منصة الفيس بوك

استطلاع حول الرئاسيات القادمة

لمن ستصوت في الرئاسيات القادمة؟

مالي: غارة بونتي تطرح سؤال طبيعة العدو: إرهاب أم تمرد؟ (ترجمة)

سبت, 2021-04-03 11:32

ترجمات "الشروق ميديا" - وصلت فلورنس بارلي الخميس 1 أبريل إلى مالي في زيارة تستغرق يومين برفقة نظيريها التشيكي لوبومير متنار، والإستوني كالي لانيت. وسيجتمعون مع السلطات "الانتقالية" في باماكو وقيادة قوة برخان. وسيعلنون أيضًا عن الانطلاق الفعلي الكامل لعمل لقوة المهمة الأوروبية "تاكوبا"، الذي يجب أن "تواكب" الجيش المالي.

وتأتي الزيارة الجديدة لوزيرة الجيوش الفرنسية فلورنس بارلي إلى مالي في سياق صعب. حيث اتهم تقرير استقصائي للأمم المتحدة الثلاثاء (30-03-21) فرنسا بشن غارة جوية في 3 يناير، تسببت في مقتل 19 مدنيا وثلاثة مسلحين قرب قرية بونتي في مالي. ونفت السلطات الفرنسية بشدة مرة أخرى هذه الاتهامات، وانتقدت ظروف إنجاز هذا التحقيق الذي أجرته قوات حفظ السلام "المينوسما". وأكد قائد أركان الجيوش الجنرال فرانسوا لوكوانتر قائلا: "أنا أعترض بشكل مطلق على نتائج تقرير الأمم المتحدة".

ومنذ ما يقارب ثلاثة أشهر، تسمم هذه القضية الأجواء، بينما تستمر المواجهة بين الروايات المتناقضة، دون أن يكون ممكنا حسم الأمر بطريقة مستقلة. وإذا كان هذا "الخطأ الفادح" قد وقع فعلاً، فسيكون الأخطر الذي يرتكبه الجيش الفرنسي منذ عقود. وفي مالي، ينتظر من فلورنس بارلي "تذكير جميع جنود عملية برخان باعتزازها بالتزامهم بالإرهاب وثقتها في عملهم اليومي في الظروف الصعبة".

وتسود هناك روايتان متعارضتان بشأن بونتي. فالجيش الفرنسي يؤكد أنه "حيد مقاتلين إرهابيين" متبعا "عملية استهداف دقيقة تضمن الامتثال الصارم لقواعد قانون النزاعات المسلحة". وفي المقابل، أفادت الشهادات المالية بوجود غارة على حفل زواج، حيث كان الرجال مفصولين عن النساء والأطفال، كما تقتضي ذلك التقاليد.

"حرب معلومات"

ومهما كانت حقيقة الوقائع، فإن جزءًا من الصراعات يدور أيضًا حول تصورات السكان عنها: ومن هنا يتحدث العسكريون عن "حرب معلومات". وفي قضية بونتي، خسر الجيش الفرنسي إحدى المعارك بشكل واضح، إلا إذا تمكن من تبديد الشكوك حول مصداقية روايته. وفي هذا الصدد، يعد تقرير الأمم المتحدة بشكل خاص مؤلمًا بشدة. ففي مالي وفي بقية إفريقيا، ولكن أيضًا في فرنسا والدول الأوروبية المدعوة إلى الانخراط في منطقة الساحل، ترسخت الآن بشدة الشكوك في أن السلطات الفرنسية مارست الكذب. ولن يكون سهلًا محو ذلك.

ويطرح قصف بونتي مشكلة سياسية -وبالتالي عسكرية- أكثر تعقيدًا. فبدلاً من وضع الروايتين في مواجهة بينهما (ضربات ضد الإرهاب مقابل خطأ فادح ضد المدنيين)، يمكن طرح فرضية ثالثة: الروايتان لا تتعارضان بل تتكاملان. باختصار: "الإرهابيون" و"المدنيون"، أو على الأقل بعضهم، ليسوا إلا الشيء نفسه. "الإرهابي" الذي ينزل من دراجته النارية ويضع عن عاتقه بندقيته يتحول إلى "مدني" يشارك في حفل زفاف.

