رغم قصر المدة في الحكم والتحديات الكبيرة ومنها الموروث الصعب عن العهد الماضي وجائحة كورونا، تحقق في عهد فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الكثير من الانجازات في مجال التنمية وإصلاح القطاعات الحيوية وعلى مستوى الوئام الوطني وإعادة الاعتبار لمؤسسات الجمهورية والدعم الاجتماعي لصالح الطبقات الهشة من الشعب. ومن المؤسف ان البعض ممن قد أعمته أمراض القلوب ، ينكر هذه الانجازات. ويحضرني قول البوصيري رحمه الله في هذا المنحى:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد وينكر الفم طعم الماء من سقم
وقول ابو الطيب المتنبي:
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره إذا تساوى لديه النور والظلم
وهناك بعض المواطنين يستعجل الأمور بدافع العقلية الطوباوية وقصر النظرة، ويريد حصول كل الانجازات والحلول مرة واحدة ومنذ اليوم الاول من تولي فخامته للحكم!، وذلك كمن يستعجل نبات الأرض عند هطول أول غيث مبارك بعد عشر سنوات عجاف وقد كان عليه لعمري التأني لبعض الوقت في انتظار حصول الخير والبركة ويتوكل على الله القائل سبحانه وتعالى: }أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ{. فخامته رجل خير وبناء وسلام وحكمة وكل الدلائل تدل على أن ما مضى ليس كما هو آت.
لقد نال فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، عندما قرر دخوله السباق الرئاسي كمرشح إجماع وطني، قبول تيار عريض من القوى السياسية الفاعلة في البلد ومن أعطاه الله القبول في الأرض هيأ له الأمور، والتفَّت نخب سياسية من كل الاتجاهات حول برنامجه. لذلك تم انتخابه في الشوط الأول رئيسا لكل الموريتانيين من طرف أكثرية الشعب الموريتاني بدافع تبني ما أعلن عنه فخامته من تعهدات تتمثل في أهداف تنموية جبارة وإصلاحات جذرية في المجالات الحيوية كالتعليم والصحة والخدمات العامة. كما أن الرجل يحظى بثقة كبيرة فللعهد معنى عنده لا يتزعزع عنه ولا يحيد، وكذلك لما يتميز به من الكفاءة والأخلاق والخلفية الطيبة والتجربة الواسعة. وقد واجه عند توليه لمهامه السامية تحديات كبيرة تمثلت في الحالة المتردية التي وجد فيها البلاد خصوصا ما يتعلق بمهددات الوحدة الوطنية ووجود بغضاء وتنافر شديدين بين القوى السياسية في البلاد وانعدام الثقة بينها وظهور تيارات هدامة تقوم على أساس العرق والجهوية والولاء للاجندات الأجنبية المعادية.
لذلك كان فخامته الرجل المناسب بالنسبة للشعب الموريتاني في مجابهة هذه التحديات والأخطار نظرا لحكمته وشجاعته ومعرفته الدقيقة بحيثيات التعامل السليم مع الوضع الصعب الموروث. فكان أول انجاز يقوم به هو تحقيق الوئام الوطني والمصالحة بين الفاعلين والكتل الناشطة في مجال العمل السياسي. لقد رسخ فخامته المبادئ والأخلاق في مجال السياسة وجعل ممارسة السلطة تقوم على أساس المسؤولية والشعور بالواجب وتقوم على القيم واحترام القانون والمصلحة العامة. كما قام بتعزيز المؤسسات الجمهورية ومنح الحكومة الصلاحيات اللازمة لتأدية مهامها، وعمل بكل جدية على تحقيق العدالة وإرساء أسس المواطنة المتساوية والشفافية والفصل بين السلطات والحكامة الرشيدة والشفافية في التسيير، ومحاربة الآثار الاقتصادية للغبن والتهميش، وفي هذا الإطار تم إنشاء مندوبية حكومية هدفها العمل على تجفيف منابع الإقصاء والتفاوت الاجتماعي.
