ولد صلاحي: وكان أقصى المتعة أن ينظر السجناء إلى بعضهم

أربعاء, 2015-02-11 00:50

كان باديا  أن مثل هذا الرجل هو المناسب لمثل هذه المهام فقد كان رجلا من الذين لا يشمئزون من مثل تلك الأفعال المشينة. في باغرام السجناء الملقبون ..... .ووفق بعض المصادر فإن أولئطك السجانين نكلوا بالكثيرين حتى من البراء الذين أطلقت الحكومة سراحهم لاحقا.

.... لم يكن يحتاج لأن يأخذ بيدي لأنني كنت مقيدا بقيود حديدية 24 ساعة على 24 ساعة، كنت أنام وآكل وأشرب وأذهب إلى الحمام وأنا بقيودي التي تعيق حركة يدي ورجلي.

فتح... ملفا وبدأ في التحقيق معي بواسطة المترجم وكانت كل أسئلته في البداية تدور حول مواضيع عمومية تخص حياتي الشخصية والماضي من تاريخي في هذا الكوكب الذي وجدتني لأول مرة في أكثر أماكنها سوءا.

وحين سألني المترجم عن اللغات التي أتحدث كان جوابي أنني أتحدث اللغة الألمانية مفاجئا أكثر من الممكن للمحقق والمترجم في آن معا حيث طالبا بالتأكد من ذلك عبر أحد أفراد الفريق الذي كان يتحدث تلك اللغة وكانت خلاصة ذلك أن العضو أكد أنني أتحدث لغة ألمانية ....

..............................................................................................................

..........................................................................................................

.....................................................

كانت المحادثة كافية لأن يعتبرني الاثنان كشخص "محترم" حيث كان التأكد من حقيقة حديثي باللغة الألمانية كافيا لأن أجد القليل من التقدير، رغم أن هذا القليل لم كن كافيا لأخرج من بين ثنايا غضب ....

وقد سألني أين تعلمت الحديث بالألمانية؟ ليواصل ـ دون أن يسمع الجواب مني ـ قائلا سنكمل التحقيق لاحقا.

"وابربيبت ماربي فري"، الحقيقة تصنع الحرية يقول ........

حين سمعت حديثه عرفت أن الحقيق ليست هي التي ستطلق سراحي فالعمل لم يطلق سراح اليهود لأن البروبغانادا "الهيتليرية"، حاولت جاهدة أن تبرر أخلاقيا اعتقال اليهود عبر شعار "اربيت ماشت فري" ( العمل يجعلك حرا)، رغم أن العمل لم يطلق سراح أي يهودي من سجون هتلر.

كان .... يخربش  بعض الكلمات  في مفكرة بين يديه قبل أن يخرج من القاعة ليخرجني بذلك إلى غرفتي متوجها بالاعتذار إلى المترجم قائلا آسف لأنني دفعتك للسهر الليلة ليجيب الآخر قائلا لا مشكلة في ذلك.

بعد أيام من الحبس الانفرادي سمح لي بأن أن أنقل إلى جانب السجناء الذين ألفتهم عن بعد وأنا في العزل الانفرادي حيث كانت الفسحة التي أقضيها في الممر الصغير الفاصل ما بين الأسلاك الحديدية والشبابيك كافية لأن ألقي عليهم بين الفينة والأخرى نظرة تدفعني لأن آلفهم خصوصا وأن خروجي من الحبس الانفرادي كان بالنسبة لي بمثابة الخروج من السجن فقد دمعت عيناي وأكثرت من حمد الله جل وعلا فبعد أكثر من ثمانية أشهر من العزل الانفرادي ها أنا أجدني الآن أمام رفاق من المساجين يقبعون تحت طائلة ظروف مشابهة للظروف التي أجدني أعيش ثوانيها لحظة بلحظة حيث كان المعتقلون السيئون من أمثالي يقضون 24 ساعة في كل يوم وهم مقيدون بالقيود الحديدية ولا يسمح لهم بالحركة إلا في ممر ضيق يقبعون فيه تحت قبضة أحد الحراس وهم يعيشون في كل ثانية آلام الكدمات التي تحدثها الأسلاك الحديدية في جلودهم كل ما لامسوا الشباك الحديدية.

رأيت في محنتي هذه ....... وهو يرغم من قبل أحد الحراس على التغذية وقد دخل في يومه الرابع والخمسين من الإضراب عن الطعام وفي يد حارسه قطعة من الخبز.كانت آثار التعب بادية على عينيه كأنما أخرج لتوه من قبر قضى فيه عدة أيام، ولم يكن ذلك ليحرك ساكنا في ضمير ...  إلا أن صورته كانت بالنسبة لي أكثر من صادمة فقد ذكرتني بوثائقي يسجل الانتهاكات التي ارتكبت في حق بعض معتقلي الحرب العالمية الثانية.

لم يكن يسمح للسجناء بالحديث في ما بينهم إلا أننا كنا نجد أقصى ما يمكن من المتعة في النظر إلى بعضنا البعض حيث كانت عقوبة الإقدام على عدم احترام التعليمات القاضية بعدم الحديث في ما بيننا هي التعليق بالأيدي بحيث تكاد الأقدام تكون غير ملامسة للأرض.

لقد رأيت ـ يقول ولد صلاحي ـ أحد المعتقلين الأفغان وهو يفقد للمرة الثانية وعيه قبل أن يعالجه أحد الأطباء علاجا يسمح له بالعودة لنفس النمط من التعذيب رغم أن بعض المعتقلين المحظوظين قضوا فترات قليلة تحت طائلة هذا النمط من التعذيب قبل أن يطلق سراحهم وتطلق لهم أيديهم وأرجلهم في عالم تكون حرية اليدين والرجلين كافية من الإحساس باكتمال الحرية.

 

ترجمة : صحيفة الفجر

اقرأ أيضا