على السريع
1 ـ التغيير ليس صفة مذمومة، بل المذموم هو عدم التغيير، فما دام الزمن يتحرك، وما دام كل شيء من حولك يتغير، فهذا يستدعي منك أنتَ أن تتغير؛
2 ـ التغيير المذموم هو أن تُغَير مبادئك، والتغيير المطلوب والذي يعتبر ضروريا هو أن تغير وسائلك لتحقيق تلك المبادئ كلما تغيرت الظروف من حولك؛
3 ـ مواقفك السياسية يجب أن تحكمها المصلحة العامة لا المصلحة الخاصة، ويجب أن تدور هذه المواقف مع المصلحة العامة، فإذا اقتضت تلك المصلحة ـ حسب رؤيتك ـ أن تعارض بحدة فعارض بحدة، وإن اقتضت أن تهادن في معارضتك فهادن؛
4 ـ تَغَير المواقف السياسية يعتبر مذموما إذا كان سببه هو السعي إلى تحقيق مصلحة خاصة، ويكون هذا التغير مطلوبا، بل وعملا نضاليا نبيلا، إذا كان سببه السعي لتحقيق مصلحة عامة؛
5 ـ النظام الحاكم هو الذي يحدد في العادة طبيعة معارضته، ففي ظل بعض الأحكام قد لا يكون لدى المعارضة من وسيلة لإيصال هموم المواطنين غير الاحتجاج في الشارع، وفي ظل أحكام أخرى قد تتاح لها وسائل أخرى...المهم في النهاية أن توصل المعارضة هموم المواطنين إلى السلطة الحاكمة ..هذه هي الغاية التي يجب أن لا تتخلى عنها المعارضة أبدا، أما وسائل تحقيقها فيمكن تغييرها كلما تغيرت الحالة السياسية في البلد؛
6 ـ قد يطرح البعض هذا السؤال : هل حققت المعارضة بعض مطالب المواطنين من خلال الوسائل غير الاحتجاجية التي تتبع الآن؟ من قبل أن أجيب على هذا السؤال سأطرح سؤالا آخر : وهل تضمن الاحتجاجات تحقيق تلك المطالب...فعلى سبيل المثال قادت المعارضة الموريتانية احتجاجات كبيرة ضد تغيير العلم القديم والذي كان يتمسك به جل الموريتانيين إن لم أقل كل الموريتانيين، وكذلك قادت احتجاجات كبيرة ضد إلغاء مجلس الشيوخ ...السؤال المطروح : أين العلم القديم الآن وأين مجلس الشيوخ؟
نعم لقد حققت المعارضة خلال السنتين الماضيتين ـ ودون أن تحتج ـ بعض مطالبها التي لم تستطع أن تحققها خلال عقد كامل من الاحتجاج، وكمثال على ذلك فيمكن أن نذكر محكمة العدل السامية وهي هيئة دستورية ظلت مغيبة خلال السنوات الماضية؛
كما يمكن أن نذكر قانون الجنسية الذي تمكن نواب المعارضة من تعديله، وقانون حماية الرموز الذي تمكنوا من تأجيل نقاشه ...حدث ذلك دون أن تحتاج المعارضة لتنظيم احتجاجات سيغيب عنها ـ وبكل تأكيد ـ 90% من الذين ينتقدون اليوم المعارضة على أنها لم تحتج.
7 ـ لا شيء في هذه الحياة أسهل من الإدمان على كتابة المنشورات التي تلعن الحكومة والمعارضة والمجتمع بأكمله، ودون فعل أي شيء إيجابي على الأرض، ولا شيء أسهل من أن تُظهر نفسك على أنك أنت هو المواطن الصالح الوحيد في هذا البلد ( والله وحده يعلم حالك)...لا شيء أسهل من ذلك، ولكن الشيء المؤكد أن ذلك لن ينهض بالبلد، فمتى كانت السلبية والعدمية والإساءة تنهض بالدول؟