الموسيقى متوفقة . أحاديث الحراس خفتت. والشاحنة فرغت. وشعرت أني وحدي داخل شاحنة الجنائز. ولم يطل الانتظار. وشعرت بحضور أشخاص جدد، وهم فريق هادئ. ولم أتذكر أية كلمة طيلة التسليم الموالي.
ووضع شخص القيود في معصمي.وعلق يدي الأولى وأمسك رجل آخر بتلك اليد وأمالها بينما كان ثالث آخر يضع أغلالا جديدة أكثر قوة وكثافة.وفي الحال كانت يداي مغلولتان أمامي.
وبدأ شخص ينزع ثيابي بشيء مثل المقص. وكنت كالمتفاجئ مما يحدث لي؟ وبدأت أقلق حول الرحلة التي لم أردها أو أبدأها. فهناك شخص آخر يقرر لي كل شيء . وكان لدي كل الشكوك في العالم باستنثاء اتخاذ أي قرار. وافترض التشاؤم على" أنني ربما أكون في يد الأمريكيين لكن لا داعي للقلق هم يريدون أخذك إلى بلادك للتأكد من أن كل مر في سرية تامة. ثم تابع التشاؤم قائلا : أنت خدر الأمريكيون يخططون لإلصاق بعض البذاءة بك وهم آخذوك إلى سجون الولايات المتحدة لتبقي فيها بقية حياتك.
وكنت معرى . وكان ذلك مخزيا لكن غطاء العينين ساعدني على تجاهل رؤية جسدي العاري. وخلال كل الإجراءات أستطيع تذكر أداء صلاة واحدة وهي صلاة الخوف. وكنت طيلة الوقت أردد يا حي يا قيوم. وحيثما واجهت وضعية مشابهة أنسى كل صلاتي إلا صلاة الخوف التي تعلمتها من حياة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقام أحد أعضاء الفريق بلف حفاضة حول الأجزاء الخاصة من جسمي. عندما تأكدت من مللي حطت الطائرة في الولايات المتحدة. وبدأت أقنع نفسي أن كل شيئ سيكون على ما يرام وكان قلقي الوحيد هو رؤية عائلتي لصورتي في شاشات التلفزيون بتلك الوضعية المتدهورة. وكذلك كنت نحيفا، لكن تلك النحافة لم تجعل أبدا ثيابي في الشارع فضفاضة لذلك بدوت كقطة صغيرة وضعت في محفظة كبيرة.
وعندما انتهى الفريق الأمريكي من وضعي في الثياب التي حاكوها من أجلي قام رجل منهم بإزالة الغطاء عن عيني خلال لحظة. ولم أستطع الرؤية لأن ومضات الضوء لامست عيني. وكان ملتفا في بدلة سوداء من رأسه وحتى أخمصه. وفتح فمه وأمسك بلسانه وأشار إلي أن أفعل نفس الشيء ، وهذا نوع من فحوصات of AHH التي تؤخذ بدون مقاومة. ورأيت جزءا من إبطئه الرمادي وهو ما عزز من نظرية حول وجودي في يد العم سام.ثم سحب غطاء العينين إلى الأسفل. وكنت أسمع كل الوقت أصوات محركات الطائرات القوية ، واعتقدت بشدة أن هناك بعض الطائرات تهبط وأخرى تقلع. وشعرت بأن طائرتي تقترب. ولم أتذكر أكثر من ذلك. لكنني أتذكر أن المرافق أمسك بي من الشاحنة ولم تكن هناك أي مسافة تفصلها عن سلم الطائرة. لذلك كنت متعبا ومريضا فلم أستطع المشي لذلك أجبر مرافقي على حملي إلى أعلى كجسد ميت.
داخل الطائرة كان الجو باردا جدا. ووضعت على أريكة وقيدني الحراس ، أصبحت تقريبا مثل البلاط.
من "يوميات اغوانتنامو" لمحمدو ولد صلاحي ـ ترجمة صحيفة الفجر الموريتانية