في انتظار ما قد تمطر به سماء الحوار الغائمة ، فلا بأس إذن من إبداء ملاحظات سريعة وإعطاء توضيحات بسيطة في حدود ما لدي من معلومات متواضعة ، تصحيحا لمغالطات وتوضيحا لمعلومات تم تداولها هنا وهناك عن قصد أو عن غير قصد :
1- ليس الحوار غاية ، بل هو وسيلة لتسوية الخلافات وتجاوز التناقضات أو تسييرها - على الأقل - أيا كانت درجتها أو طبيعتها بأسلوب حضاري هادئ ؛
2- على هذه القاعدة وانطلاقا منها تأسس المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة ، كإطار جامع تنتظم فيه قوى سياسية واجتماعية ومدنية ومستقلة مختلفة ، لبلورة مقاربة واضحة حول القضايا الوطنية الملحة ، والضغط على النظام بشتى الوسائل لجره إلى حوار جاد بشأنها ، يضع حدا لأزمة سياسية ومؤسسية مزمنة قد تعصف ببلادنا - لا قدر الله - في ظل صراعات دولية واضطرابات إقليمية متصاعدة ؛
3- لم ينتظر النظام طويلا ليضع المنتدى على المحك ، فاستدعى هيئة الناخبين لاستحقاق رئاسي أصدر بشأنه المنتدى وثيقة ، ضمنها شروطه للمشاركة ، وفيما بدا أنها مناورة فقط ، قبل النظام مبدأ الحوار ، لكنه رفض تقديم أي تنازلات ستضمن تنظيم انتخابات حرة وشفافة ونزيهة ولو بالحد الأدنى ؛ وهو ما استدعى انسحاب المنتدى وتحميله الحكومة وحزبها المسؤولية أمام الرأي العام . الشيء الذي كانت له نتائج إيجابية مكنت المنتدى - ليس فقط - من اقناع كل أقطابه بالمقاطعة ، بل من التأثير أيضا على أطراف أخرى شاركت في الانتخابات البلدية والنيابية حتى قاطعت هي الآخرى ، والأهم أنه كشف عدم جدية النظام للرأي العام الوطني والدولي مبررا بذلك موقف المقاطعة وهو ما تفاعلا معه بإيجابية.
3- بعد الانتخابات الرئاسية واصل المنتدى الضغط ، من خلال المسيرات والمهرجانات والمؤتمرات الصحفية والبيانات والندوات والمشاركة في البرامج الحوارية في مختلف وسائل الاعلام ، وهو ما مكن من كشف الكثير من مغالطات النظام وتلاعبه بالممتلكات العمومية وزيف ادعاءاته بشأن التنمية ومحاربة الفساد والفقر والرق والانحياز للفقراء والطبقات المهمشة.... ؛
4- في اجتماعه الأخير في دجمبر 2014 ، اتخذ المنتدى في أعلى هيئاته مجوعة من القرارات منها :
- تجديد قيادته وفقا لآلية التناوب التي حددتها وثائقه التأسيسية ؛
- تبني برنامج تعبوي لمدة أربعة أشهر ؛
- البحث عن حل توافقي من خلال حوار جاد مع النظام لحل الأزمة السياسية ؛
5- وإلى هنا نجح المنتدى في إبقاء الأزمة مفتوحة بينه وبين النظام في انتظار حل توافقي ، زادها تفاقم الوضع الاقتصادي المتردي و الاجتماعي المزري ، كارتفاع الأسعار وانتشار البطالة وسوء الخدمات ... في ظل تراجع سعر الحديد عالميا وبوادر أزمة دبلوماسية مع الاتحاد الأوربي على خلفية اتفاقية الصيد وملف الرق ، دون أن ننسى رفضه لتمويل على الانتخابات التشريعية والرئاسية أو المشاركة في رقابتهما ؛
6 – لعل هذه بعض الأسباب التي جعلت النظام يراجع حساباته ويقرر الاستجابة للحوار على النحو الذي كان يطالب به المنتدى ؛ لكن تبقى مسألة الثقة هي التحدي الأبرز ؛
7- لإثبات جديته دعا ولد عبد العزيز بمناسبة عيد المولد النبوي الشريف إلى حوار وطني شامل ، يشمل كل القضايا ويضم كافة الأطراف ، لكن هذه الدعوة لم تفهم حينها إلا في سياق المناورات التي تعودها النظام ، وهو ما جعل الرجل يجدد الدعوة في مهرجان المدن القديمة في مدينة شنقيط مؤخرا؛
8- وهذه أيضا كان الموقف منها ملتبسا ، حيث أصدرت اللجنة الاعلامية للمنتدى بيانا يعتبر الأمر خدعة جديدة ومناورة مكشوفة يلجأ إليها النظام قبيل كل استحقاق انتخابي ، وهو ما لم يرق حينها لبعض أقطاب المنتدى ، بل كاد يسبب أزمة داخله قبل أن يتمكن من احتوائها ؛
9- بدأ النظام يتصل ببعض قادة الأحزاب ، محاولا فتح قناة اتصال مع المنتدى ، وكان الرئيس محمد ولد مولود ممن تم الاتصال بهم ، غير أنه كان واضحا مع مبعوثي النظام ، رافضا أن يتحدث لقادة المنتدى بشأن أي حوار ما لم يقدم النظام دليلا مقنعا على جديته وقد أطلع رؤساء المنتدى على ذلك ؛
10- عندما لم يتمكن النظام - عبر وسطائه - من إقناع الرئيس محمد ولد مولود ليكون وسيطا بينه وبين المنتدى ، اتصل به الوزير الأول طالبا لقاءه ، فرد عليه أن الأمر إذا كان يتعلق باتحاد قوى التقدم فهو مستعد وإذا كان يتعلق بالمنتدى فيقترح الاتصال برئيسه الدوري ؛ وهو ما امتثله الوزير الأول الذي التقى في نفس اليوم بالأمين التنفيذي للمنتدى السيد محمد فال ولد بلال ، وسلمه وثيقة تتضمن النقاط التي تقترحها الحكومة والأغلبية كأساس للحوار وقد تضمنت العديد من النقاط الإيجابية التي كانت تمثل خطا أحمر بالنسبة للنظام ؛
11- المنتدى رد على تلك الوثيقة برسالة رسمية ، تضمنت رؤيته للحوار مرفقة بوثيقته التي أعدها قبل سنة ، طالبا من النظام الرد عليها باعتبارها مرجعيته الوحيدة في أي حوار ؛ ورغم تحفظ بعض الأطراف على هذا الرد فإن الجميع وافق على إرساله ، وهو ما قام به الأمين التنفيذي للمنتدى الأستاذ محمد فال ولد بلال؛
12- من بين الشروط التي اقترحها المنتدى إجراء اتصالات تمهيدية ، يتم في إطارها نقاش كل القضايا ، واختبار النوايا وحينما يتم الاتفاق على المسائل الجوهرية ، يمكن فتح حوار علني تشارك فيه كافة الأطراف ؛
13- كاستجابة لهذه النقطة اتصل الوزير الأمين العام للرئاسة د. مولاي ولد محمد لقظف -باعتباره المكلف الشخصي بهذا الملف من قبل الرئيس - بالأمين التنفيذي للمنتدى ذ. محمد فال ولد بلال وأخبره عن جاهزية الحكومة والأغلبية لاستقبال لجنة المنتدى ؛
14 - اجتمع قادة المنتدى لاقتراح هذه اللجنة ، لكن بعضهم أعاد طرح جدوى الحوار مع النظام مجددا ، وهنا بدأت مرحلة أخرى من النقاش لا زالت متواصلة.