يوم من التاريخ قد لا يتكرر، ذلك اليوم الذي حظينا بحضرة الشيخ المنتقى امباكي الخليفة العام للطريقة المريدية في السنغال، اشرأبت الأعناق وتزاحمت الوفود من مختلف جنسيات العالم، ورغم انخفاض درجة الحرارة في زوال "طوبى" الحارق إلا أن الجميع لا يبالي حينما يكون المقصد هو مصافحة الشيخ.
ساعات ونحن نتقدم الطابور رويدا رويدا هناك ومن فجوات الزوار يتراءى وجه الشيخ الأشيب يشع نورا وإيمانا بالله وبمحبة المصطفى صلى الله عليه وسلم زوار يقدمون الهدايا يلتمسون الدعاء بإصلاح الدنيا والآخرة وآخرون يلتمسون البركة من نفس طاهرة كريمة بنت الأكارم.
نواصل حتى نصافح الشيخ المنتقى مصافحة مباركة يدعو الله لنا ويرحب بنا ترحيبا خاصا ويشهدنا على حبه لنا في الله كموريتانيين، شعرت بهيبة كبيرة تملأ المكان المزدحم بالزوار لا ضجيج لا صراخ جاؤو من كل فج عميق يريدون الدعاء والدعاء فقط..
ودعنا الشيخ وليتنا ما ودعناه إلى إقامتنا مع "حزب الترقية" ونعم القوم هم أكرمونا أيما إكرام وتعاونوا معنا وسمحوا لنا بتصوير المدينة ومنشآتها جميعا، عشت مشاعر يختلط فيه الحنين إلى الماضي بأمنية البقاء فترة أطول حتى أكتشف مزيدا من أسرار مدينة تحدث عنها الركبان وخلدها الأدباء شعرا ونثرا أقمنا بين أهل كرام كفاني الشاعر الموريتاني المرحوم محمد ولد ابنو احميده تخليدا للإقامة معهم :
آمِنتَ مِنَ الخُطُوبِ أتيتُ طُوبَى == ويَأمَنُ مَن ألَمَّ بِهَا الخُطُوبا
فطوبى للذي دَفنُوهُ فيها == وللشيخ الخليفة منه طوبَى
فلا غَدراً أَخَافُ ولا أذاة == من الدَّهر الخئون ولا قطوبا
أتيتُ مدينةً للهِ تُدني == ويُصفي يُمنُ زَورَتِها القلوبا
وتجتذبُ النفوسَ إلى المعالِى === وتجتنبُ الرذائلَ والعيوبَا
وتُبدَلُ عندها السَّوءى بِحُسنَى == ويَخلِفُ عندها الفرجُ الكَرُوبَا
وَيعلُمُ ذو الجهالةِ إِن أتَاهَا === ويصبحُ كُلُّ مكتئبٍ طَرُوبَا
ويصبحُ كلُ ممهَتَنٍ مَهَيباً == ويصبحُ كُلُّ مُغتَرِبٍ قريبا
ويصبحُ مَادِرٌ مَعنًى كَمَعنٍ == ويصبحُ بَاقِلٌ قسّاً خَطِيبَا
بها الشيخُ الخَدِيمُ ثَوى فنالت == بِيُمنِ الشيخِ منزلَةً وطيبا
وأظهرَ سِرَّهُ فِيها فَدَبَّت == حُمَيَّا سِرِّهِ فيها دَبِيبَأ
وأفرَغَ في جوانبها ذَنُوباً == من البركاتِ تَختَطِفُ الذُّنوبَا
وأسَّكنَهَا خَلِيفَتَه فأمسَى == أدوَاءِ القلوبِ بِها طبيبا
وأورَثَه مآثرَه اللواتِى == بها مَلَك القبائلَ والشَّعُوبَا
وأوصاه بها وكساه بُرداً == أنِيقاً مِن جَلاَلتِه قَشِيبَا
وَاشخَبَ في حياضِ القَلبش ثَدياً == من العرفانِ مِدرَاراً شُخوبا
فَقَامَ بإرثِه خَلقاً وخُلقاً == وكَانَ لِمَفصل الحقِّ المُصِيبَا
آيَا طُوبَآ أتَيتُكِ مُستَجِيراً == أسِيرَ مَآثِمٍ فَلِقاً حَرِيبَا
أؤمِّلُ ما اُؤملُ مِنكِ إني == جديرٌ بالمُؤَمَّلِ أن أُؤُوبَا
وأولَى بُغيَتِى إصلاَحُ قَلبي == فَكَم اصلَحتِ يا طُوبَى قلوبا
وأن تُمحَى وتُغفَرَ لِى ذُنُوبي == وأشقَى مِن معارِفِكُم ذَنُوبَا
والفي جَارَ جَارِكِ في التلاقِى == وألفي للحبيب غَداً حبيبا
صلاةُ اللهِ يتبعها سلامٌ == عليهِ صَوبها سَحّاً عَجِيبا
مختار بابتاح ـ طوبى