"...يوم لا كالأيام على الجمهورية الإسلامية الموريتانية ذلك الذي حصلت فيه موريتانيا على استقلالها عن المستعمرين الفرنسيين في عام 1960.
ولكن يا للمفارقة الغريبة.. كان هذا اليوم من عام 2001 يوم آخر على أحد المواطنين حيث قامت جمهورية مستقلة يفترض أنها ذات سيادة بترحيل أحد مواطنيها قسرا وتسليمه إلى التعذيب...... إنه لمن العار أن تقوم الحكومة الموريتانية ليس فقط بمخالفة الدستور الذي يحظر تسليم المجرمين الموريتانيين إلى بلدان أخرى، بل أيضا بتسليم مواطن يعلمون علم اليقين أنه بريء .......
لقد سلمتني إلى الأمريكيين بطريقة عشوائية تخالف جميع مبادئ العدل والإنصاف..
سلموني بعد أسبوع من التحقيق في مكتب مدير الأمن من طرف الأمريكيين حصرا...... ولم يسمح هؤلاء الأمريكيون لنظرائهم الموريتانيين بالتواجد و كانوا يحكمون غلق الباب أثناء التحقيق....
وفي أحد مساءات رمضان المبارك وقد حان وقت الإفطار كنت أريد جرعة ماء من قنينة قريبة مني لكن أحد المحققين منعني من الشراب الموجود على المكتب، كنت في ذلك المكتب لا أعلم ما هو مصيري لكن التسليم لم يخطر على بالي أبدا..
غادر الأمريكيون بعد أن اتتهى وطمأنني مدير الأمن أن ليست لدي مشكلة إطلاقا كلما في الأمر أن بقية التحقيق ستكون في الأردن وسوف أعود بعد أيام إلى نواكشوط، ولا داعي لأي خوف او قلق.
الآن بدأت اشعر أن الأجواء ملبدة بغيوم أخرى وأن مسألة التسليم واردة جدا
طلبت منهم أن أكلم الرئيس فرفضوا الطلب ثم طلبهم لا حقا أن أكلم عائلتي جاءني الرد أن الأمر سري للغاية.. الآن عرفت أن طلباتي كلها في سلتي المهملات وبقي لدي طلب أخير أن لا أسلم وإن كان لا بد فلا يكون إلى الأردن ليسلموني إلى أمريكا مباشرة..
يومان أخيران فقط يفصلاني عن بداية الترحيل القسري بدأت أفكر في كل شيء أفكر في الهروب، بل أندم وسوف يكون الندم لاحقا في تسليم نفسي للشرطة عندما اتصلوا بي قلت لهم إنني أنتظرهم في البيت..
اليوم هو يوم ترحيلي من نواكشوط يوم وداعي الأخير لبلادي الحبيبة يوم بداية المعاناة، أسمع الآن مكالمة مدير الأمن يتصل على الأردنيين ويتساءل عن سبب تأخيرهم، أخبروه أنهم توقفوا في قبرص للتزود بالوقود...
وفي يوم 28 من نوفمبر 2001 دخل مدير الأمن علي وقال لي سوف نذهب إلى المطار..... ركبت سيارة من نوع Mercedesمظللة تماما لم يكن معي في السيارة سوى مدير الأمن..
في طريقنا إلى المطار توقف المدير أمام إحدى البقالات ونزل وتركني وحدي في السيارة.... فكرت مجددا في الهروب إلا أن المدير كان قد أخذ معه مفاتيح السيارة..........
في الأثناء توقفت سيارة أخرى بالجوار من نوع Range Rover نزل صاحبها تاركا مفتاحه في السيارة، هممت بالقفز داخلها لم يمنعني من ذلك سوى أطفال داخل السيارة، لم أشأ أن أروعهم وقررت أن أوكل أمري إلى الله....
دخلنا المطار من باب الدبلوماسيين، وعند البوابة لا حظت أن المدير أمر أحد العناصر بصرف زملائه بعيدا حاولت وتمنيت أن أشاهد أي شخص أعرفه كي يوصل رسالتي الأخيرة إلى عائلتي "لقد سلموني"......
-توقفت السيارة أمام باب المروحية الصغيرة مباشرة استلمني الأردنيون وقام مدير الأمن بتسليمهم جواز سفري وبعض الأوراق التي كانت بحوزتي و مصحف......... حلقوا خلال دقائق..........
يتواصل