وفي هذا الجو المناسب عادت العلاقة المطلوبة بين مختلف أبناء وبنات هذا البلد الغيورين على مصلحة الوطن والساعين لخدمته سواء على مستوى النظام أو في صفوف المعارضة التي فتح لها المجال للمشاركة وتقديم المشورة والنصح بعد ان كان النظام السابق يعاملها بازدراء وتخوين وتهميش شديد لدورها المهم. كما فتحت أبواب القصر الرئاسي أمام كل الفاعلين الوطنين والشخصيات المؤثرة من كل الطيف السياسي والحقوقي والإعلامي والثقافي للمساهمة والاطلاع في القضايا التي تتعلق بالشأن العام والمصلحة الوطنية، وبالتزامن مع ذلك تم فتح وسائل الإعلام العمومية أمام الجميع للتعبير عن مختلف المواقف والآراء. وبخصوص الحالات الصارخة من الفساد التي هزت الرأي العام وأصبحت حديثا دائرا على ألسنة المواطنين مثيرة لاشمئزازهم، تم التعامل مع هذا الملف بطريقة سليمة حيث ترك أمره للسلطتين التشريعية والقضائية للبت فيه دون تدخل من التنفيذي.
وفي هذا السياق المتأزم، ظهر بشكل مفاجئ تحدي آخر أكثر صعوبة في التعامل معه ويتعلق بجائحة كورونا التي ضربت دول العالم فدمرت الاقتصاديات وهزت النظم الاجتماعية فيها. وقد كانت موريتانيا من الدول السباقة في التصدي لهذا الوباء. وفي هذا الإطار، وبتوجيهات وإشراف شخصي من فخامة رئيس الجمهورية، تم القيام بجهود جبارة لمواجهة هذا الوباء العالمي في المجال الأمني ومن خلال تقديم مساعدات قيمة ومتواصلة للمواطنين. وما زالت الدولة تواكب بالإجراءات المناسبة تطور هذه الجائحة الخطيرة وبكل الوسائل المتاحة لديها. ورغم هذا الجائحة التي عرفت البلاد موجتين منها، تم تحقيق انجازات تنموية هامة كما تم تبني برامج واعدة تلامس تطلعات المواطن البسيط وتجعله يحس بأنه هو الغاية والهدف من العمل الحكومي. وفي هذا الإطار، تم إرساء قواعد صلبة لقيام العدالة الاجتماعية و المساواة بين المواطنين والعمل على حماية الطبقات الهشة و تحسين ظروفهم المعيشية والقضاء على التراكمات السيئة الاجتماعية الموروثة عن الماضي وتم إنشاء مندوبية حكومية هدفها العمل على تجفيف منابع الإقصاء والتفاوت الاجتماعي كما تم استحداث مصالح خدمية جديدة لتقديم الخدمات للمواطنين لدى المصالح الحكومية وتم إنشاء مؤسسات لتقديم الدعم المالي والمساعدة للفقراء مثل صندوقي "تازر" و"الشيلة". وقد كان لهذه المؤسسات دور كبير في مساعدة المواطنين في مجابهة المشاكل خصوصا تلك التي سببتها جائحة كورونا. وفي هذا السياق أعلن فخامته هذه السنة عن قرارات هامة تمثلت في زيادة المعاش بنسبة مائة في المائة لجميع المتقاعدين، ومضاعفة معاش أرامل المتقاعدين واستفادتهن من التأمين الصحي، وصرف معاشات التقاعد شهريا، ومنح علاوات مهمة للمدرسين وزيادة التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضي الفشل الكلوي المعوزين بنسبة خمسين في المائة، واستفادتهم من تحويلات نقدية، وتأمين الضمان الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة واستفادتهم من تحويلات نقدية شهرية.
