تعاني الفتاة التي تجاوزتها سن الزواج، أو العانس، في مجتمعنا، الكثير من المشاكل النفسية والاجتماعية. فتجد نفسها بين مطرقة الحظ العاثر، إن صح القول، وبين سندان نظرة العائلة إليها والمجتمع، مما يقود في بعض الأحيان، إلى دخولها في مراحل نفسية صعبة، لا يمكن أن تتخلص منها بسهولة. وبالرغم من أنها لا ناقة لها ولا جمل في تأخر زواجها، إلا أنها تعيش دائمة الضغط والإحباط، في مجتمع لا يرحم من تحمل لقب عانس.
إن الجلوس إلى هذه الفئة من المجتمع، هو كمن جلس إلى المعاناة نفسها، لأن الأمر أعظم عندهن، خاصة في غياب الدعم من طرف الأسرة والمحيط، لأنه وللأسف لا يزال الكثير منا لا يتقبل فكرة أن تقع الفتاة في مخالب العنوسة، سواء الأخت أم البنت، بالرغم من أن الأمر يتجاوزها ولا دخل لها فيه مجرد قدر ومكتوب.
أكثر ما يلاحظه المـتأمل لحالة الفتاة العانس، أنها تصبح أكثر ميلا إلى معاداة كل من تحمل لقب متزوجة، حتى ولو كانت من الأقربين إليها، أختا أو عمة أو خالة، خاصة إن كانت أقل منها سنا.. ويحصل هذا نتيجة للغيرة التي تحملها بداخلها تجاه هذا الصنف من النساء. كما أنها في بعض الأحيان تختار التمرد على الأسرة، لأن الكثير من الفتيات يعتقدن أن للأسرة دخلا كبيرا في عنوستها. وهذا انطلاقا من عدة معايير، سواء برفض ارتباطهن بأشخاص معينين، أم بفرض قوانين أو تقاليد وعادات تراها البنت سببا مباشرا لعدم قدرتها على تحقيق حلمها، وهو الزواج.
لذا تصنع لنفسها عالما موازيا داخل الأسرة، وتبقى تراقبه لوحدها، حتى ولو كان عالما افتراضيا، غير أنه يحقق لها الهروب بذاتها ومشاعرها من الواقع الذي يصبح مع مرور الوقت مريرا، ولا تجد فيه الراحة النفسية، خاصة وهي محاطة بأشخاص تعتقد أنهم أكثر حظا منها، وترى في نفسها بنتا فاشلة، بحيث لم تستطيع الحصول على زوج كغيرها من النساء، وهي امرأة متمكنة ومثقفة حققت كل الأحلام إلا حلم الارتباط. مما يخلق لديها نظرة تشاؤمية للحياة، فلا يوجد شيء قد يسعدها، وإن حصل فإنه يحصل لفترة زمنية معينة، ثم تعود إلى زاويتها وانغلاقها على الأفراد.
إذن هو قدر ومكتوب،غير أنه ولانعدام من يدعم هذه الفئة ويواسيها قد يتحول الوضع إلى حالة مرضية قد تكون نتائجها وخيمة.
عائشة سيدى عبد الله