[المقدمة]
للهِ حَمدي، وصلاتُه عَلى
محمدٍ وآلِه ذَوِي العُلا
وبعدُ: قدْ أوْلاكَ ربِّي نِعَمَهْ
فلا تَكُنْ عنْ شُكْرِهنَّ ذا عَمَهْ
مِنْها – أخِي- بَرنامَجُ الوَتْسابِ
وهْو إلى الحدَّيْن ذُو انتِسابِ
لا يَنبغِي في عَصْـرِنا إهمالُهُ
لا سيَّما إنْ أُحسِنَ استعمالُهُ
***
[من فوائد الوتساب]
قد شُغِلَ الأَنامُ بِالوَتْسابِ
ذا العَصْـرَ، فَهْوَ لِلعُقولِ سابِ
وَهْوَ –وَلا رَيْبَ- عَظِيمُ الفائِدَهْ
لِمَنْ يَكُونُ الخَيْرُ فيهِ رائدَهْ
فلا يَفُتْكَ، بلْ فِناءَهُ اقْتَحِمْ
فهْوَ وسيلةٌ إلى وَصْلِ الرَّحِمْ
«يُقرِّبُ الأقصَـى»، ويُدْنِي الأبْعَدا
فَكَمْ بِوصْلٍ قدْ حَبا، وأسْعَدا
وكمْ يَبُثُّ فِيهِ كلُّ ماهِرِ
مِنْ فِقْهِه نَفائسَ الجَواهِرِ!
تَلْتَقِحُ الأَفْهامُ والعُقولُ
فيهِ، كما تُنْتَخَبُ النُّقولُ
تَقْرَأُ أوْ تَسْمَعُ فيه الدُّرَرا
لا تَخْتَشِـي مِنْهُ أذًى أوْ ضَرَرا
ومعَ ذاكَ صَفْوُه قد يَكْدُرُ
بما مِنَ الأخْطاءِ فيه تَصدُرُ
***
[وصايا وضوابط عامة]
وهَذِه – يا إخْوَتِي- وَصِيَّهْ
ليْسَتْ على الْمَعْنِيِّ بالعَصِيَّهْ
فِيها ضَوابِطُ ذَواتُ نَفْعِ
مَنْ يَتَّبِعْها حازَ حُكْمَ الرَّفْعِ:
اِسْتَصْحِبَنْ في النِّيةِ الإخْلاصا
واللهَ سَلْ مِنَ الرِّيَا خَلاصا
اِحْرِصْ على النَّفْعِ والِاسْتِفادَهْ
وأحْسِنِ التَّوْدِيعَ والوِفادهْ
واشْكُرْ لِكُلِّ مَن يُفِيدُ فائدهْ
فالشُّكْرُ لِلْمُفِيدِ نِعْمَ العائدهْ
وجُدْ بِما اللهُ عليكَ مَنَّا
عِلمًا وحكمةً، يَزِدْك مَنَّا
اِعْتَنِ باللُّبابِ في المنشُورِ
لا تَكْتَرِثْ – أُخَيَّ- بالقُشُورِ
اِنْتَقِ ما يُفِيدُ مِن مَّنقُولِكا
وضَمِّنِ الحِكْمةَ في مَقُولِكا
وكُنْ لِّما تَنقُلُه محقِّقا
وما بِه مِنْ خَطَإٍ فدَقِّقا
اُعْزُ النُّقُولَ، خَرِّجِ الآثارا
لا تَتْرُكَن لِّنَقْدِها مُثارا
إيَّاكَ والمشتهِرَ الضَّعِيفا
مِنْها، وما لِعِلَّةٍ قدْ عِيفا
لا تَحْكِ صَوتًا، أوْ تُسَوِّدْ دَفْتَرا
بالخبَرِ الضَّعِيفِ، بَلْهَ المفتَرَى
وجاءَ في البابِ حَدِيثُ: «مَنْ كَذَبْ»
فِيهِ وَعِيدٌ عَنْ حِمَى السُّنَّةِ ذَبّْ
والنَّقْلُ إنْ كانَ وَفَى بما فَرَطْ
وطالَ، فالإِيجازُ فيه يُشْتَرَطْ
وغُصْ أخي لِلبحثِ في الحقائقِ
واكْشِفْ حِجابَ خُرَّدِ الدَّقائقِ
وابْعَدْ عَنِ المسائلِ العِواصِ في
طَرحِكَ، إذْ تُضِيعُ وَقْتَ الواصِفِ
لا يَبْدُ منكَ الساقِطُ المستَفْحَشُ
مِنَ اللُّغا، والغامِضُ المستَوْحَشُ
إيَّاكَ والمآثِمَ الذَّمِيمهْ
كالزُّورِ والغِيبَةِ والنَّمِيمهْ
لا تَكُ في النِّقاشِ ذا اجْتِراءِ
وابْعَدْ عَنِ العِنادِ والمِراءِ
لا تأتِيَنْ فيه بِما قَدْ يُكْرَهُ
وما يَفُوتُ لا تُجدِّدْ ذِكْرَهُ
لا تُكْثِرِ الإِلْحاحَ، والتَّسَخُّطا
واعْذُرْ أخاكَ إنْ بَدا مِنْهُ خَطا
مَنْ يَجعَلِ الصُّحبةَ كالنُّخَالهْ
فأحْرِ أنْ يَبْقَى ولا أَخا لَهْ
لا تُثْقِلِ الهواتِفَ الذَّكِيَّهْ
بِنَشْـرِكَ المقاطِعَ المرْئِيَّهْ
وَاعْزِفْ عَنِ القِيَانِ والمعازِفِ
تَوَرُّعًا، لِلَّهِ دَرُّ العازِفِ
لا تَنْسَ ما في (العَصْرِ) مِنْ تَواصِ
بالحَقِّ والصَّبْرِ، دَؤُوبٍ واصِ
واعْلَمْ بِأنَّ أيَّما مجمُوعَهْ
ذاتُ قَوانِينَ تُرَى مسمُوعَهْ
قانُونُها يَلْزَمُ أنْ يُراعَى
ومَنْ يُراعِهِ فلنْ يُراعا
أحْمَدُ مَوْلايَ أنِ النَّظمَ اسْتَتَمّْ
مُصَلِّيًا عَلى مَنِ الرُّسْلَ خَتَمْ