وعلى مستوى التعليم تم تنفيذ جزء هام من برنامج " اولوياتي" حيث ركز المجهود الحكومي على تتطوير العملية التربوية وتوفير المستلزمات الضرورية لنجاحها وتحسين ظروف أفراد التعليم وتم البدء في انشاء المدرسة الجمهورية التي تشكل حجر الزاوية في بناء مجتمع متماسك وسليم. وكان إشراف فخامته شخصيا من الداخل على إفتتاح السنة الدراسية تعبير جلي عن الأهمية التي يوليها لهذا القطاع الحساس.
وفي مجال الصحة تم توفير كمية معتبرة من التجهيزات الحديثة وتم تحسين ظروف منتسبي الصحة وتم اعتماد طريقة جديدة لتسيير الأفراد والمعدات وتسهيل الخدمات للمواطنين وضمان توفير الدواء باسلوب محكم يضمن صلاحيته وسهولة الحصول عليه، وبهذا يمكن القول ان القطاع تطور بشكل هائل وبعيد عما كان عليه. وعلى مستوى البنى التحتية تم انشاء عدد من السدود واصلاح العديد من الطرق وانشئت مؤسسة لصيانة الطرق لتحل محل سابقتها التي اصبحت منذ فترة طويلة نسيا منسيا. وعلى مستوى الاقتصاد عرفت المعادن تحسينا كبيرا وحصلت الشركة الوطنية للصناعة والمناجم على دعم كبير وعناية خاصة من فخامة الرئيس مما مكنها من تحقيق انطلاقة قوية بدأت تعطي ثمارها وعرف الصيد جملة من الاصلاحات جعلته من القطاعات الاقتصادية الواعدة.
وعلى المستوى الخارجي، تتمتع موريتانيا اليوم بعلاقات جيدة مع دول العالم في كل ارجاء المعمورة وتتبوأ مكانة محترمة بين الأمم وتلعب دورا مهما على المستوى الاقليمي وحتى الدولي. وقد عكست الزيارة الأوروبية الناجحة التي أداها منذ أيام فخامة رئيس الجمهورية، الرئيس الدوري لمجموعة دول الساحل الخمس، نجاحا كبيرا شهد به القاصي والداني ومن خلالها ظهر رئيسنا زعيما وشخصية كبيرة محترمة. لقد حرص فخامته منذ توليه للحكم، على إقامة علاقات متوازنة مع دول العالم شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا. وسعى بقوة الى تعزيز الروابط وخصوصا مع دول الجوار ومع الدول العربية والأفريقية الشقيقة. ومن هذا المنطلق جاءت الزيارات الخارجية التي قام بها فخامته وحرصه على المشاركة في القمم والمحافل الإقليمية والدولية لتصب في مصلحة موريتانيا سياسيًا واقتصاديًا.وقد اتسمت مواقف بلادنا حيال القضايا التي تهمها بالحكمة والتوازن ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر التزام الحياد من النزاع في الصحراء الغربية وتبني المواقف التي تحظى بالتوافق والقبول على مستوى الأطراف المعنية والمجتمع الدولي. وقد دشنت قيادة موريتانيا الحالية لمجموعة الخمس في الساحل مرحلة هامة من العمل المشترك من اجل رص الصفوف وتهيئة الظروف وتوفير الوسائل لتحقيق الأهداف التي تعمل من اجلها المنظمة الساحلية وعلى رأسها رفع التحديات الأمنية مثل الارهاب والتنمية الاقتصادية والبشرية. وكانت قيادته لمجموعة دول الساحل الخمس موضع إعجاب وتقدير على المستوى الافريقي والدولي وأشاد العديد من الشخصيات والمثقفين في القارة بجهوده التي أثمرت مكاسب هامة لصالح المجموعة وبنجاحه في جولته لأوروبية.
بقلم النعمة انجبنان
رائيسة المنسقية الدائمة للعمل الثقافي في موربتانيا