شعر : سيدي ولد الأمجاد
إني انا ريح الصبا
اهديك مني نفحة
بلا دخان أو لهب
يا تيفريت
ماذا دهاك بعد وصلنا القديم
يل للعجب
يا دار مية بالعلياء
اصبحت منازل القمامة اللعينة
مكب كل نقمة المدينة التي
تنوء كل ليلة
بتخمة الطعام والشراب
من يوقف العذاب عن خيام عذرة ؟
التي لا تعرف غير غيمة السحاب
قد أصبحت في ليلة عند الدرك
سليبة الأحلام والرؤى
تصارع الكرباج
والدموع
والصراخ
تنفس الصعداء
ونسوة يبكين كل يوم
وصبية صغار
ووالد مريض
يحضن بنته الوحيدة
في زحمة الجنود
والسياط
والألم
يا تيفريت
يا قصيدة ابن الطلبة التي
سارت بها الركبان
هل عميت أبصارهم عن طيفك الجميل ؟
وعن حميد بن ثور الهلالي
يمر هاهنا بلا لثام
معانقا يعقوب في الظلام
يصرخ في وجوه من رموا زبالة البشر :
هل هذه سقر ؟
واين وادي عبقر؟
ام هذه حرب البسوس ؟
رب حوراء من بني سعد اوس
كانت هنا تراقب المغيب
بالأمس قالوا اختنقت
وحملوها للطبيب
يغمى عليها كل حين
تشتاق نسمة الصباح والمساء
كطلعة الحبيب
بلا كآبة السنين هذه
والشاحنات المثقلات بالقرف
ياللأسف
ياللأسف
ما كان للشيطان هاهنا مقام
في تيفريت ربوة الغضا
والطلح والأكام
ما كان غير بوح شاعر
في ليلة قمراء
او ضوء نار للقرى
يشق هذه السجف
ما كان غير مرتع خصيب
والعيس حنت نحو تيرس
حداءها دبيب
سيسفر الضياء من جديد
يا تيفريت
فاخلعي نعليك للمطر
توضأي بالحب والسلام مرتين
وسامري النجوم
عند تلك القريب
قولي لهم :
إن الهواء كالحليب
وطعمه مثل العسل
لن ترحل الطيور عن هنا
ولا الخيام
رائحة التراب لن تضام
لأنها في الروح
في العظام
يا سيدي الهمام
هلا أمرتهم
بمنحنى الكثيب
كي يستبينوا الصبح
في ضحى الغد الذي
يجيء بعد عام ؟!
لن يجتمع الوباء والنفايات
سيدي
في جوف أرضنا الطهور
فقل لهم يا سيدي
ان ينثروا العطور
في تيفريت
القرية الوديعة المسالمة
تكدح كل يوم
كابن سميدع
إذ مات واقفا
في قلبه الحريق
وفتية نسيمهم هذا الوطن
وسجنهم عبر الليالي والحقب
لكنه لهم بريق
يلمع في الطريق
لو وضعوا كيس قمامة صغيرة
محشوة فقط
بشكولاتة بونتي مغلفة
بقرب باب بعضهم
من سادة القافلة الغريبة!
لأرعدوا وازبدوا
وهددوا بالويل والثبور
لأنهم
بالمختصر المفيد
لا يسكنون في تيفريت
وإنما
في هذه القصور !!
الشاعر :
سيدي ولد الأمجاد