاليد التحقيق حول قضايا الأمة، فإنه دعمٌ لمبدأ فصل السلطات الذي نشهد إرادة إرساء دعائمه رغم سعي شخص أو اثنين نجحوا في الالتحاق باللجنة حاملين ضغائن الماضي وعداءات كان حريا بها أن لا تتجاوز ميدان السياسة إلى الفضاءات والاهتمامات الوطنية الأخرى.
من حق كل موريتاني حر أن يفرح بملامح دولة القانون، ويسعد بتحقيق نواب الشعب في ما لحق بثروة الشعب، ويرتاح لمباشرة العدالة في التحقيق حول ملفات تختلف عن كل الدعاوى والعرائض التقليدية.
إن غبطتي بتشكّل دولة القانون تطمئنني على المسارات المختلفة لملف آمل أن تكشف مجريات التحقيق حوله في نهاية المطاف من اجتهدوا وأصابوا والذين اجتهدوا فأخطؤوا، ومن كانت اجتهاداتهم ومساعيهم لأغراض وهجرات أخرى.
إن ما يثقل عليّ في هذه المرحلة المهمة من تاريخ الأمة هو إدراكي لمستوى حضور هذا الملف في البحوث الأكاديمية حول تاريخ العدالة والشفافية والديمقراطية في العقود والقرون القادمة، وإن ظهور اسمي في هذا الملف واطلاع أبناء الجيل القادم - بمن فيهم أبناء وأحفاد - عليه مدرجا ضمن قائمة متّهمة بتبديد خيرات الأمة يشكل صدمة بالغة، لكن رهاني على مسيرتي المهنية طيلة عملي في مختلف المفاصل تبدد كل هذه الصدمة.
سأكون ممتنا لمن يذكرني بالمشاركة في عمولة أو رشوة أو مؤامرة لغرض التحصيل، كما أجيز لكل مديري البنوك الوطنية والعالمية والموثقين الإعلان عن الأرصدة والعقارات التي أمتلكها، وسأكون متمالئا ضد هذا الوطن الغالي إذا لم يكن راتبي لأقل من عشر سنوات كفيل بالحصول على ما أملكه.
هنيئا لموريتانيا بهذه الأجواء، وتحية لكل دعاة الشفافية والعدل.