فتحت الشرطة الموريتانية تحقيقا، حول أنشطة عصابات تزوير وثائق الأراضي في العاصمة نواكشوط. هذه العصابات التي تنشط منذ بعض الوقت، حيث تعمد إلى تزوير وثائق الأراضي بطريقة محكمة، أدت لعديد المشاكل في مناطق متفرقة من العاصمة، خصوصا في مقاطعات: تيارت، لكصر وتفرغ زينه،
حيث تركز العصابات أنشطتها هناك، فتقوم بتشريع أراضي بوثائق مزورة، وتقوم بإعداد مخططات وهمية، كما حدث عندما أقدم مقرب أحد الولاة السابقين لنواكشوط، على إعداد مخطط عمراني لمنطقة شمال مقاطعة تيارت تعرف بـH3، فجاء هو بمخطط آخر في المنطقة المقابلة لها، وقام بالبدء في بيعه بنفس المنطقة، في الوقت الذي يتعلق ذلك المخطط بـ "ليزونh8سوكوجيمdb. 3واللافت أن الأوراق المتعلقة بملكية هذه المنطقة كلها من توقيع نفس الوالي المقرب منه السمسار المشار إليه. وقد تسببت في أزمة عقارية، لم تتجاوب السلطات الإدارية في المقاطعة معها التجاوب المطلوب، فتظاهر العشرات المتضررين من العملية أمام مباني مقاطعة تيارت، دون أن يجدوا التجاوب المطلوب مع تظلمهم مما تعرضوا له
عصابات التزوير والسمسرة تتصارع فيما بينها، ويعمد كل منها إلى الإيقاع بالآخر، من خلال إرتباطاته الأمنية والإدارية، وهو ما يجعله عرضة للمضايقة. فكل عصابة تحظى بدعم داخل الأوساط الإدارية والأمنية، فزعيم إحدى المجموعات يتوفر على دعم والي سابق مازال يقوم معه بأعماله ويوفر له خاتمه الشخصي الذي كان يوقع به الوثائق، وهو الوالي الوحيد الذي لم تتمكن عصابات التزوير من التمكن من تقليد توقيعه، وهو ما وجدته مافياه فرصة مناسبة فأصبحت توفر الوثائق بإسمه، إلا أنها لم تنتبه إلى أن أراضي وثرت وثائقها بإسمه لم يتم توزيعها خلال فترة توليه ولاية نواكشوط. ويحظى زعيم هذه العصابة بدعم بعض المسؤولين الإداريين حاليا، كما أنه إستطاع أن تكون له صلة بموظف في إرشيف ولاية نواكشوط يقوم بالتسجيل من خلاله للوثائق التي يعدها، حيث كشفت بعض المصادر أن هذه السجلات تترك فيها فراغات، يتم التسجيل فيها للوثائق التي يتم إعدادها من طرف عصابات التزوير، وقد ضبط هذا الموظف السنة الماضية وهو يحاول تسجيل بعض الملفات، وهو ما أدى لزعزعة الثقة فيه داخل ولاية نواكشوط، بعد أن كان يحظى بدعم مسؤول إداري بولاية نواكشوط، تقلصت الصلاحيات الممنوحة له عقب ذلك.
أما المجموعة الثانية فهي تقوم بإعداد وثائق بإسم والي سابق آخر لنواكشوط، والوثائق التي تقدمها لا تجد لها أية مرجعية إلا في مقاطعة تيارت وحدها ولا أثر لها في سجلات ولاية نواكشوط، كما أن وثائقها تتميز بأن أراضي عديدة مرخصة من طرفها، في نفس اليوم وهو: 31-12-2007، 31-12-2008، و31-12-2009، وأخرى مؤرخة في الأشهر: السادس والثامن والتاسع من 2009.
مافيا السمسرة المتعددة، تمكنت من إختراق "اللجنة المكلفة بتسوية المنح العقارية التابعة للوزارة الأولى"، التي أصبحت مجرد أداة في قبضتها، تنفذ من خلالها "مخططاتها" الوهمية، كما أن لهذه المافيا يد طولى في إدارة أملاك الدولة، حيث تحظى بثقة تامة هناك، فتفتح لها الأبواب بشكل سريع،هي ومن جاء من خلالها، ومن قدم إلى الإدارة من خارجها، فإن مصيره انتظار المصير المجهول، لأنه لا أحد يتجاوب معه في الوقت المناسب. وقد كشف النقاب عن إعداد رخص تحمل أرقام وهمية، وتحاكي توقيعات ولاة سابقين، لا توجد في السجلات المعتمدة لدى ولاية نواكشوط. وبدلا من أن تكلف إدارة أملاك الدولة، نفسها التدقيق في العملية بالتنسيق مع الولاية، التي تتوفر على جزء من الإرشيف، الذي كلف تجهيزه الدولة جهد مادي معتبر، فإنها تقوم بالتأشير على رخص الحيازة بهدف التسديد عنها، وذلك دون الرجوع إلى السجلات الرسمية لدى الولاية.
وفي سياق متصل آخر، تعمد هذه المافيا إلى إعداد مخططات عمرانية وهمية، دون أي تنسيق مع الحكام والولاية ووكالة التنمية الحضرية، ومن خلال ذلك تقوم بتشريع أراض في مناطق متفرقة من العاصمة، بتسهيلات من موظفين بوزارة المالية وبإدارة العقارات بشكل خاص، وأصبح الشغل الشاغل لهذه المافيا هو تزوير وثائق القطع الأرضية لصالح زبنائها، الذين يقدمون مبالغ مالية معتبرة، فيما كشف النقاب أن رؤساء مصالح قديمين بوزارة التجهيز، هم من يرعون التزوير والتحايل على المواطنين. واللافت للنظر، أن عصابات التزوير، لم تنتبه في وثائقها التي تعدها، إلى أن المناطق التي يتحدثون عنها، لم يتم تخطيطها في عهد أولئك الولاة، الذين زورت توقيعاتهم من طرف المزورين.
إلا أن بعض المراقبين يتساءلون عن الطريق الذي سيسلكه التحقيق المقام به حاليا، فهل سيطال الأشخاص الذين يوفرون الحماية لهذه العصابات، أم انه سيتوقف عندما يصل إليهم؟؟.
ميادين