منصة الفيس بوك

استطلاع حول الرئاسيات القادمة

لمن ستصوت في الرئاسيات القادمة؟

يدفعون الإتاوات ويعيشون منسيين في خنادق الموت.. من يتحمل حصد أرواح المنقبين؟

سبت, 2021-07-17 11:38

"الشروق ميديا" - حرب الإنسان مع الطبيعة القاسية حرب سرمدية منذ ما قبل اكتشاف النار والماء، فهو ينتصر عليها ويطوعها ثم ينهزم أمام جيوشها الجرارة مخلفة ضحايا بالآلاف يخوض الإنسان غمار البحر اللجي المتلاطم فينتصر ويكتشف اللآلئ ثم ينهزم ويغرق ويموت. وفي المعركة ينحت الصخور الصماء ويوقد النار عليها أحيانا ليكتشف كنوز الذهب بثمن غال يؤدي إلى موت رجال في ريعان شبابهم.
هكذا وجد فريق "الشروق ميديا" نفسه شاهد عيان على فصل من فصول تلك المعركة المتطاير غبارها منذ زمن في عدة مناطق موريتانية وتحديدا في تيرس، تلكم الولاية المترامية التي كانت قِبلة المنقبين منذ فتح "كليب اندور" و"الشكات". ذرعنا هذه الولاية شرقا وغربا وشمالا سامرنا شيبها وشبابها وحتى أطفالها المهاجرين هنالك مع بداية "موسم الهجرة إلى الشمال" فكنا نعايش القصص المدمعة التي تستحق كل واحدة منها تقريرا إنسانيا مستقلا.
في تيرس كما في إينشري يألف المنقبون الموت يوميا وينتظرونه تحت خنادق النار. يتيهون في الصحراء فيموتون عطشا. يمرضون فلا يجدون مسعفا فيموتون، وهكذا أصبح في بلادنا خبر "وفاة منقبين " من الأخبار المألوفة العادية بل إن كبريات الصحف قد لا تنشر هذا الخبر لأن قيمته الخبرية تكان تكون "منعدمة" لديها!
فمن يا ترى يتحمل مسؤولية ما وصلت إليه أرواح مئات الشباب والشيوخ الموريتانيين من تجاهل؟ ومن المسؤول عن حوادث الانهيار المتكررة والتي تؤدي إلى مقتل مجموعة عند كل انهيار شهري تقريبا هذا بالإضافة إلى شهداء التيه الصحراوي الذين قضوا نحبهم بسبب العطش وانعدام وسائل الإنقاذ؟

بداية القصة 
يبدأ أول فصول القصة المأساوية بشاب موريتاني عاش أيام البطالة ولياليها الطويلة قبل أن يسمع القادمين من غيوم تيرس يتحدثون عن "عرق" ذهب منفجر فيهرع إلى مدينة ازويرات حيث مكان المؤسسة الوصية "معادن موريتانيا". هنالك تأخذ المؤسسة كاملة غير منقوصة "حقوقها" الملزمة لكل منقب وهي:
ـ 10.000 أوقية قديمة عن كل شخص يريد دخول مناطق التنقيب.
ـ 50.000 أوقية قديمة عن كل سيارة هيلكس.
ـ 200.000 أوقية قديمة عن كل سيارة شحن كبيرة (كميون).
وهكذا يودع الشباب المؤسسة الوصية ويذهبون إلى تلك الصحراء البعيدة بحثا عن حبيبات ذهب. إلى هنالك في صحراء تيرس المترامية يلقي الشباب بأنفسهم في مسافة تمتد 800 كلم من ازويرات، ومن يصل من هؤلاء يبدأ في حفر خنادق الموت، وتلك قصة أخرى. 

القتلى يتضاعفون
ما لا يقل عن 100 شخص لقوا حتفهم بحسب وسائل الإعلام الموريتانية، وقد تضاعفت الحوادث خلال العام الأخير حتى قارب عدد الضحايا ثلاثين شخصا، وهو عدد كبير مقارنة مع الأعوام الماضية. 
ويقول بعض الناشطين في مجال التنقيب إن سبب تضاعف القتلى هو التسيب الذي أرسته مؤسسة "معادن موريتانيا" خلال افتتاح "الشكات"، حيث إن حوادث السير تضاعفت خلال الانطلاقة الأولى كما أن غياب الرقابة وغياب فرق مكونة على الإسعاف تسبب في ارتفاع عدد الضحايا.

من يتحمل المسؤولية؟
في ظل ارتفاع عدد القتلى فإنه لا توجد حتى الآن جهة رسمية ولا غير رسمية تتحمل مسؤولية هذا الوضع الذي يصفه منقبون بـ "الكارثة" والمنذر بمزيد من الضحايا، ومن التقينا من المنقبين يحملون المسؤولية الكاملة لمؤسسة "معادن موريتانيا" بوصفها الوصية عليهم.
يقول محمد بركه وهو منقب في "مجهر البير": إن "معادن"، هذه الشركة التي أخذت مني خمس بطاقات وهي بحوزتي، لم تأخذ بالحسبان أننا نمرض ونهلك بالعطش. ثم إن غياب رقابتها على الآبار جعل المنقبين يحفرون الخنادق بدون معايير السلامة. وبالمختصر ـ يقول محمد ـ هذه المؤسسة تتحمل كامل المسؤوليات.
السيد (أ م ع) وهو مريض تم إسعافه من مجهر "امجيحدات" ـسنروي قصته الإنسانية في تقرير مستقل- صرح لنا بأن مؤسسة "معادن" التي تفرض عليهم الإتاوات والوصية عليهم هي من يتسبب في كوارثهم الصحية ولا توفر لهم سيارات إسعاف في حالة المرض أو حالة الانهيارات المفاجئة. 
ومهما يكن فإن هذه الحوادث لا يمكن أن تتبرأ السلطات الإدارية والمؤسسة الوصية منها، حيث إن إجراءات من قبيل تكوين فرق لإنقاذ الضحايا وإسعافهم، وإنشاء شبكات اتصال سريعة غير شبكة الثريا السائدة هنالك، وفرض الصرامة في معايير السلامة كمنع الأنفاق القاتلة المعروفة بـ "كوموغو"... من شأنها أن تحد من هذه الحوادث وتخفف نزيف الأرواح، كما يرى بعض المنقبين.
المختار بابتح

اقرأ أيضا