عمليا عندما توقف دوريات تنفيذ حظر التجوال أحد الأشخاص-غالبا أصحاب السيارات- تسحب منهم مفاتيح السيارة بعد ركنها، وتطلب منهم المغادرة سيرا على الأقدام، فهل هذا الحظر مشروع من الناحية القانونية؟ وماهي عقوبة مخالفته قانونا ؟ تجدون أدناه سبع نقاط حول الموضوع:
1-حظر التجوال الصحي إجراء متخذ طبقا للأمر القانوني رقم 001/2020 الصادر 05 مايو 2020 المتعلق ببعض الإجراءات الضرورية لمكافحة وباء كوفيد 19، وذلك استجابة لقانون التأهيل رقم 04/2020 الذي يسمح للحكومة تطبيقا للمادة 60 من الدستور باتخاذ أوامر قانونية تتضمن جميع الإجراءات الضرورية لمكافحة كوفيد 19، وقد تم تصديق الأمر القانوني 001/2020 من طرف البرلمان بالقانون رقم 019/2020، فهو بذلك قانون سليم نافذ.
2-خولت المادة 3 من هذا الأمر القانوني للجنة الوزارية المكلفة بمتابعة وباء كوفيد 19 أن تتخذ إجراءات من بينها فرض حظر التجوال، ونصت المادة 4 منه على أن قرارات اللجنة تطبق بمراسيم أو مقررات أو تعميمات، وفي هذا الاطار تدخل مقررات وزير الداخلية الفارضة لحظر التجوال، فهي بذلك شرعية.
3-نصت المادة 6 من هذا الأمر القانوني على أنه يعاقب كل من يخالفه حسب طبيعة المخالفة بالإعادة القسرية الفورة، أو تطبيق إجراءات المنع من الحرية لمدة لاتتجاوز 48 ساعة.
4-بالنسبة لعقوبة الإعادة القسرية الفورية هي عقوبة غير دستورية، وتخالف كل المبادئ القانونية الراسخة التي تمنع الإكراه المادي على القيام بفعل معين، وتستبدله بعقاب الممتنع عن القيام به، أو تطبيق غرامة تهديدية عليه يغرم بموجبها غرامة تتضاعف مع حساب زمن الاستمرار في الامتناع، ثم إن الإعادة القسرية عقوبة ممتنعة عمليا.
5-أما بالنسبة للحبس الذي لا يتجاوز 48 ساعة فهو عقوبة تدخل في مجال المخالفات، لكن يلزم أن تكون مصحوبة بغرامة جزافية طبقا للمادة 484 من قانون الإجراءات الجنائية، فتنقضي الدعوى العمومية بدفع الغرامة الجزافية، غير أنه إذا كان المخالف في حالة عود أو تم حجز بعض الأشياء أو امتنع المخالف عن دفع الغرامة أو إذا كان العون محرر المحضر ليست له صلاحية قبض الغرامات الجزافية، فإن المخالف يتابع أمام محكمة المخالفات، التي هي محكمة المقاطعة (توجد تسع محاكم مخالفات في نواكشوط).
6-الجمع بين العقوبة الحبسية والغرامة الجزافية بالنسبة للمخالفات المتعلقة بمكافحة كوفيد 19 هي المتبعة في كل الدول التي اطلعت على أنظمتها في هذا المجال: المغرب، تونس، فرنسا، مصر، السعودية، إطاليا، اسبانيا...الخ، وهي التي تنسجم مع نظامنا القانوني الذي يعاقب المخالفات بالغرامة والحبس كما رأينا، لذلك أدعو الحكومة والبرلمانيين إلى مبادرة عاجلة لتعديل المادة 6 من الأمر القانوني المذكور، من أجل إلغاء عقوبة الإعادة القسرية واستبدالها بغرامة جزافية.
7-قد يحسب البعض أن العقوبات الواردة في هذا القانون تدخل في مجال الضبط الإداري، وليس الأمر كذلك، إذ هي صدرت بنص تشريعي لم تؤهل الحكومة لإصداره إلا بقانون تأهيل على أساس المادة 60 من الدستور، وتمت المصادقة عليه من البرلمان لاحقا، ولو كان ضبطا إداريا لتأتى اتخاذه استنادا على القانون رقم 054-59 أو الأمر القانوني رقم 101/62 المتعلقين بالنظام العام، ثم هو يصرح بأنها عقوبات والعقوبات السالبة للحرية هي اختصاص حصري للقضاء الذي هو حامي حمى الحريات الفردية طبقا للمادة 91 من الدستور، أما إجراءات الضبط الإداري فهي –وإن مست من الحريات- تظل إجراءات وقائية لاعقابية.