وإذا تبين أن هذه القراءة صحيحة، فإنها تغير طبيعة الحرب التي تخوضها فرنسا في مالي. فبدلاً من "الالتزام في مواجهة الإرهاب"، كما تقول فلورنس بارلي، قد يكون الجيش الفرنسي يواجه "تمردًا" إسلاميًا هناك. وهذا التمرد، المتجذر في السكان عبر مزيج من القناعة أو الإكراه أو المصالح، ينمو "كسمكة في الماء" كما عبر عن ذلك ماو، ويستخدم الإرهاب بالفعل أسلوبًا في العمل. وبالتالي، فإن فرنسا قد تكون في مواجهة شكل من أشكال "الإرهاب التمردي" كما صرح الجنرال النيجيري محمدو أبو تاركا لصحيفة لوموند.

إخفاق

إذا كان الأمر كذلك، فهذا ليس خبرًا سارًا لباريس. إن تفكيك "شبكة" أو "منظمة" إرهابية بقتل قادتها، كما تسعى إلى ذلك فرنسا، أمر مختلف تمامًا عن هزيمة التمرد التي تعد أمرًا آخر وتدخل في نطاق المهمات المستحيلة. وفشل عشرين عامًا من الانخراط العسكري للولايات المتحدة وحلفائها في أفغانستان يثبت ذلك بوضوح. ويؤكد جيرارد شالياند، مؤلف كتاب "عصابات في منحدر الغرب" (باسيه كومبوزيه، 2020) قائلًا: "منذ أكثر من خمسين عامًا، لم يعد الانتصار ممكنًا  في الحروب غير النظامية".

لقد خلفت ثلاث هجمات خلال شهر مارس، في مالي والنيجر، عشرات القتلى وهي تظهر أن النصر على "الجماعات الإرهابية المسلحة" بعيد المنال، رغم الرضا عن الأداء الذي عبرت عنه قمة نجامينا في منتصف فبراير الماضي. وفي باريس، يعترف مصدر رفيع المستوى بأنه "في غياب رافعة سياسية، لا يمكن أن لنجاحاتنا العملياتية الحقيقية أن تكون مستدامة". ومع ذلك، لا شيء يشجع التفاؤل السياسي في منطقة الساحل: فبعد الانقلاب العسكري في مالي في أغسطس الماضي، أفيد عن إحباط محاولة انقلاب في النيجر ليلة الأربعاء (31-03-21). كما تشهد السنغال، جارة مالي، اضطرابات سياسية، بينما سيترشح الرئيس التشادي إدريس ديبي لولاية سادسة في 11 أبريل.

وفي ظل هذه الظروف، قد يبدو الموضوع الرسمي لزيارة فلورنس بارلي لمالي بائسًا. وإلى جانب نظيريها الإستوني والتشيكي، يجب أن "تعلن رسميًا" تفعيل القدرة العملياتية الكاملة لفريق عمل تاكوبا. ويجب أن تواكب هذه الوحدة الجديدة من القوات الخاصة "القوات المالية في عملياتها". في الوقت الحالي، تشارك أربعة بلدان أوروبية فقط، إضافة إلى بعض ضباط الاتصال، وهي إستونيا وجمهورية التشيك والسويد وإيطاليا، وهذه الأخيرة ما زالت "في مرحلة نشر القوات". كما أُعلن عن انخراط بلدان أخرى. وتظل أعداد القوات (باستثناء الفرنسيين) متواضعة للغاية، حتى لو كان مفترضًا أن تزيد بحلول الصيف؛ وهي ما بين 200 و300 جندي، منهم بضع عشرات فقط في الميدان مباشرة مع الماليين.

الكاتب: جان دومينيك ميرشي Jean Dominique Merchet

المصدر: صحيفة L'Opinion لوبنيون (فرنسا)

ترجمة: "الشروق ميديا"، للاطلاع على المادة الأصلية اضغط هنا.

اقرأ أيضا